حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرب الأدوية قاتل للنفس البشرية ويستحق عقوبة الإعدام
الدكتور محمد الأغبري- مدير الصيدلة والتموين الطبي بأمانة العاصمة لصحيفة 14اكتوبر :
نشر في 14 أكتوبر يوم 06 - 10 - 2013

عبثاً يحاول مهربو الأدوية وبائعوها إقناع أنفسهم وغيرهم بأن الاتجار بالأدوية المهربة أو المجهولة المصدر من قبيل الكسب المشروع، مع أن قبح هذه التجارة لا يختلف عليه اثنان من الأطباء ذوي الضمائر الحية، لما تجره على المجتمع اليمني والمرضى- على وجه التحديد- من مآس ٍكثيرة شكلت جزءاً لا يتجزأ من حلقة الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراضٍ خطيرة مزمنة واعتلالات جسيمة.
في ثنايا اللقاء التالي مع الدكتور/محمد مرشد الأغبري- مدير الصيدلة والتموين الطبي بمكتب الصحة بأمانة العاصمة، تفاصيل مثيرة حول قضية تهريب الأدوية والاتجار بالأدوية المهربة والمجهولة، ووقوف على دواعي تنامي هذه التجارة العبثية المهددة صحة المرضى، فإلى ما ورد في اللقاء..
إشكالية كبيرة
* تهريب الأدوية بصفة عامة إشكالية كبيرة خطيرة تنسحب أضرارها على المواطنين والوطن، إلى أي مدى وصلت إليه هذه المشكلة؟ وهل أصبحت ظاهرة بالمعنى الحقيقي؟
** لنصل إلى إجابة صحيحة لهذا التساؤل، نحن بحاجة لإجراء موسع- بحق- ودراسة شاملة تتناول الموضوع من مختلف أوجهه الممكنة.
ولكن ما نحن بصدد تناوله أننا جهات صحية مسؤولة ومعنية بضرورة سلامة ومأمونية الدواء؛ كلا في حدود مسؤوليته واختصاصاته، حيث أننا نواجه نوعين من التهريب:
نوع يمثل تهريب الأدوية من المؤسسات الحكومية المختلفة المدعومة من قبل الدولة إلى المنشآت الصيدلانية الخاصة والتي يتم صرفها من قبل هذه الجهات لمنتسبيها مجاناً دون مقابل مادي؛ مثل أدوية الجيش والشرطة، بعض من أدوية وزارة الصحة العامة والسكان وأداويه صندوق المعاقين ... إلخ.
النوع الآخر التهريب للأدوية الواردة من الخارج: من خلال إدخال أدوية مسجلة ومقيدة أو غير مسجلة ومقيدة لدى الهيئة العليا للأدوية بصورة مخالفة وغير نظامية، وتتعدد وتختلف أنواع هذه الأدوية باختلاف مصادر إنتاجها.
ولا اعتقد - برأيي- أن تهريب الأدوية قد وصل إلى حجم الظاهرة في بلادنا.. لماذا؟ لأننا بسياستنا المتبعة في تسجيل الأصناف معتمدين النظام المفتوح وحرية السوق الدوائية، وهذا لا تجده في كثير من البلدان العربية، لذلك نجد أن عملية تهريب الأدوية قائمة موجودة لكنها ليست على نطاق واسع لتشمل جميع الأدوية دون استثناء أو غالبيتها .
أضف إلى ذلك، أن عملية التهريب مؤخراً تراجعت إلى حدٍ ما عما كانت عليه سابقاً، باستثناء الفترة الأخيرة فترة الثورة الشبابية، فوقتها مرت اليمن في ظروف سياسية متأزمة واحتقانات وحالة من انعدام الأمن، ما أتاح المجال لاتساع دائرة التهريب للأدوية .
ومع هذا نقول أن تهريب الأدوية لم يصل إلى مرحلة الظاهرة نظراً للتدابير والإجراءات التي قامت بها الهيئة العليا للأدوية حيال عملية التهريب والحد منها في السنوات الأخيرة والتي كان لها أثر ايجابي، وأهم هذه الإجراءات تتمثل في إلزام مستوردي الأدوية بوضع ختم الوكيل على عبوة أو(باكيت) الدواء الخاص به تميزاً له عن الدواء المهرب.
