غريب أمر أولئك الذين يستفيدون من استمرار الحرب في صعدة ونشوبها بصورة مستمرة ومتكررة ويحققوا مصالحهم على حساب مستقبل وحياة شعب بأكمله.. لقد توسعت الحرب وأصبحت بؤرة عنف واقتتال داخلي بفعل التوترات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية، وأي انتصارات فيها هي جروح لن تندمل في الجسد اليمني، وأي قتلى وجرحى فيها هم شباب يمنيون يواجهون بشراسة بسبب التعبئة الدينية وأخطاء السلطة المتكررة.. إن ما يجري اليوم في صعدة هو صراع سياسي يغلف بلافتات مذهبية وطائفية. إنها حرب الخاسر فيها أولاً وأخيراً هو الوطن والشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه، فهي جريمة شنعاء بحق الغالبية الساحقة من المواطنين.. حرب سببها السلطة التي أوجدت ما يسمى بقوى الحوثيين ودعمتهم في الماضي لأغراض ومآرب سياسية حققتها ضد أطراف أخرى. أضف إلى ذلك طابع السلطة الاستبدادي واختزال الدولة بأشخاص محددين والإدارة بالأزمات والحروب، وغياب هيبة الدولة فتح شهية الآخرين للدخول في صراع مع هذه السلطة التي أضحت لا تمثل المجتمع وتعادي مصالحه وتديره بوسائل مدمرة عفا عليها الزمن.. إن الوضع في صعدة مأساوي ويزداد تفاقماً والحرب خلقت فيها كوارث إنسانية كبيرة لم يكشف عنها صاحبها حجب وتعتيم إعلامي وإغلاق المنطقة في وجه المنظمات والصحفيين.. إن حروب صعدة الست وبقية الحروب الداخلية التي خاضتها السلطة تمثل دليلاً لا يدحض على فشلها الذريع.. فحرب صعدة في آخر تجلياتها ليست إلا تعبيراً آخر عن الأزمة الوطنية المستديمة في اليمن والتي لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية بل على العكس فإن وهم الحل العسكري لايؤدي إلا إلى المزيد من التفاقم والثأر السياسي والاستفحال لهذه الأزمة المستعصية والتي يمر حلها الحقيقي من خلال إصلاح النظام السياسي في اليمن إصلاحاً يجعل هذا النظام قادراً على إستيعاب مختلف التناقضات والمطالب الاجتماعية والسياسية الناشئة وإدارتها سلمياً ومواجهة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة وإلا فإن اليمن سيصبح مفتحوحاً على مختلف الصراعات الداخلية والخارجية وعلى كافة الاحتمالات.. فكفاية حروب ودمار وكفاية لعبت سلطة مغرورة أو صلت تعقيدات وعذابات المواطنيين إلى درجة تفوق احتمالهم في وطن جريح مثقل بالحروب والآلام والكوارث والصراعات.. إن جزءاً كبيراً من هموم الوطن في الوقت الحاضر ينصر في حرب صعدة وتداعياتها هذه الحرب التي جاءت لتعمق جراح الوطن وتضيف الآماً إلى الآمه.. لقد سئمنا من الحروب والصراعات والمعاناة والشتات.. وسئمنا من تكرار الحوادث التاريخية وإنتاج الحروب واستمرار نزف الجراح.. وبلا شك لقد أرتبط رمضان في عامنا هذا بحرب صعدة السادسة وبواقعنا المرير الذي نعيش فيه وشهر رمضان هو شهر الله، والله سبحانه وتعالى موجود في كل مكان وزمان فلنذكر الله في زماننا ولنتذكره في زماننا ولنحتفل بشهره الكريم وعيد الفطر في زماننا بما يرضيه ولا حاجة بنا أن نحتفل بسيل الدماء وإزهاق النفوس وقتل اليمني لأخيه اليمني.. فارحموا الشعب فإنه بحاجة إلى العتق من الحرب والاستبداد والظلم.