بعد أن غسلت وجهي بالصابون لأمسح الخطين اللذين تركهما الدمع فوق وجهي، جلست في المطبخ لأضع كمادة ثلج فوق خدي الأزرق و تحت عيني تماما ، لملمت شعري الذي تناثر ، ربطته، وارتديت شالي، ولم أضع مكياجي المعتاد .... عاد. سمعت صوت خرخشة مفاتيحه، فوقفت أمام الباب لأستقبل الضيوف القادمين معه ، فتح الباب و هو ينظر وراءه : - تفضلوا ...أهلا و سهلا . ابتسمت النساء ، دخل الرجال سريعا إلى مجلسهم، لم يلتفت إلي أحد منهم بعد ، كنت أسمعه يضحك و صوته يعلو مع إخوتي مجادلا ومازحا . تحلقت النساء حولي في المجلس المقابل لمجلس الرجال ، قالت إحداهن بصوت خفيض : - كالعادة ؟!! - نعم . - ولماذا هذه المرة ؟ - نسيت وضع سكر في كأس الشاي . تمتمت إحداهن بدعاء عليه تجاهلت التأكيد عليه أو حتى رده. حملت صينية الشاي، وقفت أمامه ليتناول كأسه: - السكر تمام . تجاهلني ، لم يرفع وجهه لينظر إليّ حتى . انشغل إخوتي بالحديث . قالت أحداهن غاضبة و هي تنظر إليه بحقد قديم: - و بعدين ؟!!! - ماذا أفعل ؟ - لا بد أن تضعي له حداً . - كيف ؟ !! ماذا أفعل بجنونه ؟؟؟ ألقت إحداهن اقتراحا مفاجئا : - طلقيه . لكزتها أخرى في خاصرتها : - يا سلام ... و الأولاد ؟!! - يكفيهم ما يرونه كل يوم من أذى . لم أشاركهن الحديث ... حملت أطباق الفواكه إلى الرجال ، وزعتها عليهم ، ضحك الرجال لنكتة ألقاها، فتعمدت أن أجلس بينهم، أصاب أخي الأكبر وجوم حين رأى وجهي : - ما هذا ؟ لم خدك أزرق ؟ رفع زوجي رأسه بسرعة ، نظر إلي ذاهلاً، في عينيه ذعر اشتهيه،شعرت بنشوة خوفه تسري في جسدي، وضعت يدي على خدي، و التزمت الصمت، اقترب أخي الأصغر مني، أزاح يدي عن خدي : - هذه كدمة قوية ، ماذا حدث ؟ مسح زوجي عرقه ووجهه تكسوه حمرة خزي ، هز رأسه كما أعرفه حين يرجوني لأفعل شيئاً ... شعرت بمتعة تهديده : - لا لا ... بسيطة ... لم تعد تؤلمني . نظر إخوتي إليه ، سأله أحدهم : - ما سبب كدمتها الزرقاء ؟ تململ في مقعده ، مسح عرقه، سعل : - لقد سقطت آنية المطبخ فجأة عليها . رمقته ساخرة : - آنية المطبخ ؟ - نعم نعم ... يا الله كم توجعتِ حينها مسكينة يا حبيبتي ... قلت لك أكثر من مرة لا تملئي الخزانة هكذا . رأيته يفرك يديه ببعضهما، كان طفلاً كاذباً و سيظل، شعرت بغضب إخوتي يتصاعد ، وقفت لأجمع الصحون، أمسكني أخي من ساعدي قال بصرامة : - آنية المطبخ ؟!! لم أنظر إليه ، لكنني كنت أدرك أنه يجلس ورائي مرتبكاً قلقاً خجلاً: - آنية المطبخ طبعا . ابتسمت . قلت و أنا أغادر المكان: - و من أين لي بهكذا كدمة إذن؟؟ سمعته يتنهد، و عاد صوته يرتفع ، يعلو و ينخفض، تناسى الجميع خدي الأزرق لهذه الليلة . كل ما أتذكره الآن و أنا أضع يدي أمام المجبر يلفها بالجبس أنه أقسم لي شاكرا أنه لن يتطاول علي بالضرب مرة أخرى لأنني كنت( أصيلة ) جداً معه ... ولن ينسى أبدا كيف حفظت أسرار بيتنا نائمة في بيتنا كزوجة مثالية .