غرقت في الظلام، وغرقت في الجوع، وغرقت في الدمار، وغرقت في الدموع ... واليوم تغرق في أنهار من الدماء الطاهرة الزكية... يخجل القلم وينطوي على نفسه معلناً ضجره وعجزه عن تدبيج بضعة كلمات تحاول الاقتراب من التعبير عن كنه ما في القلب والجوارح... إلى متى تظل نكذب على أنفسنا، نحاول تغطية تقصيرنا بمقال هنا وخطبة حماسية هناك، هلاَّ تركنا أساليب التمثيل والتهريج... فلنخرج إلى الشوارع والساحات نكفر عن ذنوبنا، نكفر عن إشراكنا في قتل غزة وذبحها. فلنخرج لنصيح بملء أفواهنا: أيها الحكام العملاء.. دعوا غزة... ارفعوا أيديكم عنها... اتركوها وشأنها. أيها المتبجحون بإرسال بعض الأغذية والأدوية، لا تمنوا وتستكثروا. إن كنتم صادقين فأرسلوا بعضاً من أسلحتكم إليهم.. أرسلوا بعضاً من هذه الأسلحة المكدسة التي صدئت، أو تلك التي تستخدمونها في قمع شعوبكم... أما استفز العرب والمسلمين مئات الشهداء تسيل دمائهم في هذا اليوم وأضعاف أضعافهم من الجرحى؟ أين علماء الدين الذين تثور ثائرتهم لأتفه الأمور؟ أين علماء الحيض والنفاس– كما سماهم مذيع قناة الأقصى– والغصة تخنقه...؟ صهاينة العرب هم أشد فتكاً بغزة من صهاينة اليهود.. صهاينة العرب يحاصرون غزة مع سبق الإصرار والترصد.. صهاينة العرب يعادون المقاومين أكثر من غيرهم.. صهاينة العرب لا يسمحون بتعبير الشعوب عن غضبها.. في اليمن خرجت نسوة في الجمعة الماضية للمطالبة برفع الحصار عن غزة فتولى رجال الأمن المهمة بدلاً عن إسرائيل واعتدوا عليهن.. ثم خرجت صحف يمنية متصهينة كصحيفة الشموع اليمنية لتتحدث عن أن المظاهرة النسائية من أجل غزة لم تكن سوى ضغط إيراني ضد القاهرة. واجب المسلمين... واجب العرب... واجب اليمنيين: الخروج إلى الشوارع.. جمع الأموال للمقاومين في غزة.. الدعاء لهم.. هذا أقل الواجب.