القبيلة والدولة والسياسة في اليمن: قراءة تحليلية لجدلية العلاقة في مؤلفات الدكتور الظاهري    أبين.. اشتباكات دامية في سوق للقات بشقرة    الإرهاب السلفي الإخواني يقتل المسلمين في مساجد مصر    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: الهلال يحسم الكلاسيكو ضد الاتحاد بثنائية    من عدن كانت البداية.. وهكذا كانت قصة الحب الأول    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    وقفات في إب وفاءً لدماء الشهداء وتأكيد الجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    مبادرة مجتمعية لإصلاح طريق طويل يربط مديرية الحداء بالعاصمة صنعاء    الأحد.. المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره في صنعاء استعدادًا لبطولة كأس الخليج بالدوحة    مسيرة صهيونية تقصف سيارة في بلدة تول جنوب لبنان    الجزائرية "كيليا نمور" تحصد ذهبية العالم في الجمباز    الآن حصحص الحق    عدن .. وفاة أربعة شبان في حادث مروري مروّع بالبريقة    نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين : النقابة جاهزة لتقديم كل طاقاتها لحماية عدن وبيئتها    بطء العدالة.. عندما يتحول ميزان الحق إلى سباق للصبر: دعوة لإصلاح هيكلي للقضاء    الذهب يرتفع وسط توترات جيوسياسية وترقب لبيانات التضخم الأمريكية.    عهد تحلم ب«نوماس» نجمة ميشلان    ترامب يعلن إنهاء جميع المحادثات التجارية مع كندا    حلف القبائل بين النشأة الشريفة ووطنية بن حبريش المغشوشة    الجنوب العربي بين الإرهاب والدعاية الأيديولوجية    عدن.. بين استهداف التحوّلات وإهمال المقومات    وطني "شقة" ومسقط رأسي "قضية"    غدًا السبت.. انطلاق البطولة التأسيسية المفتوحة الأولى للدارتس – عدن    الإصابات تبعد 4 اتحاديين أمام الهلال    «فنجال».. تميمة دورة التضامن الإسلامي    تعز.. مقتل محامٍ برصاص عنصر أمني أمام منزله في التربة ومخاوف من التلاعب بالقضية    وأخيرًا انكشف المستور.. إعلان خطير يفضح من يقف وراء الإرهاب في الجنوب    العائدون والمصابون قبل كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة    أزمة القمح تطفو على السطح.. شركة تحذر من ازمة في السوق والوزارة تطمئن المواطنين    الشيخ العلامة أمين البرعي يهنئ وزير النقل والأشغال ورفاقه الوزراء بالسلامة    النائب العليمي يبحث مع سفيري فرنسا وكوريا تعزيز التعاون المشترك ودعم الإصلاحات في اليمن    الشعبة الجزائية الثانية بمحكمة استئناف الأمانة تصدر حكماً ببراءة الشيخ محمد نايف علي الكريمي من تهمة انتحال صفة القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني وكل التهم الكيدية المنسوبة إليه    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بايقاف التعامل مع شركة صرافة    احباط تهريب آثار يمنية عبر رحلة اممية بمطار صنعاء    لقاء موسع لفرسان ورائدات التنمية بمديرية التحرير في أمانة العاصمة    وزارة الاقتصاد : مخزون القمح يكفي لأشهر..    صنعاء .. اجتماع للجنة التصنيع لأدوية ومستلزمات مرضى الحروق    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على نشاط مكتب الزراعة بمحافظة المهرة    محافظ شبوة يثمن التجهيزات الإماراتية لمستشفى بن زايد في عتق    رسمياً.. افتتاح السفارة الهندية في العاصمة عدن    الأحرار يقفون على أرضية مشتركة    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الإعلامي أحمد زين باحميد وتشيد بمناقبه    الأرصاد: منخفض جوي في بحر العرب وتوقّعات بأمطار رعدية على سقطرى والمياه الإقليمية المجاورة    دراسة: الإفطار الغني بالألياف يقلل الإصابة بسرطان القولون    المحكمة الجزائية بحضرموت تقضي بإعدام 6 إيرانيين أدينوا بتهريب المخدرات إلى اليمن    المجلس الاستشاري الأسري يقيم ندوة توعوية حول الصحة النفسية في اليمن    صوت من قلب الوجع: صرخة ابن المظلوم إلى عمّه القاضي    ترامب يعلن إلغاء لقائه مع بوتين في المجر    ريال مدريد يعتلي الصدارة بعد فوزه الثالث على التوالي في دوري الأبطال    شبوة.. حريق ضخم يتسبب بأضرار مادية باهضة في الممتلكات    السكوت عن مظلومية المحامي محمد لقمان عار على المهنة كلها    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة في استشهاد القائد الفريق "الغماري"    صنعاء تبدأ بترميم «قشلة كوكبان» التاريخية    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    الكشف عن عين إلكترونية تمكن فاقدي البصر من القراءة مجددا    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتاوى العلماء بين مقاصد الشرع وهوى السلطة!!!
