سأتحدث هنا عن وجبات رمضان وعن فساد البيض والخضار وإن خرجت عن الموضوع ذكروني وقولوا لي " خارج الموضوع". كل من يعرف الشعب المغربي يعرف إلى أي مدى وجبة إفطارهم غنية ومتنوعة يتوفر فيها الكثير من الأطباق المالحة والحلوة على حد سواء حتى البَيض المسلوق. تحتوي وجبة الإفطار على التمر والحريرة والبريوة والشباكية والمسمِن والبيض المسلوق والحليب والعسل وغير ذلك. هذه فقط وجبة الإفطار أما وجبة العشاء فالمائدة جداً "دسمة"، وتتكون إما من الكُسكُس أو الطاجين بمختلف أنواعه وغير ذلك من الأطباق الأخرى والحلويات. وتعودنا نحن اليمنيين المقيمين في فرنسا والمختلطين بالأخوة من المغرب العربي أن نتناول وجبة الإفطار سوياً في أغلب الأيام. وفي إحدى الأيام كان تجهيز الإفطار من نصيب اليمنيين وكانت بالطبع وجبة إفطار يمنية مع بعض الأشياء التي تعودنا عليها في الوجبة المغربية. وكم كان الموقف محرجاً عندما بدأنا في الإفطار واكتشفنا بأن البيض المسلوق فاسد، أدركت حينها أن الفساد قد غزى وجبة إفطار اليمنيين حتى في أوروبا. وهنا تذكرت كابوس الفساد المسيطر على اليمنيين وقوتهم والذي استشرى في معظم مرافق الدولة. هذا فقط مجرد تذكار ولنعد إلى حديثنا عن فساد الأطعمة. الفساد ممكن أن يصيب أيضاً الخضار كالطماطم والبصل والفاكهة كالتفاح والبرتقال وغيرها، لكن الحمد لله أننا تأكدنا من الخضار قبل طبخها. صحيح أن فساد الخضار والفاكهة قد يختلف عن فساد البيض لكن كلها تفسد لك الشهية وتسبب لك الغثيان برائحتها النفاثة. هناك طريقة لاختبار البيض الفاسد قبل سلقها لكننا لم نتوقع مسبقاً أننا سنقع في ذلك الموقف المحرج. عليك أخي الصائم قبل أن تحضر وجبة إفطارك أن تتأكد من البيض الفاسد قبل أن تخسر فطورك بكامله أو أن تفقس البيضة قبل سلقها فيخرج منها كتكوت فاسد يفسد جيل الكتاكيت كله. التجربة هو أن تضع البيض في وعاء فيه ماء فإذا طفت البيضة فهي فاسدة. التجربة سهلة ومجانية يمكن أن يطبقها الأخ رئيس الجمهورية على الناس الفاسدين في جهاز الدولة والذين يمتصون ثروات البلاد والعباد "عيني عينك" ولا يخشون عقوبة الله أو عقوبة القانون. أعذروني عن هذا الخروج عن الموضوع ولنعد إلى موضوع فساد البيض والخضار قبل أن يقول لي أحدكم بأن الحديث عن الفساد في أجهزة الدولة " خارج عن الموضوع". أما الفساد الذي يصيب الطماطم والخضار بشكل عام فيمكن التأكد منه في وقت مبكر. عند الذهاب إلى السوق المركزي لشراء سلة طماطم على سبيل المثال لا يغرك الطماطم الأحمر، عليك أن تقلب السلة عاليها سافلها لترى الوجه الآخر منها ولتتأكد من سلامتها في السوق قبل أن تعود بها إلى المنزل. لأن فساد الطماطم ليس كفساد البيض، يمكن لحبة طماطم أن تنشر الفساد إلى السلة كلها فتخسر كل ما هو صالح. يجب اختيار سلة أخرى أو عزل ما هو فاسد. وهذا ما نتمناه من الأخ رئيس الجمهورية عند بداية الإصلاحات واجتثاث الفساد من أجهزة الدولة بدءاً بعزل البيض والطماطم الفاسد، بالذات الطماطم الكبيرة أولاً، وما أكثرها، حتى لا يوَرَّث الفساد إلى الأجيال القادمة وتعيش البلاد في بركة من البيض والخضار الفاسد المقززة رائحتهما ومنظرهما. طبعاً الخضار الفاسد لم تصل بعد إلى باريس لكن البيض الفاسد بدأ يصلنا من اليمن وأصبح الفساد يصَدَّر رسمياً إلى باريس وبالعملة الأجنبية. لا ندري ما إذا كان هذا البيض فاسد من المصدر أصلاً أم أنه فسد في الطائرة وهو في طريقه إلى العاصمة الفرنسية. والمحزن في الأمر هو أن فساد البيض في باريس يكلف اليمن واليمنيين ملايين الدولارات. كما أنه يسبب تسمم قد يؤدي بحياة الناس إلى التهلكة. والحالة أسوأ لدى اليمنيين في الداخل الذين يتجرعونه يومياً مع كل وجبة وبالذات عندما يكون الفساد من "الوزن الثقيل". عذراً عن هذا الخروج عن الموضوع ويبدوا أن "دوخة رمضان" قد " وصلت إلى التُخَر" لكن وعد مني أن لا أخرج عن موضوع فساد البيض والخضار مرة أخرى. كان الموقف محرجاً أمام الإخوة المغاربة الذين أخذوا صورة سيئة عن البيض اليمني الفاسد، وسألني أحدهم ما إذا كان البيض اليمني كله فاسد وما إذا كانت الدجاج أيضاً فاسدة، فأجبته بأن الشعب اليمني قد قال في ال20 من سبتمبر 2006، إي قبل ثلاثة أيام فقط من رمضان.. قد قال لا للبيض والخضار الفاسد ونعم "للصالح". وقلت له بأن هذا البيض الفاسد هو بقايا صفقة البيض السابقة وأنه من الآن فصاعداً لن يُصَدِّر اليمن إلا البيض الصالح للاستهلاك البشري والطماطم الجيدة والصحية. وسألني آخر كيف يمكن إصلاح ما أفسده الدهر فوعدتهم بأن أدعوهم في رمضان القادم، إذا كتب الله لنا الأعمار، على وجبة إفطار كل ما فيها صحي وصالح.