كنت أعيش حياة العزوبية في شقة صغيرة في العاصمة صنعاء حيث كنت طالباً في الجامعة. وفي صباح أحد الأيام، سمعت ضجيج في الخارج ثم طرقات الباب. فتحت الباب فإذا بي أرى حشداً من الناس يتقدمهم أربعة أو خمسة رجال عرفوا بأنفسهم أنهم من لجنة مكافحة الفساد ومهمتها تفتيش البضائع المكدسة في البيوت وطلبوا مني السماح لهم بتفتيش منزلي. تركت لهم حرية التفتيش فدخل أعضاء اللجنة يتبعهم عدد من الرجال والأطفال. وبعد قليل رأيتهم يخرجون من المطبخ كميات كبيرة من المواد الغذائية والمشروبات الغازية، فنظر لي أحدهم وهو يهز رأسه باشمئزاز وكأنه يتهمني بأنني أكتنز البضائع في بيتي وأحرم الناس منها. ومن ثمَّ خرج البقية ومعهم مشروبات كحولية (البيرة) فوجه أحدهم إليّ نظرات حكمت عليّ بتهمة تعاطي الخمر، وهذه تعد جريمة أخطر من جريمة تخزين المواد الغذائية. وقفت مذهولاً أتساءل من أين أتت إلى منزلي تلك المشروبات الكحولية ولم يدخل بيتي أحداً غيري.شعرت بالخوف وتذكرت حينها بأني أعطيت مفتاح المنزل لصديق لي عندما سافرت لقضاء الإجازة، وربما هو من أتى بها إلى المنزل دون أن يخبرني. هرعت إلى أعضاء اللجنة لأشرح لهم بأن تلك الأشياء ليست لي إلا أنهم تهامسوا فيما بينهم وخرج الجميع من المنزل بهدوء مصطحبين معهم تلك المشروبات، وبقى واحداً منهم في الداخل. اتجهت إليه لأبرئ نفسي فقلت له بأن تلك المشروبات ليست لي ولا أعرف عنها شيء. إلا أن عضو اللجنة قال لي: "لا تخف فالمشروبات الكحولية قد شفعت لك عند اللجنة". استغربت من ذلك الرد، "كيف شفعت لي؟" ثم أعطاني التقرير وقال لي: "راجعه إذا فيه أخطاء إملائية". تناولت التقرير وقرأته وتمعنت في سطوره وبين السطور لمعرفة ما ذكروه عن تلك المشروبات الكحولية، إلا أنني لم أجد فيه أي شيء يذكر حول ما وجدوه في منزلي. عدلت على التقرير بعض الأخطاء الإملائية ثم أعدته له، أخذ التقرير وودعني ثم أنصرف. استيقظت من النوم فجأة، وتلَّفتُ بذهول حولي، فوجدتني أتصبب عرقاً في فراشي فحمدت الله لأن ما رأيتهُ لم يكن إلاًّ كابوساً مزعجاً. * من كثرة متابعتي لأخبار "نبأ نيوز" عن تعقب الفساد والمفسدين أصبحت أحلم بأخباركم في المنام. فتحياتي لفريق الصحفيين النشط في "نبأ نيوز"...