أثناء الأزمة الأخيرة بين حميد الأحمر ونعمان دويد طافت على ذهني العديد من المقارنات التي تمر على الناس في اليمن مرور الكرام وكلي أمل أن يحاول أتباع اللقاء المشترك عدم الربط بين قصة الاحتجاجات التي كانت مزمعة، وبين الخلاف بين حميد ودويد لكي لا تؤثر عليهم العاطفة في تقييم الأمور وكلنا طلاب حقيقة. لقد قام نعمان دويد (محافظ صنعاء) بالهجوم الخطابي على رجل الأعمال المعروف والمعارض البارز حميد الأحمر أثناء مهرجان جماهيري لأنصار المؤتمر في ملعب الثورة بصنعاء. وتم اعتبار الهجوم العلني أمرا يستوجب الاعتذار وحصل الاعتذار بصورة قبلية عن طريق 11 ثورا تم سوقهم من ابناء خولان (المنتمية الى قبيلة بكيل) الى منزل الراحل عبدالله الأحمر والد حميد وقام أخوه الشيخ صادق الأحمر شيخ مشائخ حاشد بالقول: "مقبول مرجوع". أثناء ذلك كنت أقارن هذا المشهد بمشهد سابق قام فيه حميد الأحمر بالهجوم على الرئيس علي عبدالله صالح في قناة الجزيرة برنامج "بلا حدود" واتهمه بالخيانة العظمى على مرأى ومسمع الملايين من المشاهدين في طول العالم وعرضه ولم يتبع ذلك الهجوم اي اعتذار ولم تقدم أي أثوار "هجَر" للرئيس صالح. وهذا يقودنا للاستنتاج أن الرئيس صالح أوسع صدرا من حميد الأحمر. سأعود 50 عاما الى الوراء وتحديدا الى العام 1960 عندما قام مجموعة من مشائخ حاشد بالذهاب الى الامام أحمد في منتجعه بالسخنة محافظة الحديدة وقاموا بذبح شاة والتضرج بدماء تلك الشاة وتعفير أنفسهم بالتراب الممزوج بدماء الشاة كتعبير قبلي عن اقصى درجات التوسل للامام لكي يعفو عن حميد بن حسين الأحمر (عم حميد) رغم أن ما فعله العم حميد رحمه الله بالامام أحمد لا يكاد يذكر قياسا بما يفعله الابن حميد بالرئيس صالح، لكن الامام أحمد رفض الصفح وأمر بذبح حميد (العم) وأبيه (حسين) وهو ما تم بالفعل. نحن لا نقارن بين عهد امامي واخر ديمقراطي ولا نطالب حميد بالانضمام للمؤتمر الشعبي العام ولكننا نأمل أن تكون معارضة شريفة وخصومة شريفة يستفيد منها الشعب، وليس ورقة ضغط يوسع من خلالها التاجر من دائرة مصالحه وينتزع مناقصة جديدة. كان يفترض أن تنتهي قصة حميد ودويد بمجرد قبول الهجر و"مقبول مرجوع" التي قالها الشيخ الشهم صادق الأحمر ولكن التوتر بقي وقام مرافقو حميد بالتوجس من دورية راجلة لمرافقي جاره نعمان دويد وحدث اطلاق نار وسقط قتيلان من أبناء وصاب كانا يمشيان في أمان الله. واختلقت قناة سهيل التابعة لحميد الاحمر ان الاخير تعرض لمحاولة اغتيال لانه "يعارض النظام". وهذا ان دل على شيء انما يدل على سقوط "القبْيَلة" من حميد الأحمر الذي أحرج أخاه الشيخ صادق واضطره للتحكيم عند الشيخ أحمد صالح دويد. وفي مثل هكذا أزمة تحتشد القبائل مؤيدة هذا الصف أو ذاك وتتأسس فتنة على تخوم العاصمة وهو ما ينبغي التنبه له والحيلولة دون حدوثه. وعلى المجتمع والمشائخ والاعيان ان يشيدوا ويشكروا الطرف الذي يسعى للتهدئة وينزع فتيل الصدام خصوصا وان هناك مشاريع تتمنى اشتعال المشاكل بين حاشد وبكيل وأبرز هذه المشاريع مشروع الحوثي الذي اعتاش على اذكاء النزاع بين الاخوة في حاشد وبكيل. تحية لكل وطني غيور يعمل على التقارب والتسامح، وأسفاه على من يسخر منابره وحزبه للتغطية على أخطائه. إذ لو لم يكن مرافقو حميد هم الذين أطلقوا النار لما تم تحكيم بيت دويد ولما أهدى حميد سيارته المضبوطة للرئيس صالح!! وشكرا لكل من يسعى لرأب الخلاف، وحفظ الله اليمن من كل شر.