أسباب تهريب الأدوية
* بالمعنى الحقيقي وليس مجازاً.. أين تكمن الأسباب في ظهور وتمدد وتوسع تهريب الأدوية؟
** أسباب تهريب الأدوية متعددة ومتشعبة وأهمها:-
1 -غياب النص العقابي الرادع في القوانين النافذة المعمول بها حالياً حيال المخالفين ممن يتم ضبطهم من مزاولي مهنة الصيدلة والدواء والذين يمثلون قنوات تصريف للأدوية المهربة، أمثال تجار الأدوية بالجملة، وبعض الصيدليات ومخازن الأدوية، فمع غياب قانون منظم لمهنة الصيدلة والدواء حتى هذه اللحظة نجد إنه قد تبعثر تنظيم أمور هذه المهنة في مجموعة قوانين ولوائح نافذة وقاصرة حالياً فبعض المواد تجدها هنا وبعضها هناك.
وبالنظر إلى النص الوارد بالقانون رقم (4) لسنة 2009م ( قانون الصحة العامة ) نجد أن ما نص عليه بخصوص الأدوية المهربة والشخص المهرب والأدوية المزورة؛ فيه ردع ولكن ليس بالشكل الذي نضمن معه الحل الجذري لهذه المشكلة.
أضف إلى ذلك، أن نص المادة يشمل مهربي الأدوية ممن تم ضبطهم على المنافذ الحدودية، ولا يمكن إسقاطه وتطبيقه على مزاولي المهنة في نقاط البيع بالمنشآت الصيدلانية؛ كالصيدليات ومخازن الأدوية ومحال بيع الأدوية بالجملة.
2 -اتساع الحدود الساحلية والبرية لليمن مع ضعف الجانب الرقابي وآليته على هذه الحدود لأسبابٍ متعددة أبرزها ضعف إمكانات البلد ووضعها الاقتصادي غير المستقر، الذي أعطى متسعاً للمهربين لاستحداث منافذ تهريب يتم التسلل عبرها والتهريب ليس فقط للأدوية بل ولغيرها من السلع.
3-الأزمة التي عصفت بالبلد أثناء نشوب الثورة الشبابية، منذ بداية العام قبل الماضي وما تخللتها من أحداث وآثار سلبية أسهمت إلى حدٍ كبير في تفشي عمليات التهريب، ومنها تهريب الأدوية.
4 - سوء السياسة التسويقية لدى بعض وكلاء ومستوردي الأدوية لمجموعةٍ من الأصناف الدوائية المهمة وبالأخص تلك الأصناف التي يندر وجود بدائل شبيهة لمركباتها؛ بما يلبي احتياجات السوق الدوائي،الأمر الذي ينعكس سلباً نتيجة شحتها أو انعدامها على إدخالها بطريقة التهريب.
5 - ضعف آلية الرقابة والتفتيش الدوري على المنشآت الصيدلانية من قبل الجهات المختصة بالسلطة المحلية وكذلك المركزية وضبط المخالفين ومصادرة الأدوية المخالفة، وذلك لانعدام الإمكانيات والمخصصات المالية لهذا النشاط وعدم اعتماد أي موازنة، إلى جانب غياب التشريعات التي تعطي صلاحيات واسعة للهيئة العليا للأدوية لممارسة الرقابة والتفتيش على الصيدليات ومخازن الأدوية.
6 - وجود عددٍ من المرضى اليمنيين ممن تم معالجتهم خارج البلد وألُزموا باستخدام أدوية خاصة بحالاتهم المرضية لفترات طويلة- ان لم يكن بصفة مستمرة- وصادف أن هذه الأدوية غير مسجلة لدينا ولكن يوجد مثيل لها تم انتاجه من قبل شركة أخرى ، في حين لا يقتنع المريض إلا بنفس العلاج الموصوف له، الأمر الذي يدفع بعض مالكي الصيدليات لإدخال هذه الأصناف إلى داخل البلد بصورة مخالفة .
