رغم أنه من العار أن يستوقفنا الوقت للحديث عن برامج غاية في السوء والتفسخ الأخلاقي كبرنامج الإعلامية الدكتورة هالة سرحان في قناتها روتانا والذي ولله الحمد لم ترق لي أبداً ومن المؤكد ليس بمفردي بل لكل من يحترم آدميته ووقته ومبادئه لما فيها من الإسفاف في الطرح، ولما فيها من تجسيد حقيقي لمعنى الصحافة الصفراء بشقها المبتذل الخادش للحياء.. ما استوقفني ليس هاله سرحان أو الحديث عن برامجها تلك، وإنما نفق الأخلاق الجديد السائرين في طريقه المظلم، والموعودون به قريباً، إنه ذلك الجيل الآتي من بين أنقاض القيم المتهدمة، والأعراف المعدمة والتي يبدو أننا كبَّرنا عليها أربعاً بلا ركوعٍ ولا سجود معلنين وفاتها ومشيعين جنازتها إلى مثواها الأخير في قاع فئات يعدوا آخر الناس المحترمين، باتوا قابعين في ركنٍ أعزل تزوغ أعينهم يمنةً ويسرةً ينتظرون أن يباغتهم الأجل. ما حصل من الإعلامية هالة سرحان مع ما كشفت عنه الصحافة والإعلام من استئجارها لفتيات في عمر الزهور ليجسدن دور الباغيات وبنات والليل لم يكن وليد صدفة عابرة لحلقة واحدة عجزت فيها عن الإتيان بممتهنات البغاء وبائعات الهوى كي تجري معهن تحقيقها الصحفي حول قضيتهن، بل إنه أتى ضمن ورشة خراطة الأخلاق الجديدة التي تقوم بتصنيعها وتعليبها وتجهيزها للتصدير من خلال برامجها، أتى ضمن الطرق المتواصل بحذر وهدوء وريبة وهي تدق أحد مسامير تركيب البناء الجديد لمجتمع التفسخ القادم لولا أن هذه المرة أخطأت المطرقة طريقها فأصابت الحديد لا المسمار فأحدث دوياً قوياً أذاب جليد الصمت، ودوى صداه في كل مكان، ليستفيق ساكنو الحي والمدينة على صوتٍ مزعج قادم من إحدى خرابات المنطقة المهجورة ليكتشفوا بعد حينٍ أمرها. لم تكتف الرائدة الإعلامية هالة سرحان بمحتوى فضائيتها من أفلامٍ بعيدة كل البعد عن مقص الرقيب، بل أنها تتعمد دائماً على إقامة الندوات وبرامج الحوارات لإثارة المواضيع الجنسية، فقبل عدة سنوات فاجأت هالة سرحان آلاف الأسر الآمنة دخل منازلها ببرنامج أقل ما يوصف به هو أنه "فضيحة" وخصصته عن "العادة السرية" لدى النساء والرجال(!!)، جلست المذيعة وهى تطلق ضحكاتها النهمة وسط مجموعة من الشباب - فتيانا وفتيات - يتحدثون بصفاقة متناهية عن تجاربهم في ممارسة العادة السرية(!!) وزيادة على ذلك استضافت المذيعة امرأة تزعم أنها كاتبة صحفية لتعلن بلا خجل أو كسوف أنها مارست العادة السرية وأنها لا ترى حرجاً في ذلك لأن جسد المرأة ملكها وحدها تتصرف فيه كما تشاء (!!) ولكي تكتمل الفضيحة.. أذاعت صاحبة البرنامج مكالمات تليفونية من الواضح أنها مرتبة مسبقاً (فيبدو أن هذا الأمر ديدنها في جميع برامجها) لامرأة تعترف بأنها تستمتع بممارسة العادة السرية أكثر من استمتاعها بزوجها الذي تزوجته منذ 30 عاماً، وكل ذلك في حضور شيخ لا حول له ولا قوة كاد يذوب خجلاً وهو يستمع لكلمات المذيعة وضيفاتها المختارات بعناية والتي تخدش الأدب والحياء(!!) وإذا كان الأمر معالجة لتلك المواضيع والقضايا كما يوصف فأين هو العلاج الذي تستخلصه هالة سرحان من برامجها بعد كل حلقة، وهل قدمت للمجتمعات خلال هذه الرحلة الطويلة من البرامج المتعفنة أي نتاجٍ فكري تربوي اجتماعي يلخص للمجتمع الداء والدواء .. فكل ما وجدناه ليس إلا كسراً لحواجز الحياء لدى المشاهدين وتكريسًا لهجمة الثقافة الأجنبية التي تستهدف تعقيم القيم والأخلاق ونشر الخلاعة والفجور بين الشباب، وعرضاً وتشويقاً وإثارةً وتمييعاً لمواضيع ساخنة حساسة بطرحها أمام الشباب والفتيات بمنتهى اللامسؤولية حتى تنزع من وجوههم ما تبقى فيها من فضلة حياء. إن أموال البنوك، وعائدات مشاريع التنمية الاجتماعية لا يصح صرفها على برامج "العادة السرية" والجنس والإباحية.. وكفى البنوك ما أصابها من تخريب بأيدي مثل هؤلاء المستهترين بمصالح البلاد المستحلين لأموال الأمة والعابثين بأخلاق أبنائها!!. فعفواً دكتورة هاله .. إلى هنا ويكفي. www.shahari.net