نشر في نشوان نيوز يوم 01 - 10 - 2011

من يقرأ كتب التاريخ يجد أن الأحداث الكبرى بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بدأت بقضايا الحكم والخلافة ، وتلك الإشكالية لازالت قائمة حتى الآن ، ومن خلالها قُسِّمت الأمة إلى شيعة وسنة وخوارج ونواصب وروافض وغيرها من الفرق ، وعليه فقد سخَّر الخلفاء والولاة والسلاطين والحكام منذ قرون فئة من العلماء تبرر بقاؤهم في الحكم ، ومع احتماء تلك الفئة بالحكام كانت لهم الغلبة في فترات طويلة من التاريخ ، إلاَّ أن فترات أخرى لم يتمكن فيها العلماء الموالين للحكام من تبرير جورهم وطغيانهم، أمام حجج وبراهين العلماء المعارضين لأولئك الحكام ، فهزموا وسقط حكمهم ، بل وصل الأمر ببعض الخلفاء والولاة في العهدين الأموي والعباسي مثلاً إلى تعيين قضاة مهمتهم تبرير النهب والطغيان ، ومن ذلك قيل(كل من هلك فلسيف الدولة ماترك...وعلى أبي الحصن الدرك) وأبو الحصن هذا قاضي جائر كان يبرر لسيف الدولة ظلمه وجوره ونهبه لأوموال واراضي العامة من الناس والإنفاق منها على البلاط والمقربين والحروب التي كان يخوضها ، ومن ثم ما يحدث اليوم في اليمن ليس جديداً بل إمتداد لتاريخ طويل من العلاقة بين الفتوى والحكام.

إن البيان الذي أصدرته جمعية علماء اليمن وقبل ذلك هيئة علماء اليمن ، ويظهر من محتوى البيانين أنهما يحملان موقف مؤيد للحاكم وآخر معارض ، وكلا البيانين يستدلان بقائمة من الآيات والأحاديث ومواقف في السيرة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم ، وفي الأمر أشكاليتين الأولى مع العوام من الناس والثانية مع بعض المنتمين إلى سلك القوات المسلحة والأمن ، ولا يمتلكون من الثقافة الإسلامية الحد الأدنى الذي يعينهم على اتخاذ القرار الصائب في مواجهة المعتصمين سلمياً ، أشرنا هنا إلى المعتصمين سلمياً ليس تحيزاً واستغفالاً لضحايا القوات المسلحة والأمن ، فنفس المسلم أينما كان معصومة إلاَّ بما يجيزه الشرع بإتفاق الفقهاء ، وبالتالي فالإشارة للمعتصمين كونهم عُزل ولايحملون سلاحاً ، وتم الإعتداء عليهم بشكل عنيف وبأسلحة فتاكة وذلك يشير إلى بغي وطغيان ، ثم أن جرم قتل مسلم يوم لقاء الله تعالى لايمكن تبريره ببيان صدرعن هذه الجهة أو تلك ، وفي الدنيا أيضاً إذا ما وقف هؤلاء أمام قضاء عادل فإن القصاص مصيرهم .
