عندما نكتب مثلا عن فكرة جديدة أو ننتقد وضعا في محيطنا العربي الغير خالي من الشوائب والمشاكل بلا منافس نجد بأن الاستغراب والدهشة والهجوم يملأ الصفحات .. لا أحد يريد أن يصدق الحقيقة وتميل الناس إلى تصديق كذبة كبيرة لمجرد أن هناك من يدعمها من خلف الكواليس وبقوة. عقدة العربي والعروبة المتأصلة بداخلنا لم تغيرنا من الداخل ولم تنظف عقولنا وتجعل من الصعوبة أن نتكيف مع الثقافات الأخرى ونحول كل من يتحدث بصراحة عن وضع المواطن الأجنبي في بلده بأننا قد أصبحنا جواسيس وعملاء وأقلاما مأجورة. وبأننا نمجد دولا وشعوبا لا تحتاج في الأساس إلى أقلامنا لكي نُعرِف بها العالم أجمع فمواطنيهم تعكس صورة النظام وحقوق الإنسان والحياة الكريمة لبلدانهم فليسوا بحاجة لنا ولا لأقلامنا ولا لعقولنا العربية التي قد أصابها الصدأ وأكلها الدود. فشعوبهم مصونة كرامتهم .. أمناء في بلادهم .. يتحدثون في الشوارع عن رؤسائهم ولا يلتفتون يمينهم شمالهم بانتظار سيارة أمن وعسكر لتلقي القبض عليهم وتأخذهم إلى ما وراء الشمس. هذه الشعوب النصرانية التي تتهمونها بالفسق والفجور وغيرها من الصفات التي أكاد أجزم بأن الفسق والفجور والخمر والدعارة منتشر في بلداننا العربية والإسلامية بأضعاف أضعاف هذه الدول التي على كل كبيرة وصغيرة يرمي العرب كل علتهم وضعفهم وفشلهم على تدخل هذه الدول في شؤونهم الداخلية الخاصة ولو أن باب حكامنا مغلق تماما والحاكم يصون شعبه ويكرمه لما تجرأ أجنبيا أن يرفع صوته أو يتدخل في أصغر الأمور ولكننا لأننا قد أدمنا هذا السير فمن الصعب أن نتقدم إلى الأمام. الشعوب العربية تبحث عن مخرج حتى لو كان يفصل بينهم وبين الموت شعرة لكي يترك المواطن وطنه ..والمواطن الغربي عندما يبتعد عن أصدقائه يوما تجده كالمجنون يبحث عنهم في الطرقات والأزقة ويقول لا يمكن أن أتنفس يوما في حياتي دون أن أشم هواء بلادي النقي. لماذا كل مصائب الدنيا تحل على شعوبنا وأوطاننا ونحن نمتلك الثروة والحضارة والنفط؟ لا توجد دولة عربية لا ينتهك فيها المواطن ولا يظلم فيها الفقير ولا يتعالى المسئول أو الغني ولا تهان فيها المرأة. لا توجد دولة عربية تستطيع أن تحصل على أبسط حقوقك من التعليم والوظيفة والعلاج والعيش بأمان دون أن تذوق المرارة وتبوس الأيادي وتمُرر طلبك على ألف يد ورأس لكي تعود خالي اليدين وخائب ومحبط لتبدأ رحلة المعاناة من جديد. لقد وصل حال الأمة العربية بأن الأسرة مستعدة بأن تبيع فلذة كبدها لكي تقبض ثمن هروب من الوطن أو ثمن مصاريف بقية أفراد العائلة أو لكي توفر لفلذة كبدها حياة كريمة مع أسرة ثرية لا تنجب أطفالا لكي لا يذوق مرارة العيش والفقر معها. لقد وصل حال أمتنا العربية إلى حالة منفرة مقززة ومخزية لا تعرف فيها الشعوب العربية العيش بكرامة وعزة بل أنها أسوا أمة تعيش في هذا العالم تدعي فيها العدل والمساواة ونحن لا نعرف من المساواة والعدل إلا أسمها. يدّعون الشرف والأمانة والتمسك بديننا الحنيف ويلومون الصغير ويكفرون كل من هب ودب وهم لا يطبقون من الشريعة إلا قشورها. فعندما نسمع عن امرأة قست عليها الحياة في إحدى الدول العربية أو الخليجية ولجأت إلى الشارع هي وأولادها بعد أن سرقها ونهبها وضحك عليها طليقها أو جار عليها الزمن وتنام كامرأة في العراء في عز البرد أو الشتاء لا أحد يلتفت لشكواها ولا لمناداتها وتظل تأكل من براميل القمامة هي وأولادها والذباب والحشرات تتساقط عليها ولم نسمع أو نرى أهل الخير والصدقات والزكاة التي حثنا عليها ديننا الحنيف أن يتوافدوا لمساعدة هذه المرأة. ولكن لنسمع بأن هيفاء وهبي والا نانسي عجرم والا أليسا وصلت مطار أحدى الدول العربية وتزحلقت وسقطت وانكسرت رجلها ستتحرك كل الشهامة العربية والجيوش والشرطة والطوارئ والعسكر والحاكم والمسئولين وسيسخرون لها كل السبل والوسائل والخدمات لكي نعالج بسم الله عليهن فنانات العرى والدلال والغنج. نعم هذا هو حال أمتنا العربية .. وهذه هي الحالة التي وصلنا إليها .. وما نحن إلا أمة أعزنا الله بالإسلام وذلينا أنفسنا بانجرافنا خلف شهواتنا ورغباتنا وقسوتنا على بعضنا البعض وتقديم يد العون والمساعدة لمن هم ليسوا بحاجة لنا ولن يكونوا بحاجة لنا لأن البلدان الغربية تنتج وتفكر وتصنع وغنية بمواردها البشرية عكسنا نحن العرب نظن بأن ثروتنا في أعلى برج وأحلى جسد نحيف يتمايل يسيل لعابنا منه وأحلى فيديو كليب وأغلى سيارة بالألماس وأغلى فندق يبيع أغلى الخمور والموارد البشرية تكاد تكون معدومة .. فنحن يا أما شعوب مدللة على الآخر يظن فيها الحاكم بأنه مريح شعبه وهو خاسر لان بلده لا تبنيه أيادي وطنية بلد هش وآيل للسقوط في أي وقت..وبلد آخر يشحذ فيه المواطن اللقمة وكسرة الخبز. وسيأتي اليوم الذي سيُقبِل فيه رأس العامل الهندي والبنغالي والحبشي لكي يستقر ويأخذ جنسية بلده لكي يعمرها ويبنيها ودولا أخرى تقتل كل العقول الوطنية الشابة المتعلمة وخريجو الجامعات وجعلت من الكراسي لشلة من الجهلاء حاملين الابتدائية والشهادات المزورة وخبرات طويلة في المنكر والفساد والنساء والعبث بأموال الدولة وانتهاك حرمات الشعب والوطن وتهًدي لهم أكراما على إخلاصهم ووفائهم في نشر الفتنة والفساد منصب وزاري وامتيازات ونفوذ تنتهي فيها سنوات وزارته والكرسي قد تآكل والشعب يموت والقوانين عرض الحائط ولازال يجد تقديرا كبيرا من السلطة. لما لا ونحن أمة تعيش على فتات أمة و تحيا على موت أمة أخرى. أنهم العرب والعروبة والعربان في هذا الزمن. وأهلا بكم. *سيدة أعمال ..كاتبة وأديبة مقيمة في بريطانيا [email protected]