يقول مثل صيني: "أن ما هو أكثر قيمة من الذهب بالنسبة إلى أي شخص منا، هو أن ينظر حوله ويصحح أخطاءه.. فذلك أغلى من الذهب"- وطبعا مع الأزمة المالية العالمية وانخفاض سعر الذهب- تصبح هذه الحكمة أكثر قيمة! ولا أنكر أني دوما مغرما بالحكمة الصينية وانتظر التنين الصيني ليعيد لهذا الكوكب توازنه ويؤكد أن الحكمة باقية في الشرق . واذكر أني كنت في جنيف قبل أكثر من عامين وأحضر احد جلسات الأممالمتحدة التي تمتد حتى المساء. وفي المقهى داخل المبنى كانت فتاة صينية رائعة بجانبي وأثارني اهتمامها بالدفتر الصغير بين يديها والقراءة الدقيقة وبدأ فضولي واضحا لأني قادم من (( أمة عربية تعتبر الفضول)) سمة إنسانية ضرورية. وبالمناسبة نحن الشعب الوحيد في العالم الذي يقتله الفضول، فأنت إذا جلست في مقهى لا تخرج بدون أن يكمل الجالس معك في الطاولة تحقيق لا ينتهي، ويعرف أصلك وفصلك، أما إذا ركبت دباب- أبو مشوارين طبعاَ- فلا بد أن تنزل وقد عرفت قصص وحياة نصف الركاب وشكواهم من الحكومة وقلة المعاش وقهر الزوجات وحتى استعباد المؤجرين. واليمني تعرفه من الأسئلة التي يوجهها لكل غريب ومنذ اللقاء الأول، ولو كان لقاءا عابراَ.. فأنت بمجرد أن تلقي عليه السلام تحاصرك قائمة الأسئلة الفضولية المتتالية.. من أين الأخ؟! من بيت من؟! أين تشتغل؟ كم معاشك؟! متزوج؟! معاك جهال؟! ولا يتركك بحالك أبدا بل يطاردك بالأسئلة.. حتى تعترف أو تهرب أو تترك عادة البدء بالسلام والكلام! وتؤمن من أعماقك أن ألحكمه القائلة بأن "الصمت من ذهب" لم تكن عبطاَ، وإنها جاءت من حكيم صيني تم حصاره في مقهى داخل سوق القات أو في دباب الخط الدائري حتماَ!! ولن انسي ما حييت يوماَ وأنا في صنعاء أتسلى بقراءة خطاب من صديق وأنا راكب دباب وعندما هممت بقلب الصفحة رأيت رأساَ تتدلى من فوق كتفي وتنهرني.. أن أتريث.. لأنه لم يكمل القراءة معي!! وكان الراكب في الخلف (يمط) رقبته ليتابع ما أقراه بكل جراءة.. ويردد: لحظه يا خبير باقي سطر!! ولن أستمر في الحديث "عن الفضوليين" حتى لا افقد أعصابي أكثر من ذلك.. و أعود إلى الصينية الجميلة وحكمة الشرق الجميل.. فقد ردت على نظرات الفضول التي رمقتها بها قائلة بأنها تعمل قائمة مراجعه (تشيك ليست) أي قائمة تحقق عن أي خطأ ارتكبته في يومها من أجل تصحيحه فوراَ!! وأردفت هذه حكمة صينية قديمة، فلا بد أن يراجع المرء نفسه ويصلح أخطاءه يومياَ. وأعجبتني "ألحكمه الصينية والحكيمة الصينية أيضا "! ولكن لم أعمل في حياتي أي قائمه "مراجعه" أبداَ لأننا باختصار في أوطان تحاصرنا الخطايا وليست الأخطاء، فقط. فأنت ترى من يصل به الأمر من الافتراء إلى درجة إزهاق الأرواح.. ثم يجد من يبرر له بكل جراءه ويقول: سهل يا رجال بين الناس ثور ومقيل!!؟ أما إذا أردنا أن نطبق ألحكمه الصينية بجديه فأننا لا نحتاج إلى مجرد ورقة ولكن نحتاج دفتر يومي ""أبو مائتين" وليس مجرد قائمه.. حتى نرصد أخطاءنا اليومية!؟