وبالتالي إذا تم تقنين هذا الأمر عبر التنسيق مع الهيئة العليا للأدوية فمن المؤكد أنه لن يتم استغلاله بصورة سيئة من قِبل البعض بما يتعارض مع الجانب الإنساني.
أسباب أخرى
* هل ثمة أسباب أخرى يعزيىإليها السبب في تهريب الأدوية ؟
** بالطبع توجد، ومنها:
ارتفاع سعر بعض المنتجات الدوائية الخاصة بالعديد من الوكلاء ومستوردي الدواء المعتمدين رسمياً بشكلٍ مبالغ فيه عما عليه السعر لدى بعض الدول الأخرى، مما يدفع إلى إقدام مهربي الأدوية لإدخال هذه الأصناف بطريقة التهريب وبيعها بسعر أقل من سعر الوكيل.
وقد شاهدنا حالات متعددة حدثت مؤخراً حول هذا الأمر ما دفع الوكيل المغُالي في سعر الدواء إلى تخفيض سعر دوائه بعد أن تم إدخال كميات مهربة إلى السوق وبيعها بنفس السعر.
وحقيقة لا نعلم يقيناً الأسباب التي تدفع ببعض الوكلاء والمستوردين للأدوية المعتمدين إلى تخفيض سعر الدواء المعتمد مساوياً لسعر المنتج المهرب .
وجود شركة مناقصات عملاقة في دول الخليج يرمز لاسمها (S.J.H)، وهذه الشركة تقوم بشراء الأدوية وتسويقها لدول الخليج العربي بطريقة المناقصات، وكما نعلم بأن سعر الدواء المعتمد من قبل الشركات عبر المناقصات يقل عن سعره المعتمد بالسوق الدوائي المتدوال، ولذلك نجد أن بعض الأصناف سعرها أقل.
أضف إلى ذلك نسبة (36 %) المعتمدة عند إدخال الدواء وإيصاله إلى داخل البلد بصورة رسمية يُغري أصحاب النفوس المريضة لتهريب الأدوية سعياً وراء تحقيق المكاسب المادية غير المشروعة .
- تدني مستوى الوعي الصحي خصوصاً، وارتفاع معدل الأمية عموماً لدى العامة بما لا يتيح القدرة على التفريق بين الجيد والسيئ من الأدوية إن كانت معتمدة أو مهربة أو مزورة أو مجهولة المصدر على الرغم من أن ختم الوكيل الدوائي المعتمد رسمياً يشكل الجزئية الفارقة لكنها ليست كل شيء نتيجة لجوء بعض مهربي الأدوية إلى تزوير الأختام، مما يجعل اللجوء إلى عرض الأدوية التي يتم شراءها من صيدلاني متخصص أو على طبيب معالج أمر مهم حتى لا يقع المواطن في فخ الأدوية المهربة والمزورة.
مخاطر الأدوية المهربة
ثمة مخاطر جمة تترتب على استخدام المواطن لأدوية مهربة أو مزورة أو مجهولة المصدر .. كيف تقيمون حجم الكارثة؟
إن الآثار الناجمة عن ظاهرة تهريب الأدوية أو على استعمال الأدوية المهربة والمزورة هي كثيرة بالفعل، فكما نعلم يقيناً بأن مهرب الأدوية يتبع سُبل وطرائق شتى هي كثيرة بالفعل ليتمكن من إدخال أدويته إلى داخل البلد، وخلال رحلة تمتد من موقع تسلمه لكميات الأدوية المهربة وحتى يتم إدخالها إلى البلد فإنه يخضع لحالات فر وكر ما يدفعه إلى إتباع خطوط سير بعيدة عبر الصحراء أو الجبال والمرتفعات، ناهيك عن أنه يضطر إلى وسائل خزن رديئة لا تحافظ كثيراً على صلاحية الأدوية ما قد يعرضها لدرجة حرارة مرتفعة تارة ومنخفضة تارة أخرى وإلى أشعة الشمس المحرقة؛ بل وأحياناً تدفن تحت الرمال الملتهبة، مما يؤدي إلى تلف المواد الفاعلة في بعض هذه الأدوية وتحولها إلى داءٍ بدلاً من أن تكون دواء ، وهذا وتحديداً يشمل أصناف دوائية معينة مثل:-
1 - الأدوية المنقذة للحياة كأدوية ( أمراض القلب ،الكبد ،الكلى).
