يمكن القول بأن الباحث عبد الجبار نعمان باجل من الباحثين القليليين والمهتمين الذين بحثوا في مجال الشعر الحميني كموضوع ثقافي وأدبي له أهميته البالغة، حيث يُعد كتابه (الشعر الحميني.. الريادة والأصول) الصادر عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومركز عبادي للدراسات والنشر للعام 2004م رافداً مهماً لهذا اللون الشعري وذلك لندرة الكتب والمراجع في هذا المجال ولما نتج هذا اللون الأدبي من جدل تأهيلي أراد باجل أن يوضح الكثير في كتابه عن ذلك الجدل وأوجه الاختلافات والآراء حول الموضوع ذاته. وأستهل المؤلف الكتاب بمقدمة أوضح فيها أنه وقف مع مجموعة من زملائة منذ مطلع ثمانينات القرن المنصرم (تتردد في أوساطنا فكرة الحميني ولماذا لا تكون نسبته إلى تلك القرية القابعة بين أحضان التلال الحمينية وكم كنا مؤمنين بذلك منذ الصبى ولكن لعدم سعة اطلاعنا أن ذاك كثيرا ماكنا نتردد خشية أن يسخر منا البعض في إطار محيطنا). وأضاف: (وأدركت أن الأمر بحاجة إلى تتبع جدي للإلمام بالموضوع حتى نتمكن من الحجة الكافية وبدأت أتابع جاداً بصمت البحث عن المراجع وما زادني فضولاً خوض العديد من هذه المراجع في مسألة أصل التسمية للشعر الحميني لكننا لم نجد لهذه المسألة حسماً منهجياً سوى افتراضات بعضها كان الصمت أخف وطئاً وأهون ضرراً من المجازفة في طرحها الأمر الذي دفعني وبقوة أن أشرع في عملية التتبع المنهجي بعد جهد معاناة شديدة). ويحتوي الكتاب على أربعة أبواب يتطرق المؤلف في الباب الأول منهما إلى إشكاليات التراث كمدخل للباب ومن ثم إلى الإشكالية حول أصل التسمية آتياً بالحلول وموضحاً وجهات النظر المختلفة وموطن الشعر الحميني حيث يرى (أن أصل تسمية الحميني شكل لغزاً محيراً لدى الكثير من أدبائنا فحاولوا أن يجتهدوا في أصل هذه التسمية فمنهم من رد أصل تسمية حميني إلى حميا ومنهم من رده إلى حميري ومنهم من إلى حمن ومنهم من إلى حماقي كل هذه اجتهادات وافتراضات لا تمت بصلة إلى أصل تسمية الحميني وهذا يعني أن هناك سؤالاً يطرح نفسه ويطلب بإلحاح الإجابة عليه). وفي الباب الثاني يتحدث المؤلف عن رواد وأعلام الشعر الحميني طارحاً الكثير من الأعلام والأسماء ومتطرقاً إلى سيرة كل واحد منهم بدءاً باسمه ومولده وأعماله وانتهاءً بوفاته مع إيراد بعض النصوص لكل منهم بما يتوافق مع ما يرمي إليه. ورواد الشعر الحميني كما أوردهم الباحث في الكتاب هم (الحكاك الحميني، أبن فليته، المراح، العلوي، العيدروس، السودي، السيد حاتم الأهدل، أبن شرف الدين، الفقيه مهير، علي بن محمد العنسي، عبد الرحمن الأنسي، المفتي، جابر رزق، وأخيراً محمد أحمد ناصر الزبيدي). أما الباب الثالث فيفرده الكاتب للحديث عن الأصول الفنية لنظام الشكل في الشعر الحميني وترانيم على بساط الشكل وكذا الإطار العام للمبيت الحميني من حيث الشكل والتعريف بالإطار العام لمبيت الثنائي والرباعي مدافعاً عن يمنية الشعر الحميني ومتحدثاً عن الفرع الثاني من فن الشعر الحميني (الموشح) وعن أصول فن الموشح الحميني من حيث الشكل. وقد ركز المؤلف على دراسة الكل لأنه كما يرى أكثر وأهم ما يميز القصيدة الحمينية هو شكلها الفريد والمتميز قاصداً من ذلك تجنب الخلط بين القصيدة الحمينية وبقية الأصناف الأخرى من الأشعار العامية والشعبية التي لا تلتزم بنظام شكل الشعر الحميني. وفي الفصل الرابع والأخير بمثابة ملحق للكتاب يتطرق فيه المؤلف عن الخلفية التاريخية للجهة الحمينية وعن التسمية والإطار الجغرافي للموقع ومكونات الموقع وكذا عن الموقع قرية الحمينية والموقع القديم لقرية الحمينية والوصف الحالي لموقع الجوز.