إن تضارب الفتوى مع وضد الحاكم ، يستدعي قراءة البيانين وعرضهما على الواقع ، بمعنى هل مايحدث من ظلم وقهر وتمييزمنكر يوجب التغيير، أم أن هناك من العدالة والحرية والصفات الحميدة في ولي الأمرما يستدعي الصبر والتحمل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
إن المأزق الذي تمر به اليمن اليوم مأزقاً سياسياً وليس دينياً ، نزاع بين طرفين الأول يريد التشبث بالسلطة وعدم تركها ويمثله الحزب الحاكم بمختلف رموزه ، وللتشبث بالسلطة شواهد كثيرة آخرها الإلتفاف على المبادرة الخليجية وتوكيل النائب بالتوقيع عليها بدلاً عن الرئيس مع أنه يتمتع بكامل الصحة والعافية التي تمكنه من التوقيع ، ولكنها شهوة السلطان التي يصعب على أي حاكم التنازل عنها ، إلاَّ أن كان زاهداً عن الدنيا ، أو أن يُكره على تركها ، ويعينه على ذلك مجموعة من العلماء والدعاه منهم المنضوين ضمن جمعية علماء اليمن وآخرون ليسوا ضمن تلك الجمعية ولكنهم يجمعون على عدم الخروج على ولي الأمر مهما بلغ ظلمه وجوره ، مؤكدين أن ذلك خير من فتنة تعم ، أما الطرف الثاني فتمثله المعارضة باطرافها المختلفة السياسية والشبابية والشعبية ، وتمثل هيئة علماء اليمن طرفه الشرعي ، وهذا الطرف يرى أن الحاكم عجزعن تنفيذ المقاصد الشرعية في ولاية الأمرالمتمثلة بحماية الدماء والأرواح وتحقيق العدالة بين عموم الناس ، كما استباح المال العام والخاص بتوزيعه على المقربين والنافذين ، وهيمن أفراد نظامه على سلطة القضاء ، ويرى هذا الطرف أن مثل تلك التجاوزات تسقط حقه في الطاعة كولي أمر ، قائلين أن واجب ولي الأمر السهر على تطبيق أحكام الشريعة، ويشير هؤلاء إلى أمثلة من الظلم الواقع على العامة من الناس ومن ذلك على سبيل المثال قتل عدد من الباعة في أسواق صنعاء سواء من قبل الأمن أو بعض المتنفذين ولم يؤخذ بحقهم الشرعي ، لأن القتلة من مناطق الهيمنة والعصبية القبلية بينما القتلى من مناطق لاتحتكم إلى العصبية ، ومن ذلك السطو بالقوة على اراضي وعقارات تعود ملكيتها لأشخاص بسطاء لايملكون وسائل شخصية لحمايتها ، وتحت القوة والإكراه ربما ذهب بعضهم ضحية دفاعه الشرعي عن حقه المنهوب ، والأمثلة كثيرة ، وبالتالي يرى الطرف الثاني أن المقصد الشرعي من الحكم وهو تحقيق العدالة بين الناس ، لم يحققه الحاكم لفساد القضاء وقهرالظلمة تحت سمع وبصر الحاكم ، لذلك خرج جموع أبناء الشعب مطالبين بتغيير الحاكم ، أملاً في حكم عادل يحمي الضعفاء ويصون حقوقهم ،ويحقق مبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ، ويأخذ على يد الظلمة والمستبدين مهما بلغ شأنهم.