2 -الأدوية الهرمونية.
3 -الأدوية التي يجب أن تنقل وتحفظ بدرجات برودة محدودة (بثلاجات)،وهي على سبيل المثال لا الحصر(الأمصال، الأدوية الهرمونية المصنعة على شكل فيالات أو أمبولات، الأنسولين،...الخ).
وهنا يتحول المهرب لهذه الأدوية إلى شخص قاتل للنفس البشرية ويستحق عقوبة الإعداموهي قليلة عليه، على رأي أستاذنا الدكتور/ عبد المنعم الحكمي - مدير عام الهيئة العليا للأدوية.
الجانب الآخر، ما تسببه هذه الظاهرة من خسائر اقتصادية على البلد، كونها يؤدي إلى حرمان الخزينة العامة من المبالغ المفروضة على الأدوية قانونياً ولائحياً، كما يبقى الحديث عن هذا الجانب مُناط بالمختصين في الاقتصاد ويمكنهم أن يدلوا بآرئهم عن علم ودارية.
وللعلم، قد تكون هناك أدوية استثنائية يتم إدخال بعضها عبر التهريب بطريقة سليمة لا تؤثر على مفعولها، لكنها تظل محل شك وريبة لا تخضع للرقابة أو الفحص وقد لا تتطابق الشروط والمعايير الدوائية المتعارف عليها في الصناعة الدوائية. كما أن الحفاظ على صلا حيتها وحفظها بالمستوى المطلوب لا يبرر ولا يجيز إدخالها بصورة تهريبية.
علاوة على القاعدة التشريعية - كما نعلمها- تُعطي مثالاً حياً لا بد أن نتبعه مفاده أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
رقابة قاصرة
ما واقع الرقابة والتفتيش عن الأدوية -عموماً- بمكتب الشؤون الصحية بأمانة العاصمة؟ ولماذا لا نجده ملموساً لاسيما ما تعلق بمنافذ بيع الأدوية للمواطنين كالصيدليات ومخازن الأدوية؟
فيما يخص إجراءات الرقابة والتفتيش، فإن هذا الجانب - أن لم يكن منعدماً- فهو شبه منعدم ، ونحن في إطار مسؤوليتنا في إدارة الصيدلة في مكتب الصحة بأمانة العاصمة لا يزال الأمر لدينا- بحسب قانون السلطة المحلية يقتصر على الجانب الإشرافي والرقابي على عمل فروع المكاتب الصحية في مديريات أمانة العاصمة العشر.
ومع الأسف هذه المكاتب أساساً لا تمتلك أي اعتمادات أو مخصصات مالية تمكنها من تفعيل هذا الدور الرقابي والتفتيش الدوري على المنشآت الصيدلانية، وعندما نقوم بالضغط عليها لتفعيل هذا الدور تقوم بتكليف لجان بهذا الخصوص ولكن دون أن يتم منحهم أي امتيازات مالية أو مقابل نزول ميداني أو بدل مواصلات، فنتفاجأ بعدها بأن بعض هذه اللجان قد تحولت إلى الجباية على مالكي المنشآت الصيدلانية!
وفي بعض الأحيان تدخل اللجان في شجار وعراك مع مالكي بعض المنشآت مما يلزم أن يكون بجانبها لجان حماية أمنية تقيها من بلطجة بعض مالكي المنشآت الصيدلانية ممن يتم ضبط أدوية مهربة لديه أو من يرفض أساساً التفتيش ويُصر على عدم السماح للجان بالدخول إلى منشأته وتمكينها من التفتيش.
إن كان تعذر توفير بدل انتقال لأعضاء اللجان وتوفير وسائل انتقال لهم، فما بالك بما يترتب على عدم توافر بدل نزول ميداني لأعضاء اللجان الأمنية.
