جاء إعلان الحكومة اليمنية تعز منكوبة ليسلط الضوء على ما آلت إليه المدينة، خصوصا مع تزايد معاناة المدنيين بشكل غير مسبوق خلال العشرة الأيام الماضية بعد تصعيد الحوثيين وقوات صالح القصف العنيف بالأسلحة الثقيلة. يرزح سكان تعز اليمنية تحت ثالوث مرعب من القصف شبه اليومي للحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الأحياء السكنية، وسوء الأوضاع الإنسانية والصحية التي دخلت مرحلة الخطر، وغياب المساعدات الإنسانية الخارجية، وهو ما حولها لمدينة منكوبة تنتظر من ينقذها من جحيم الحرب. وزادت معاناة المدنيين بتعز بشكل غير مسبوق خلال العشرة الأيام الماضية بعد تصعيد الحوثيين وقوات صالح من قصفهم العنيف بالأسلحة الثقيلة على منازل المواطنين, ما أسفر عن مقتل أكثر من مئة مدني بخلاف الجرحى, وفق مصادر طبية, وهو الأمر الذي دفع الحكومة لإعلان تعز مدينة منكوبة للمرة الثانية. وطالبت الحكومة في بيان لها الاثنين الماضي, المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن، التدخل الفوري لإنقاذ المدنيين من "حرب الإبادة التي يتعرضون لها على أيدي المليشيا الانقلابية". مأساة أسرة محمد درهم القدسي مواطن تلخص مأساته واقع المدينة, حيث فقد سبع نساء من عائلته ونجا من الموت المحقق بعد تعرض منزله بحي ديلوكس، وسط تعز الأحد الماضي، لقصف بصاروخ كاتيوشا أطلقه الحوثيون من شمال المدينة. أمام منزله المدمر جزئيا، وبوجه عليه علامات الحزن, يحاول القدسي تذكر ما حصل له في أحاديثه مع الزوار الذين يأتون للتضامن معه بعدما تحول منزله لمزار يومي. يروي الأب المكلوم على بناته مأساته للجزيرة نت قائلا "كنت جالسا مع زوجتي وبناتي وإذا بانفجار يهز المنزل سرعان ما سقطت أجزاء منه ليتدخل الجيران وينتشلوني من وسط الأنقاض، وبعدها دخلت بغيبوبة لم أفق إلا بالمستشفى وبجواري سبع من أسرتي وأسرة إخواني قتلى". تسبق دموع الرجل جوابه عند سؤاله عن حاله بعدما حصل له، لكنه يحتسب من قتلوا من عائلته "شهداء فداء للوطن، والله سينتقم من قاتليهم" متوعدا بملاحقة الحوثي وصالح بالمحاكم الدولية. وفوق سرير المرض بمستشفى الروضة الخاص، يتلقى أحمد ناجي العلاج جراء إصابته بجروح بليغة بساقه اليمنى في قصف للحوثيين استهدف منزله بعصيفرة، وأدى لإلحاق أضرار بالمنزل والمنازل المجاورة. ويأمل ناجي أن يتعافى سريعا ليعود لممارسة حياته، وإن كان يرى أن "الحياة بتعز أصبحت أكثر جحيما". خسائر وأحزان ويقدر عبد الرحمن جعفر (مالك لمحلات بشارع 26 سبتمبر) خسائره الأولية بخمسة ملايين ريال يمني بسبب إجباره من قبل الحوثيين على إغلاق محاله في بداية الحرب ثم تعرضها للقصف أثناء المواجهات. يقول الشاب للجزيرة نت إنه أصبح بلا دخل بعدما فقد مصدر رزقه و12 عاملا معه جميعهم يعانون الأمرين لعجزهم عن تدبير نفقات أسرهم ودفع إيجارات السكن, لكن حزنه الكبير على "إفشال حلمي بالزواج بعيد الأضحى بعدما أصبحت عاجزا عن توفير تكاليف العرس". وفي هذا السياق, حذّر ائتلاف الإغاثة الإنسانية بمحافظة تعز من أن "الوضع الإنساني والصحي في المحافظة بلغ درجة خطيرة من التدهور والتردي ما ينذر بكوارث إنسانية لا تحمد عقباها" مطالبا المنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات بدلا من الخذلان وترك الناس فريسة لكارثة محدقة. ويفاقم الوضع أكثر تزايد الاعتداءات على المؤسسات الخيرية المحلية القليلة العاملة مثل مؤسسة روافد وجمعية الحكمة والهلال الأحمر اليمني الذي أعلن الجمعة وقف خدماته بشكل كامل بتعز بسبب احتلال الحوثيين لمقراته بمنطقتي حوض الأشراف وثعبات وتحويلهما لثكنة عسكرية وسرقة ست سيارات تابعة له.