في إحاطته أمام مجلس الأمن حول اليمن، وضع المسؤول الأممي مارك لوكوك العالم أمام خيارين: إما دعم الاستجابة الإنسانية في اليمن، والمساعدة على خلق مساحة لحل سياسي مستدام، أو مشاهدة اليمن يسقط في الهاوية. ورسم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، صورة قاتمة عن الوضع في اليمن إذا لم يقدم المانحون المساعدات المالية اللازمة لدرء كارثة في الدولة التي تعاني ويلات الحرب والفقر والأمراض مع انتشار جائحة كوفيد-19 بسرعة في البلاد، ووفاة 25% من المصابين بالمرض، وهو ما يمثل خمسة أضعاف المعدل العالمي، فضلا عن انهيار النظام الصحي. وقال لوكوك خلال جلسة مجلس الأمن الافتراضية المغلقة التي عقدت عصر اليوم بتوقيت نيويورك: "تضيف جائحة كوفيد-19 طبقة أخرى من البؤس على العديد من الطبقات الأخرى. وقد قال رئيس وزراء اليمن في وقت مبكر من هذا الشهر إن مأساة إنسانية مروعة على وشك أن تحدث". ضرورية تقديم المساعدات المالية في 2 حزيران/يونيو، استضافت الأممالمتحدة والمملكة العربية السعودية مؤتمر المانحين الافتراضي لمساعدة اليمن. وتعهدت 31 جهة مانحة بتقديم 1.35 مليار دولار للمساعدات الإنسانية، من بينها 700 مليون دولار كتمويل جديد. وقال المسؤول الأممي: "هذا فقط حوالي نصف ما تم التعهد به العام الماضي. وهو أيضا أقل بكثير مما نحتاجه لمواصلة عمل البرامج الإنسانية. تعهدات منطقة الخليج المخفضة تشكل بصورة أساسية جميع التخفيضات". وأوضح لوكوك أنه بسبب ذلك، توقفت مدفوعات الحوافز لعشرة آلاف من العاملين الصحيين الذين لم يتلقوا رواتبهم أصلا. وستتوقف خدمات الماء والصرف الصحي لأربعة ملايين شخص في غضون أسابيع. ولن يحصل نحو خمسة ملايين طفل على التطعيم، ومع حلول آب/أغسطس، ستتوقف برامج معالجة سوء التغذية، وسيتوقف أيضا برنامج الصحة الموسع، والذي يخدم 19 مليون شخص. وأضاف لوكوك: "لم يتم دفع الكثير من التعهدات التي تقدم بها المانحون. ولا نرى أي سبب منطقي للتأخير"، مشيرا إلى أن الوعود لا تنقذ الأرواح: "فقط عندما تنفذون ما وعدتم به، فإنكم تنقذون طفل". حماية المدنيين وتطرق مارك لوكوك إلى أوضاع المدنيين في اليمن مع استمرار الصراع. وقال: "في أيّار/مايو، قتل أو أصيب ما معدله خمسة مدنيين يوميا. واحد من بين ثلاثة منهم طفل، ثلثا الحوادث التي تضرر خلالها مدنيون حدثت في منازل العائلات أو المزارع، وخمسة حوادث ضربت المرافق الصحية". وفي 15 حزيران/يونيو، أصيبت سيارة بضربات في منطقة صعدة، وقتلت 13 مدنيا على الأقل، بينهم أربعة أطفال. الوصول الإنساني وذكر لوكوك أن النقل الآمن لعمّال الإغاثة من اليمن وإليه يمثل عنصرا أساسيا في وصول المساعدات الإنسانية. وأضاف أن شمال اليمن أصبح من بيئات العمل الإنسانية الأكثر تمحيصا في العالم، وبشكل عام فإن البيئة تتحسن. أما في الجنوب، فثمّة زيادة في القيود، بما في ذلك التدخل والتأخيرات غير الضرورية في المساعدة. ووقعت حوادث أمنية خطيرة أثرت على العاملين في المجال الإنساني، وأدى النزاع المتصاعد في أبين إلى تقييد الحركة عدة مرات. وقال لوكوك: "لا نزال قادرين إلى حد كبير على حل هذه المشاكل عند ظهورها، لكن الاتجاه العام يزال يشكل مصدر قلق كبير". وقبل عدّة أسابيع، استؤنفت خدمة المسافرين إلى عدن بجدول زمني مخفض. إلا أن أول رحلة طيران للموظفين الوافدين إلى صنعاء لم تهبط حتى 15 حزيران/يونيو، ويقوم الموظفون القادمون بالحجر الذاتي لمدة 14 يوما. وتأخرت أول رحلة إلى صنعاء عدة أيام، وقد ألغى مسؤولو أنصار الله ذلك قبل الإقلاع مباشرة، وهو قرار تم العدول عنه في اليوم التالي. ووصلت رحلة ثانية في 20 حزيران/يونيو. وأضاف لوكوك:"نحن نسعى إلى الحصول على تصريح دائم للطائرة للهبوط، وجدول زمني موثوق به يسمح بالتناوب المنتظم للموظفين". وتحدث مارك لوكوك عن الوضع الاقتصادي في اليمن والذي يزداد سوءا. وقال: "لم نشهد من قبل في اليمن وضعا تتداخل فيه مثل هذه الأزمة الاقتصادية المحلية الحادة مع انخفاض حاد في التحويلات وتخفيضات كبيرة لدعم المانحين للمساعدات الإنسانية، وهذا بالطبع يحدث وسط جائحة مدمرة". ولم تدخل أي سفن وقود تجارية إلى الحديدة منذ 8 حزيران/يونيو بسبب الخلاف السياسي حول إدارة العوائد، وتتدهور قيمة الريال اليمني بسرعة، وتبلغ قيمة التداول 620 ريال أمام الدولار في الشمال، و750 ريال أمام الدولار في الجنوب، وارتفعت أسعار السلع بنسبة 10-20% في بعض المناطق خلال الأسبوعين الماضيين. وفيما يتعلق بخزان "صافر" العائم، والذي يهدد بكارثة بيئية محتملة، قال لوكوك إن العمل يجري على قدم وساق مع مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيثس، للحصول على موافقة سلطات أنصار الله لإرسال بعثة فنية بقيادة الأممالمتحدة لتقييم الوضع وإجراء إصلاحات أولية على الناقلة. وسيحدد التقييم الخطوات الضرورية التالية، والتي تتضمن استخراج النفط بأمان. وحث مارك لوكوك في ختام كلمته الدول المانحة على التعجيل في تقديم ما تعهدت به خلال مؤتمر المانحين، والنظر في زيادة المعونات. وقال: "لا يزال بإمكان الوكالات الإنسانية، بالتمويل الكافي، الحفاظ على استقرار الوضع الإنساني، وهذا ما نريده جميعا. وذلك سيساعد أيضا في العملية السياسية".