مكافحة تهريب الأدوية
* طالما محاربة تهريب الأدوية ليس فقط مسؤولية وزارة الصحة وفروع مكاتبها بالمحافظات والمديريات فما الجهات التي تتحمل جزءاً من هذه المسؤولية الواسعة؟ وما الحلول العملية لاحتواء هذا النوع من التهريب أو للحد منه؟
** سؤال وجيه، إذ لا يمكن محاربة هذه الظاهرة، ولا يقتصر على دور جهة واحدة بعينها كوزارة الصحة ومكاتب الصحة بالمحافظات وفروعها بالمديريات ولكن يلزم جهات متعددة أن تتكاتف وتتآزر وتوحد الصف لمواجهتها بقوة للعمل على اجتثاثها؛ ليشمل - في صعيد واحد - كلاً من وزارة الصحة العامة والسكان وفروع مكاتبها التنفيذية بالمحافظات والهيئة العليا للأدوية وفروعها وشعبة مكافحة التهريب بوزارة الداخلية مع الفروع ذات الصلة بها وخفر السواحل وهيئة المواصفات والمقاييس ومختبرات رقابة الجودة ومنظماتها وحرس الحدود، وكذلك وزارتا الإعلام والثقافة والمؤسسات التابعة لهما.. الخ، فإذا ما استطعنا جمع ممثلي هذه الجهات على طاولة واحدة، كلُُ يدلي بتصوره ورؤيته المناسبتين لمعالجة هذه الظاهرة وما يمكن تقديمه حسب إمكانياته واختصاصه، فستؤدي هذه المداولة وهذا التشاور إلى إجماع كل الأطراف والخروج برؤية موحدة وتصور مبدئي للموضوع.
وبعدها يتم عقد ورشة عمل تتبناها الهيئة العليا للأدوية باشتراك جميع الجهات المذكورة سابقاً مع إشراك الجهات الخاصة ذات العلاقة وشركات ومؤسسات وكلاء ومستوردين ومصنعين محليين وأصحاب صيدليات، وتتطلب المشاركة فيها - أيضاً- باحثين من ذوي الاختصاص في هذا المجال لمناقشة هذه الظاهرة ودراستها ومعرفة أسبابها ومسبباتها وتشخيصها تشخيصاً سليما،ً ومن ثم استخلاص الحلول الناجحة والناجعة لمعالجتها وصولاً إلى السبل الكفيلة باجتثاثها نهائياً.
ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي تبناها وقدمها الأخوة الصيادلة كتعديلات مطلوب إدخالها على مشروع قانون الصيدلة والدواء المطروح حالياً على طاولة مجلس النواب لمناقشته وإقراره، وقد تضمنت هذه المقترحات عقوبات رادعة في فصل العقوبات بحق المخالفين للمهنة وسلوكياتها، بما في ذلك التهريب والتزوير وكل من يتعامل به من قريب أو بعيد.
إلى ذلك اعتماد الموازنات المالية اللازمة للجهات المختصة بمختلف مستوياتها بدءاً بالإدارة العامة للصيدلة بديوان عام الوزارة، ومروراً بمكاتب الصحة بالمحافظات وانتهاء بفروع مكاتب الصحة بالمديريات بمعية تفعيل الجوانب الرقابية الدورية على المنشآت الصيدلانية وتفعيل العمل بنصوص المواد العقابية ضد المخالفين لآداب وسلوكيات المهنة.
ولأننا بدون تفعيل هذا الدور المهم فلن نتمكن من القضاء أو الحد من ظاهرة تهريب الأدوية وغيرها من الظواهر المشينة بحق مهنة الصيدلة والدواء، فكما نعلم بأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
كلمة أخيرة
* ما الذي تود أن تقدمه من إضافة في ختام هذا اللقاء؟
** من خلالكم وعبركم نوجه مناشدة لأعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب والجهة الحكومية الممثلة لوزارة الصحة المعنية بهذا القانون - التي ذكرتها سابقاً- ألا يجعلوا ما بذلناه من جهود في سبيل إخراج قانون الصيدلة والدواء ملبياً ولو بالحد الأدنى لطموحات وآمال منتسبي هذه المهنة - تذهب أدراج الرياح، وتعيد ولو جزءاً من الحقوق المسلوبة لأصحابها.
أملنا فيهم وبالله كبير .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.