تساؤل غريب، ولكنه ما هو الا سؤال أريد الإجابة عنه، ولم أجد الرد اليقين حتى يهدأ هاجس الخوف والقلق الذي قد ينتابنا من الحين إلى الآخر؟ وهنا أضع هذا السؤال الذى قد يكتنفة قدر واسعا من الاستغراب والاستنكار ماذا حصل لنا؟ نحن أبناء الوطن العربي ونحن أبناء اليمن السعيد؟ لماذا وكيف؟ لماذا نشهد ذلك الانتشار الفج في استخدامنا لأكثر أشكال التعامل خشونة وفجاجة وابتذالا فى ممارسة خلافاتنا الشخصية؟ لماذا امتدت واحيطت بنا تلك الممارسات غير الإنسانية وللأسف الشديد لقد تسلقت كالعنكبوت في خيوطها إلى كافة المستويات لتصل الى أعلى القيادات فى كافة المجالات الحزبية والسياسية والاجتماعية والرياضية وحتى الخلافات الأسرية..!؟ لماذا انتشر ذلك النمط السلوكى الغريب ليشمل حتى أولئك الذين يفترض فيهم عفة اللسان ورهافية التعبير؟ لماذا أنتشر بين النخبة المثقفة والمتعلمة من السلطة والمعارضة على حد سواء؟ هل هي الديمقراطية وحرية الرأى دفعت البعض الى استخدام تلك الالفاظ غير المهذبة لعلاج مشاكلنا، ونعتقد أن تلك الاساليب تمكننا من الانتصارعلى الخصم. أو أنها الفوضى الخلاقة المبتكرة والتى تؤدى الى تدمير الاوضاع العربية ونفوس البشر وليس إلى إعادة بناء أوضاع جديدة وهو مصطلح معروف والكل على دراية فية وهو مصطلح كوندا ليزا. لم تدهشني تلك التساؤلات، ولكن ما أدهشنى حقا هو ما يشوبها من دهشة واستنكار كما لو كنا قد فوجئنا بما نكرة، رغم أننا جميعا قد بذل أهالينا بما في وسعهم في التربية الدينية السليمة، ومازلنا نبذل أقصى ما فى وسعنا لكى نهذب مفاهيمنا واساليبنا فى التعاملات مع بعضنا البعض. إن العنف الراهن ليس مقصور على مجتمعنا فحسب بل اصبح سائداً في كافة الأقطار العربية التي تدعى الديمقراطية وحرية الرأي، ولكن كل ذلك لايبرر التجاهل بأننا امام مناخ جديد وعجيب وإلا ففيم الدهشة إذن؟؟ أن هناك شعار يقول: ((إن ما أخد بالقوة لا يسترد إلا بالقوة))، وكنا نقصره على الصدامات الحربية بين الجيوش، ولكن الآن جعلناه أسلوبنا المفضل فى حل كل الخلافات، ساخرين من فكرة التفاوض، أو اللجوء الى القانون، أو الاعتماد على الرأى العام والاحتجاج المدني المنظم، مؤكدين أن القوة وحدها تكفى لحل النزاع القائم وكل ما عداها ضعف وهوان واستسلام.. ودأبنا على تعميق الفجوة من خلال ارساء تلك التصرفات على تشكيل الوعى الاجتماعى التى مارسناها جميعا دون أستتثناء. لقد تراكمت تلك الافعال فتحولت من عادة الى عرف سائد بل إلى ظاهرة مؤلمة تقول: كن قويا وعنيفا وخشنا مرهوب الجانب تحظى باحترام البشر وتضمن ألا يعتدي عليك أحد. لا تسلك سلوك الضعفاء تكون جبانا فتلجأ إلى القضاء والتفاوض أو تتعلق بأوهام الرأى العام والاحتجاج المدنى. واستمر حرصنا على تعميق ذلك التوجه بعد دخول مبادئ وحريات كما يقال بأنها ديمقراطية؟ مبدأ حرية الرأي والرأي الآخر، والتكنولوجية المتقدمة التى دفعت الاخرين الى ارتكاب ابشع الجرائم الاخلاقية فى اطار العولمة وتنمية العقل بالخداع المستور او الخفى من خلال الانترنت، مما أدى إلى توسيع الفجوة العميقة للعنف..! لقد أصبحنا نتعايش في مناخ يقدس العنف ويتلذذ به ويشجع الإرهاب النفسي ويلتمس المبررات لمن يمارسونه.. مناخ يشعرك بالخجل والاضطرار الى تفسير سلوكك (الغريب) إذا لم تبتهج لرؤية الدماء السائلة والنفوس المكسورة أمامك وإذلالهم.. مناخ يدعوك الى إبادة من يخالفك إذا ما استطعت، وإلا فلتكمم فمه وتخرس صوته وإلا فلتسبه وتهينه، فإذا عجزت عن كل ذلك فتدير له ظهرك مقاطعا إياه، محتقرا له، متعاليا عليه، نافيا لوجوده، وإنما ستلجأ إلى أساليب السباب واللعان من خلال المنتديات، وهو إرسال رسائل تهديد وارهاب الى من يعاديك ولكن لم تدرك بأن الله عالما بما فى النفوس، وعالما بما تعمله. والآن هل يمكن لنا القضاء على ذلك المناخ المخيف؟ هل يمكن أن نحول دهشتنا واستنكارنا إلى فزع صحي حقيقي يكشف أمام أعيننا جسامة ما حدث ويدفعنا الى البدء فورا فى محاولة إذابة جبل العنف والكراهية؟ هل هناك سبل جديدة أخرى لإدارة الصراع؟ هل يمكن البحث عن بديل للعنف فى ادارة الصراعات بيننا؟ هل يمكن الحديث عن امكانية الصراع باسلوب حضارى متقدم، وهو الأسلوب السلمي الخارج عن التهديد والوعيد؟ وهل يمكن مواجهة الظلم دون التسرع الى رفع السلاح والاسراع فى التصويب؟ * إن محاولة مواجهة المعتدى بالعنف قد تكون الوسيلة الاكثر فعالية وسرعة، ولكنها تفترض أن تكون أنت الاقوى والاقدر فى حسم الصراع، وإلا حاقت بك الهزيمة، وازداد المعتدى إمعاناََ في عدوانه، ولا يصبح أمامك آنذاك إلا الاستسلام أو الفرار من حلبة الصراع أو الانتحار أو تفوض أمرك لله سبحانة وتعالى، وتقول حسبي الله ونعم الوكيل..! * إن المواجهة الفعالة لمواقف الحياة ينبغى أن تشمل عدداَ لانهاية له من بدائل السلام الهجومى وهى تتضمن مهارات القدرة على الحوار والمناقشة، وتفنيد الآراء وطرح البدائل، وجمع وتحليل المعلومات والتفاعل بحب مع الآخرين، الخ. * إن الإدارة الحكيمة للصراع يمكن أن تحفظ الكتير من الدماء كما يمكن أن تصون العديد من الحقوق المهدورة وبالعقل والمنطق لا بالتسرع فى حالة الغضب. أليس كذلك لان الغضب قد يولد أزمات وانفعالات، واللجوء إلى التصرف المشين والمضاد وفى النهاية الندم على ما فعلته. * إن التصدي لمخاطر تفضيل العنف يحتاج إلى جهد مكثف ونفس طويل وتفكيرعلمى موضوعى وشجاعة فى مواجهة الذات قبل الآخر، لكنه يحتاج قبل كل هذا الى أن نجيب بصدق وأمانه وصراحة عن سؤال جوهري: هل نحن حقا نحب ونهوى ونستلذ بالعنف او نكرهه، ونحب السلام والوئام والمصالحة..!؟ ..................................... * يمني مهاجر في نيوزلند نبأ نيوز أول منبر إعلامي يمني يتوحد فيه ابناء الوطن من كل بقاع الإغتراب بكلمة سواء من أجل السلام والمحبة وبناء غد أجمل ومستقبل أكثر إشراقاً... مرحباً بكل الأقلام الشريفة..