يكثر المرء أحياناً من الدوران حول هامته الهلامية ظناً منه بالخلود أو دوام العظمة أو الوصول إلى غاية القصد وقمة المنى.. لكن لاجدوى من اختراق غشاء الفكر إذا لم يكن المرء يقصد الجنون عنوة!!.. لايصل كل منا إلى مايريد.. لاتدوم السعادة كما لايستمر الشقاء.. لانهاية للحياة لأنها تبدأ بالموت ولابداية للموت لأنه ينتهي بالحياة!!! آثارنا تدلل على وجودنا ..كلما كنا أعمق في إرادتنا.. كانت آثارنا أعمق ووقع عطائنا أقوى.. كل هذه الحقائق المنطقية واللامنطقية قد تخضع لكثير من المتغيرات الثابتة والمتحركة وغالباً لايستطيع الإنسان تغيير حياته كما أنه لايستطيع تغيير ذاته والمؤسف في أمر الحياة هذه أن أكثر الناس يترك منبع الحقيقة ليتبع جداول الغواية يسامق الآخرين في عثراتهم ويدع السباق إلى أشرف مرامٍ وأسمى مقام!!! وتأتي مذاهب الناس وتوجهاتهم وربما حتى نزواتهم المتخمة باللامبالاة لتزرع في حلوق الآخرين غصة الحقيقة.. فأين نبحث عن الحقيقة؟! على صفحات الجرائد؟! على الارصفة؟!! داخل صدور البشر؟! أين نجد الحقيقة التي ليس لها إلا وجه واحد فقط ..تنمق الصحافة كثيراً في اسطر الحقيقة تلون ثيابها تصبغ ملامحها بالقبول تلبسها أجمل مافي سوق الكلام من ألفاظ وتحمل الأرصفة بشراً تراهم للوهلة الأولى حملاناً وديعة لكن إذا دارت دوائر الحياة خلعوا ثيابهم فإذا هم ذئاب جائعة!! وتكنّ صدور البشر كثيراً مما لايقال ولايُعلم إلا لله وربما لايستطيع أحدهم النطق بكلمة لكن صدره مستودع وضلوعه متكأ.. ومن هنا تأتي العودة إلى قاعدة إلهية عميقة مقالها «وماكنا معذبين حتى نبعث رسولاً» صدق الله العظيم. إذاً إرسال الرسل بمعية معجزاتهم الخارقة يرفع اللوم ويُسقط العتب ويوجب اللعنة والغضب!! إذاً لامجال عندنا لإدخال النقائص وتعديل الصحيح بالنقيض لأن الحلال بيّن والحرام بيّن وسبق اجتهاد العلماء في المشتبهات حتى لاتكون هناك حجة تدين أحكام الشرع أو تثير الصخب حول مانزعت نفوس البشر إلى تغييره بما يتناسب وأوضاع حياتهم وحين يكون التغيير أو نزعة الميل إلى التغيير في حكم واضح كارتداء الحجاب مثلاً «الحجاب بمعنى صرف» فإن الأمر لايتعدى رغباتٍ وأهواء مع الابقاء على الاصل في كونه تشريعاً سماوياً غير قابل للتحجيم السلبي الذي يدخل فيه عوام الناس وخاصتهم من بعض العلماء الذين يطيلون الوقوف على أحكامٍ ظاهرة كآية النهار ويتركون التنبيه إلى قضايا هامة يصلح بها حال الناس في الدنيا والآخرة.. وهذا مرفوض ممن أسماهم الله «ورثة الأنبياء» هذا إذا كانوا يقدرون قيمة مابين أيديهم. وحين يصفهم الله بالخشية فهذا أصل موجود ودعوة إلى المحبوب من صفات البشر غير أن حال المسلمين اليوم في شأن الاختلاف حول مسائلهم الفقهية الواضحة يشبه قصة التشكيك التي عاشها بنو اسرائيل في البقرة التي فَصّل القرآن أحداثها في سورة البقرة.. والاصل أن كتابنا العظيم محفوظ من عند الله عن التحريف، وآية الحجاب فيه واضحة، يقول الله تعالى في سورة النور «وليضربن بخمرهن على جيوبهن» والأمر بالضرب يعني الإلقاء والاسدال، بينما يعني الخمار هنا غطاء الرأس وأما معنى «على جيوبهن» فالجيب هو موضع فتحة الثوب في أعلى الصدر، هذا وفق تفسير وبيان مفردات القرآن في إيجاز لموسوعة العلوم القرآنية على مصحف المدينة المجود. وفي آية أخرى في سورة الأحزاب يقول المولى تعالى «....