الشمس تتوسط كبد السماء و سحائب تغازلها وهي تمر لتحجب أشعتها التى لم تمل إرسالها على مدار اليوم - الجو حار و لو أنه ملبد بالغيوم التي تلازم سماء لندن في جميع فصولها. يصحو خالد و هو يشعر بنشاط بعد ليلةٍ طال فيها ظلامها وهو مُنكفي بجهازالحاسوب الذي يحتوي بداخله فضائح توازي تلك التي أطاحت ببيل كلينتون على حد تعبيره. أستطيع ان أ ُدمر قرية بهذا الجهاز الصغير" يقولها و هو يرسم على وجهه ابتسامة ماكره". ينظر إلى الخارج من خلال نافذته الصغيرة التى أنهكها ثقل زجاجها ومقبضها الذي يدل على قِدمِها وهي مثبتة بحيث تطل على الشارع الجانبي ل" إيجوارد رود". يتجه إلى فراشه لترتيبه بعد أن كانت ساحة لمعركة إستخدم فيها كل الأسلحة التي يمتلكها في محاولة منه بالإيقاع بإحدى الفرائس التي يقودها حبها الى ان تكون الضحية أحياناً وفضولها في أحياناً اخرى. يهيىء نفسه للخروج في جولته اليومية التى اعتادت عليه شوارع لندن ، يقعد على احدى مقاهي "الستار بوكس " التي إعتاد الجلوس عليها - ينظر إلى جواله الذي لم يسمع رنته منذ أن أفاق ، ويظل يتصفح الأرقام الموجودة فيه وكأنه يبحث عن من ينقذه من هذا الفراغ الذي يأكل بقايا عمره حتى وقعت عينيهِ على أحد الأسماء ، فيبتسم وهو يحاول الإتصال بصاحبة الرقم لتنتهي المكالمه بعد أن أعتذرت عن الحضور لإنشغالها ويتحول وجهه بعد تلك الإبتسامة الى وجه عبوس!! "مشغولة ٌ أم مواعدة أحدا ً غيري ؟!" يتمتم وهو يترك المقهى ساخطاً ولاعناً الخيانة والكذب متناسياً بانه أكثر من يجيدهما! تتوارى الشمس خلف تلك المباني الجاثمة على جنبي الطريق والتى توحي بعظمة هذه المدينة ، وتبدأ أشعتها بالإنحسار تدريجياً ليحل بعدها ظلام يلتهم الأماكن لتُنار المدينة باضواء تكسبها جمالاً و كأنها عروسٌ في ليلة دخلتها. تنشط في هذه الأثناء حركة المارة - يشق خالد طريقه بين تلك الوجوه وهو يوزع ابتسامات لا تنتهي ، و نظرات عنوانها الإعجاب و فحواها المعصية. ويواصل خالد السير وهو في حالة من اليقظة التى تذكرنا بحارس "باب الحاره" غير ان خالد لا يحمل بندقيه، فهو يتسلح بروح الفكاهة و خبره السنين. لا جديد في حياة خالد سوى الأرقام المخزونة في هاتفه المحمول و المقابلات القصيرة التى سرعان ما تتحول إلى ذكريات يعيشها في وحدته التي يلعب خياله فيها الدور الأكبر- لتنام بعدها غرائزه التى لا تنام إلا لتوقظه ! تنام المدينة إلامن بعض المارة ليجد خالد نفسه في طريقه للبيت حيث تنتهي بهِ ليلته في احضان جِهازه ليبدأ معركه جديده ..! [email protected]