إن الإشكالية لدى المواطن العادي تتمثل في الحيرة ، فشعبنا اليمني بحمد الله شعب مسلم ، يرى العلماء ورثة الأنبياء ، ولايخطر بباله أنهم في آخر المطاف بشر يخطئون ويصيبون ، إن ما يطرح اليوم غالبه طرح شرعي ذو مرجعية أسلامية بنفس سياسي ، لأن كثير من البيانات التي تصدر غالباً تتجاهل عنصر هام من مقاصد الشريعة وهو (النفس الإنسانية المعصومة) بل أن بعض تلك البيانات وتحت ضغط سياسي حاد تتناسى الشرع ، لتجيز سفك الدماء بمبررات لايقبلها عقل مسلم ، بل أنك لوناقشت أحدهم منفرداً بعيداً عن منبر الخطابة أو شاشة التلفاز لأكد لك على حرمة دم الإنسان بشكل عام مابالك بالإنسان المسلم ، وتقول له إذن لماذا لايكون هذا خطابكم في كل الأحوال ، يؤكد لك أن ما فهمه العامة لم نكن نقصده ، بل كنا نقصد كذا وكذا ، للأسف أن الكثير من هؤلاء وحدهم الضيوف الدائمون على وسائل الإعلام ، وكثير منهم تأخذهم الحمية وفرصة العمر أمام الملايين من الناس ، بعد أن كانوا محصورين بين عشرات أو مئات وحتى ألاف المصلين فقط، أما اليوم فإنهم يخاطبون الملايين سواء عبر المنشورات أو اللقاءات التلفزيونية، إن الكثير من هؤلاء شباب تبهرهم استديوهات التلفاز والاجتماعات الكبيرة مع علية القوم ، فترى بعضهم يخرج عن وقاره وعلمه ، وتراه يدفع الناس دفعاً إلى أن يقتل بعضهم بعضا ، هؤلاء إذا ما استمع لهم العوام جهزوا أسلحتهم ، وأضمروا الشر لكل من يخالفهم الرأي ، فمرجعهم تلك الأراء ، وترى المدير يحقد على موظفيه والجارعلى جاره والأخ على أخيه ، لأنهم يعتقدون أن من يخالفهم الرأي خارج عن ملة الإسلام .
أخيراً أمام الحيرة في تعدد الفتاوى والبيانات ماهو الحل؟؟؟ إن ديننا الإسلامي الحنيف دين الفطرة دين الرحمة والحرية و العدالة ، وعليه فالأصل في الإسلام حرمة دم المسلم وماله وعرضه ، لذلك من يحرض على سفك الدماء واستباحة الأموال والأعراض دون حكم شرعي فذلك مالا تقره المقاصد الشرعية ، وبالتالي من يجيز قتل النفس المعصومة مهما كان علمه فإن رأيه مردودٌ عليه ، بل أن كل من يفتي بقتل النفس المسلمة ظلماً وعدوانا شريك في القتل وإن قيل أنه عالم زمانه ومعجزة عصره ، ثم من يدعوا الناس إلى الخنوع وقبول الظلم والقهر مهما بلغ والمنكر مهما زاد ، فتلك رؤية تناقض جوهر الإسلام الحنيف الذي جاء ليحرر العباد ويخرجهم من جورالسلطان إلى رحابة عدل الإسلام ، تلك العزة التي سجلها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه بقوله (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) دين الإسلام الذي يعلمنا أن لانصبرعلى منكر وأن نغيره بما نقدرعليه باليد أو اللسان أو القلب ، دين الإسلام الذي علمنا أن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، ديننا ليس دين خنوع واستسلام واستبداد ، بل دين حرية وكرامة ، ديننا حررعبيد مكة من عبادة البشر إلى عبادة رب البشر، نأمل من علمائنا ودعاتنا أن لايخافوا في الله لومة لائم ، وأن يكونوا كعلماء كثر سبقوهم في قول كلمة الحق ، فالتأريخ سجل أولئك في أنصع صفحاته ، وسجل علماء السؤ في أسود صفحاته كما سبق وأن أشرنا إلى (أبي الحصين) الذي مات ومات سيف الدولة ، ولكنه سيحمل وزر فتواه لوحده يوم لقاء الله الواحد الأحد سبحانه وتعالى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.