يدنين عليهن من جلابيبهن». الأمر بالإسدال والستر واضح بل إن فطرتي - كمرأة تؤيد - من منطقي هذا لأكون على ثقة أن ستر المرأة لجسدها وإسدال خمارها على وجهها أجل وأبهى وأجمل وأروع وأدعى لشعورها بالأمان فمَن مِنَ النساء تأمن على نفسها من نظرة رجل؟!!!! خاصة الجميلات!! إلا إذا كانت تقصد حدوث أمراض القلب في أمر الفتنة فهذا شيء آخر وهو لايعني إلا أنها مريضة!! مخالفة للفطرة ثم ان كل مكنون مصون ولكم أن تتخيلوا مِمَ تصان المرأة الملتزمة بحجابها!!! .. نظرة رجل صاعقة! .. لفحة شمس!! حركات جنونية طائشة يفتعلها الشباب!! كل ماتتخيلون من أذى يمكن أن تتعرض له المرأة إذا استهانت بالحفاظ على حجابها الشرعي.. المشكلة أن المعمعة المفتعلة حول الحجاب شجعت بعض الفتيات الصغيرات على عدم لبس «النقاب» عندنا هنا في اليمن وأعرف فتاة لم تتجاوز الثالثة عشرة بعد أوقفت مرة طابوراً من باصات الفرزة والسبب أن أول باص تجمد في مكانه فكان سائقه مشغولاً بتلك الحسناء الصغيرة التي اصطحبتها يوماً إلى السوق وقد كانت سمعت بتلك الآراء المتضاربة حول الحجاب فلم ترتد النقاب لكنها حين لمست تلك النظرات المجنونة الخارجة عن الحياء فاجأتني بزيارتها القادمة وهي ترتدي النقاب.. ياجماعة الجمال عندنا نادر إلا ماكان أصله عروق غير يمنية وهذا ليس رأيي إنما هو رأي ابن خلدون في كتابه عن حال المجتمعات «مقدمة ابن خلدون» إذاً ليرض كل منا بنصيبه من نسبة الجمال ولنحافظ على ماتبقى منه خلف حجابنا الذي يحمينا من خطر الانطراح أرضاً خلف مشاريع صفراء فاضحة تهدف لإيقاع النساء في مستنقع ضحلٍ لايسكنه إلا الشيطان.. أيها العلماء الافاضل ياورثة الأنبياء يامن لايخشى اللهَ مثلُكم أحدٌ.. بلاد المسلمين اليوم ليست بحاجة إلى التصعيد والتشعيب وديننا ليس بضاعة تباع وتشترى.. لاتخيطوا من الاحكام ثياباً لاتواري سوأة البشر بل تفضح إنسانيتهم وتعري حياءهم وفي النهاية لايرتديها أحد إلا ومس الناس منه سوء.. فتحملوا أوزار الذين يتبعونكم بغير علم.. لماذا لاتهبّون جنداً في سبيل الله تجعلون من المساجد منابر لتوعية الناس بخطر الفكرة الغربية القادمة في ذبذبات صغيرة لاتراها العين في الفضاء بل تراها على الأرض في كل بيت خلف حكايات الطلاق والخيانة وإقصاء الشريك وبيع المال والولد والخروج عن مألوف الطبائع إلى شواذ الافعال.. إننا أمام جيل كامل متقاعس دينياً ووطنياً واجتماعياً عن أداء الواجب الذي يقتضيه بقاؤهم ضمن مجتمع بشري مترابط، مجتمع قائم على أسس قوية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما الذي يجنيه المجتمع وما الذي تستفيده الحضارة وما الذي يحصده التطور من كشف وجه المرأة أو أجزاء من جسدها.. يا الله هل وصل الجهل بالناس إلى الاعتقاد أن سفور المرأة يخلق منها كائناً مبدعاً! وإذاً هل منع النساء الفاضلات في مختلف المجالات هل منعهن الحجاب من التميز والإبداع وإثراء المجتمع بأطروحاتهن لا داعي «للنبش» في قناعات راسخة.. ودعونا نفكر كيف نحفظ ماء وجه الإنسانية الذي أريق ونحن نقف موقف المتفرج من أحداث ساخنة في مختلف أنحاء الوطن العربي الكبير.. وعلى كل حال فانطواؤنا وتقوقعنا وانشغالنا بتفاهات الأمور يعطي عدونا دائماً فرصة للظهور والتعملق وشحذ همة الذات وهذا ليس من مصلحة أمة عريضة مُزق جسدها اشلاء وأصبحت في الرمق الأخير إلا أن يشاء الله ويبعث من ينقذها بصدق لأن الجميع أصبح في يده مطرقة والجميع بين اصابعه مشرط والجميع يرتدي عمامة والجميع يقول: نعم والجميع يسقط بسرعة.. ماوجدنا من يحكم عدلاً ما علمنا من يخفي ندوب جراحنا ما رأينا قدوة لنا، ماسمعنا من يقول لا ما أبصرنا من يأبى السقوط.. أرجوكم ابنوا مجتمعاً عربياً إسلامياً جديداً جربوا نبض الفطرة الذي يشعل فتيل الحياة في عروقكم.. قفوا صفاً خلف قضايا تهم المسلمين كافة ولاتأبهوا بحجاب المرأة فللمرأة رب يحميها!!!