ليس من العقل بمكان أن يهدم الإنسان بيته لكي يعبر عن استيائه من أي شيء، مهما عظم داخل هذا البيت، ذلك أن الهدم لا يقارن بالبناء، وأن البناء ولادة جديدة، وأن الهدم موت لا يتقن إشعال حرائقه سوى من فقد الصواب، وعدم البصيرة. نقول ذلك والوطن يمر بمحك صعب وأزمة كبيرة ترتفع فيها الأصوات.. كل الأصوات.. أضغاثا أضغاثا.. فلا تسمع سوى الهدير وتشنجات المدعين.. ما بين بائع وشارٍ.. فيما ينزوي وجه هذا الوطن خائفا يترقب في انتظار كلمة عقل.. وفعل واع. لماذا يفكر البعض بهدم هذا البيت الجميل؟ لماذا لا نجتمع على صفحة الوطن ونتحالف ونتحاور بالعقل، ونعمل معا لصنع المستقبل المشرق لنا ولأولادنا؟ لماذا لا ننطلق من مبدأ الديمقراطية، وعلى أساسها، لصنع التغيير الذي نريد بعيدا عن الإساءة للوطن.. لهذا البيت الغالي على الكل؟!. فمن السهل أن يجتمع الناس بنية الهدم.. ومن السهل أن يلتقي الفرقاء من أجل الفراق.. لكن من الصعب- أيها العقلاء- ان نجتمع ونبني دفعة واحدة كما هدمنا، ومن الصعب أن نلتقي وقد نسفنا جسور اللقاء. لذلك نقول: ليتنبه الكل!! الوطن في خطر.. والوحدة في أخطار.. والمستقبل على كف عفريت ما لم ندرك، وما لم نقف وقفة عقل من أجل وطننا، ومن أجل وحدتنا، ومن أجل مستقبلنا.. ومن أجل الأجيال القادمة. وما لم نتعقل فإن هذا الوطن لن يعود وطنين ولا ثلاثة ولا أربعة، وربما أكثر من خمسة، وربما على عدد القبائل والفخائذ.. وعندها لن تنفع صحوة، ولن يفيد عقل ولا حكمة، وعندها سيكتب التاريخ ما يشاء.. ولن تكتبوا أنتم شيئاً.. وسيلحق بنا العار جميعاً إلى آخر الدهر. لهذا أدعو الجميع بصوت ضعيف قد لا يؤبه له.. شربه المرض.. وعاثت به السنون والأسقام.. ومزقه الإهمال وجفوة البعض.. وعبث به الظلم.. قفوا لحظة!! أعطوا العقل فرصة أخيرة.. لينزل الجميع من أجل الكل.. ليقبل الكل بالكل.. قفوا لحظة!! فربما نكون.. من قبل ألا نكون.. ومن قبل أن نقول: يا ليت الذي جرى ما كان!.