هاهو الرئيس عبدربه منصور هادي يعود مجدداً إلى الأضواء، من عدن، ولكنه هذه المرة بوصفه رافضاً ل"الانقلاب الحوثي" وأنه الرئيس الشرعي الذي يتحرك اليوم من عدن لمحاصرة الحوثيين. الخطأ إذن في اليمن! رئيس تسلم دولة وسلم العاصمة للميليشيات وغادر إلى عدن، لإكمال المخطط بمحاولة تقسيم اليمن ، ومع ذلك يظهر البعض فرحاً منتظراً من الرئيس الذي غادر العاصمة هارباً (أو بصفقة سرية) أن يحررها من عدن! ** إنه الخيار الخطأ تماماً في اليمن؛ خروجه إلى عدن يخلط أوراق الحوثي مؤقتاً، لكنه يعني قفزة إلى وضع أكثر تعقيداً، يضع البلد تحت شبح التقسيم والاحتراب باحتمالات أسوأ. ** إعادة هادي هي إعادة لنفس المعادلة التي أثمرت تسليم صنعاء للحوثي. إعادة الغرب بكل تفاصيله، إعادة هادي بكل تآمره!! ذاته الرئيس الذي طلب من الجيش "الحياد" وعدم الوقوف في طريق من يتهمهم ب"الانقلاب". وذاته الرئيس الذي شرعن وشكل غطاءً للحوثيين وسلمهم كافة مؤسسات الدولة في صنعاء منذ 21 سبتمبر الماضي. وغادر الآن إلى عدن ليقول إن تلك الخطوات والإجراءات لم تكن شرعية؟ أين كان هذا الرئيس؟ الذي يستغل عواطف البعض للمرة الألف. ** كان الذي يتابع سياسات هادي منذ عامين يرى: إن هذا الرئيس يسعى لإسقاط الدولة في صنعاء وسينتقل إلى عدن. فكك الجيش وسلم صنعاء ل"اللجان الشعبية" التابعة للحوثي، وسلم عدن ل"اللجان الشعبية"، المقربة منه. ** الركون على هادي هو تعميق الكارثة في اليمن، كارثة التقسيم وخراب الدولة. إذا كان الخليج يشجع إعادته ، فهو في الخيار الخطأ تماماً.. هادي لن يقاوم الحوثيين ولن يحافظ على أي شرعية، بل سيكمل ما بدأ. عرف الخليج جيداً هادي وهو في صنعاء.. الاعتقاد أن بالإمكان الاستفادة منه خليجياً أو استخدام شرعيته كغطاء.. تقدير خاطئ. ** الذين يعيدون هادي يمارسون نفس أخطاء العامين الماضيين. وهادي ليس الشرعية الدستورية، فلديه مشروع تقسيمي آخر، وليس المبادرة الخليجية فهو من انقلب عليها. ** الانفصال في اليمن بشكل مباشر أو بمسمى "أقاليم" يعني نقل تفاصيل المشهد العراقي، بمثل "داعش"، و"التصنيفات الطائفية". ومصلحة الخليج، وفي مقدمته المملكة العربية السعودية، الحفاظ على اليمن واحداً موحداً، وهناك فرصة بالحفاظ على الدولة اليمنية، وهي دعم اليمن ككتلة واحدة لا يستطيع الحوثي أو أي طرف التفرد به. الانتقال من اليمن بصيغته الموجودة هو انتقال إلى اللادولة، وعلى الأرجح لن تقوم أية دويلات. بل صراع أهلي يجعل البلد أكثر من مركز عملياتي للجماعات المسلحة والمشاريع الخارجية التي تعمل ضد البلد وضد دول المنطقة. ** هادي لديه ميليشيات في عدن وليس رجل دولة. أغرق صنعاءوعدن بالميليشيات وسيعلم الجميع ختاماً أن اليمن واحد الأسى وأنه وقع ضحية صراعات القوى المحلية واللعبة الدولية الشيطانية المتحكمة بالإعلام وألا أحد سينتصر في هذا الصراع الداخلي. ** العودة إلى ما قبل 21 سبتمبر ليست الحل، لأن ما قبل هذا التاريخ هو الطريق الذي أدى إلى ما بعده. وانحراف العملية السياسية في اليمن بدأ بالذهاب إلى التقسيم تحت مسمى تغيير شكل الدولة، والانقلاب على المبادرة الخليجية ببنودها ومبادئها الأساسية. ** شرعية هادي من عدن، ليست أفضل من شرعية الانقلاب الحوثي في صنعاء، فهادي يستدعي التدخل الأجنبي ولا يقوي جبهة داخلية. يمكن لدول الخليج التي طلبت تدخلاً دولياً تحت الفصل أن تلقي نظرة على البلدان التي وقعت فيها تدخلات دولية، ومن استفاد منها؟ ** اليمن يحتاج للحفاظ على كيان الدولة ووحدة المجتمع، ويحتاج لتوحيد أكبر صف من اليمنيين بما يحافظ على البلد، وليس الذهاب تحت مسمى "مقاومة الحوثي" بطريقة تشتت البلاد وتنقله إلى أزمات أعمق. الاعتماد على هادي مجدداً لن يعيد صنعاء ولن يحافظ على وحدة واستقرار البلاد، بل يقوي طريق الغرق، لا قدر الله.