كان لكلمته، التي ألقاها في مؤتمر الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، زخما مهنيا، ما أعطى للصحفيين اليمنيين قوة دافعة للمضي نحو مزيد من الحريات. حيث طالب بتوسيع الحريات الصحفية، وأعلن وقوف الاتحاد الدولي للصحفيين مع الصحفيين ضد كل من ينتهك حقوقهم، وحريتهم. ويتحدث رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين جيم بوملحه، في حوار مع "السياسية" عن السُبل الكفيلة لحماية الصحفي، وواقع الصحافة اليمنية، فضلا عن قضايا صحفية أخرى. * ما تقييمكم للواقع الصحفي في اليمن ونقابة الصحفيين؟ - أنا لست هنا لأضع مقارنة بين ما يجري في اليمن وما يجري في بقية أنحاء العالم العربي والعالم ككل. وذلك لأن الوضع، هنا، مختلف لأن اليمن بلد ناشئ. وفيما يتعلق بالنقابة فإن عُمرها 20 عاما فقط، وبالتالي فمن الصعب مقارنتها مع الأخريات. ولأن اليمن بلد فقير, فإن وضع الصحافة فيها أيضا فقير. وعلى الرغم من أن الشعب اليمني، وليس الكثير، يقرؤون الصحف, فمن الواضح أن العديد منهم يستمع للإذاعة أو يشاهد التلفزيون والقنوات الفضائية, لكن الوسائل البصرية والسمعية ما زالت بيد الحكومة، ولهذا فهناك العديد من السلبيات. هناك احتمال أن يتطور الصحفي وهذا لن يحدث إلا إذا بدأ الصحفيون بإنشاء اتحاد داخل مواقع العمل، وهذا سيكون مكسبا سياسيا أيضا، ومن المهم تغيير التشريعات الموجودة حاليا. * هل نستطيع القول إن وضع الصحفيين في اليمن هو الأفضل في العالم العربي؟ - بالطبع لا. وأنا ليس في وضع يسمح لي بعملية التصنيف هذه, هناك العديد من المنظمات لتقييم ذلك. اعتقد أنه من الخطأ قياس حرية الصحافة في اليمن "إنها مسالة صعبة". وبالنظر إلى دستور البلاد, سنجد أنه يحوي ضمانات كافية لحرية التعبير, لكن السبب يكمن -للأسف- في الفجوة الموجودة بين ما تضمنه الدستور، وما يحدث في الحياة اليومية. * بالنسبة للجائزة التي منحت للصحفي عبد الكريم الخيواني, لماذا تم التركيز على قضيته على الرغم من وجود قضايا أخرى في اليمن يعاني منها الصحفيون؟ - إنها ليس جائزة مقدمة مني، ولكنها جائزة مقدمة من منظمة العفو الدولية, وهي منظمة منفصلة وتتعامل مع حقوق الإنسان. إن هذه الجائزة التي حصل عليها الخيواني هي جائزة خاصة تمنح للصحفيين الذين يعرضون حياتهم للخطر في سبيل التعبير عن شيء ما, هذا هو الغرض منها. هناك العديد من الصحفيين، سواء هنا أو في كافة أنحاء العالم، من يستحق مثل هذه الجائزة, لكن منظمة العفو اختارت الخيواني؛ لأنها اعتبرته مثالا ورمزا لما يحدث للصحفيين الشجعان الذين يسعون وراء الحقيقة, لذا فهو رمز للصحفي هنا، وفي كافة أنحاء العالم العربي. وقد تم اختياره من بين المئات لمنحه هذه الجائزة. والغريب في الأمر أن هناك الكثيرين ممن لا يعرفون حتى أين تقع اليمن. وكأمر بديهي بدأ العديد من الأشخاص استيعاب ما يجري في اليمن، وحاولوا فهم ما يدور من حولهم. * ما الذي يقدموه الاتحاد للصحفي الذي يتعرض للخطر؟ وكيف تراقبون وضع الصحفيين في العالم؟ - ليس نحن من يقوم بهذا، ولكنها مسؤولية منظمة العفو الدولية، التي تستخدم معايير لمعرفة الخطر المحدق بالصحفيين. واعتقد أنه قد توفرت للمنظمة معلومات كافية عن اليمن جعلتها تتخذ ذلك القرار. أما اليوم فإن العالم أصبح عالما صغيرا, فمثلا إذا حدث لك شيء ما هنا, فإن الخبر سينتشر في كافة أرجاء العالم بعد عشر دقائق فقط، وذلك بسبب قوة التكنولوجيا. أما في الماضي، إذا حدث شيء ما للصحفيين, فإننا لا نعلم به أو إننا نعلم به، ولكن بعد خمسة أشهر من حدوثه. كانت المعلومات التي وصلتنا عن الخيواني قويّة ودليلا واضحا لما يجري. وبناء على ذلك, اتخذت منظمة العفو الدولية ذلك القرار. * فيما يتعلق بعلاقتكم بنقابة الصحفيين اليمنيين، ماذا بإمكان الاتحاد الدولي للصحافة تقديمه لها؟ - نعتبر نقابة الصحفيين اليمنيين عضوا هاما لنا، وأنتم أعضاؤنا فيها. نحن نلتزم بتقديم الدعم لكم ومساعدتكم في بناء اتحاد جيّد، وتحفيزكم وإمدادكم بالقوة اللازمة. على سبيل المثال: تستطيع الذهاب إلى الرئيس ومحاورته ببعض الأمور المتعلقة بكم, هذا من شأنه أن يبني حوارا مع السلطات. وفي حال انحرفوا عن الصواب, فيجب أن نخبرهم بذلك. ومن هنا نستطيع توفير الكثير من الأشياء، ولكن الشيء الأساسي الذي ينبغي عليكم معرفته هو: أن النقابة لن تؤسس من قبلنا، ولكن من قبلكم أنتم. مع العلم أننا سنستمر بتقديم الدعم المطلوب. فثملا إذا نظرنا إلى اجتماع الجمعية العمومية من ناحية الانجازات فلا أعتقد أنه اجتماع سهل, لماذا؟ لأن تنظيم الاجتماع عملية مرهقة وصعبة، وتُكلف الكثير من المال. ولهذا إذا احتشدت غرفة الاجتماعات بالمئات من الأشخاص, فعليك أن تكون حذرا في استخدام كل ثانية لما من شأنه أن يعود بالنفع عليك. مثلا، لا تستطيع أن تقضي يومين كاملين تتحدث عن الانتخابات, هذا مثال واضح عن الاستخدام السيئ للوقت. والأحرى بك أن تستغله في الحديث عن قضاياك (قضايا الصحفيين). إن وضع الصحافة والصحفيين هنا سيئ. القضية الأساسية التي يجب مناقشتها، في المقام الأول، تجربة كل فرد، وثانيا السُبل الكفيلة لتغيير الوضع. وقد يخطر ببال البعض هذا التساؤل: لماذا يحصل الصحفي على خمسين دولارا شهريا، وربما البعض لا يحصل عليها البتة؟ لماذا لا تكون البداية بمطالبتك بالحصول على الحد الأدني للأجر أسوة بموظفي وكالة "سبأ", وتقول نريد 500 دولار. وبالطبع هذا ما لا نستطيع –نحن- تغييره، ولكن عليكم أنتم القيام بذلك، نحن فقط سنقدّم لكم الدعم والمشورة. *حماية الصحفي * ما السبيل إلى حماية الصحفيين من الاعتداءات والقتل؟ - لقد ذكرت في حديثي أمام مؤتمر نقابتكم عن مقتل العديد من الصحفيين، حيث أن العديد منهم لقوا حتوفهم في مناطق الصراع كالعراق وفلسطين. وقتل المئات من الصحفيين، العام الماضي، وقتل بعض منهم بطرق حديثة، حيث قتل عدد من الصحفيين في المكسيك على أيدي تجار المخدرات؛ لأنهم كتبوا عن تجارتهم. ولحسن الحظ لم نسمع عن مقتل أي صحفي في اليمن، مقارنة بالمناطق الأخرى, ماذا ينبغي علينا فعله في مثل هكذا حالات؟ يجب علينا أولا، تدريب الصحفيين ليصبحوا أكثر حرصا وإدراكا لسلامتهم. في الحقيقة لا أعلم عمّا إذا كان يوجد في اليمن تدريب من هذا النوع. نحن نقوم بتوفير مثل هذه التدريبات الخاصة بالصحفيين في أماكن الصراع الساخنة، كالعراق وفلسطين, نعلمهم كيفية التعامل وحماية أنفسهم، بالإضافة إلى التعامل مع الأشياء الأساسية، مثلا: في حال رافقت مصورا صحفيا وتعرضتم لإطلاق نار فماذا ستفعل؟ أنت في الأساس لم تتلق أي نوع من التدريب الطبي للتعامل مع هكذا حالة, وأحيانا أخرى قد يتلقى الصحفي أساسيات بسيطة لإنقاذ حياة شخص ما، وهذا ما نسميه "التدريب الأمني". نحن نقوم بتدريب المئات من الصحفيين في هذا الجانب. وهناك تدريب لطيف نستطيع القيام به، وهو ما يستطيع عمله الجيش فقط, فمثلا الجنود يستطيعون إخبارك عن اقتراب دبابة، ويرشدونك إلى الطريق الصحيح، اذهب من هذا الاتجاه ولا تذهب من ذاك. هذا النوع من التدريب الأمني غاية في الأهمية. وللعلم نحن نلجأ إليه؛ لأننا نعلم تماما أن الحكومة لا تتحرى عن أوضاع الصحفيين بالشكل الصحيح. ومن هنا، فإننا ندعو الأممالمتحدة إلى الضغط على الحكومات لتحمل مسؤولية التحقيق لإيجاد قتلة الصحفيين, وبالقيام بذلك فإنك تقطع الطريق أمام هؤلاء القتلة لإزهاق أرواح المزيد منهم, أما في حال عدم القيام بأي تحريات فإن عملية القتل ستستمر. * ماذا بإمكان الاتحاد الدولي للصحافة عمله في قضية الصحفي منتظر الزيدي، بعد الحكم عليه بالحبس ثلاثة أعوام؟ - قمنا بدعمه، وقت حدوث الحادثة. وبدءا، أقول إنها ليست فكرة جيدة بالنسبة لصحفي "أن يقوم برمي الأشياء"، ولكن يجب في الوقت نفسه عدم إيذائه. ليست القضية في حبس الشخص سنوات عديدة ولكن القضية تكمن بتحذيره بعدم القيام بسلوك كهذا، أو ما شابه. نحن نفهم وضعه، لكن لا بد أن يكون الصحفي موضوعيا ولا ينجر وراء عاطفته. لكننا نفهم ونقدر أيضا كون الشخص يعيش في العراق ويرى بأم عينيه الخراب والموت، أن يتصرف بهذه الطريقة. ولسوء الحظ لا نملك القوة الكافية للتأثير على القضاة، ولكننا لا نفتأ نقول ونكرر بعدم اللجوء إلى طريقة الرمي، ولكن ما يحدث عكس ذلك تماما. وقد رأينا ما هي الخطوة التالية التي اتخذت ضده، ولكننا سنحتج على ذلك. * هناك منظمتان تمثلان الصحفيين في العالم، الأولى "الاتحاد الدولي للصحافة" والأخرى اعتقد أنها "منظمة صحفيين بلا حدود"... - أجاب مقاطعا: "منظمة صحفيين بلا حدود" لا تمثل الصحفيين, إنها مجموعة صغيرة من الأشخاص تأسست في باريس. نحن نمتلك منظمات ديمقراطية، وما يقارب من 600 ألف عضو، وعند عقد لقاءات فكل جهة ترسل وفدها الخاص للتصويت والتعبير عمّا تريده. وعند وقوع حدث ما فإن منظمة العفو تتخذ موقفا مباشرة، وللعلم فإنها ليست مسؤولة أمام أي شخص. إن "منظمة صحفيين بلاد حدود" تريد أن تتكلم بالنيابة عن الصحفيين، في حين أنها لا تملك سلطة الصحفيين، ولهذا لا تقول "إنها تمثل الصحفيين". * كم عدد الاتحادات والمنظمات الصحفية المنضوية تحت الاتحاد الدولي للصحفيين؟ - نحن نملك 150 اتحادا، حيث يوجد في بلدان معينة أكثر من اتحاد. الاتحاد الدولي للصحفيين: هو أكبر منظمة عالمية للصحفيين. تأسس للمرة الأولى عام 1926، ثم أعيد تأسيسه مرة أخرى عام 1946، واستقر على شكله الحالي بعد إعادة تأسيسه للمرة الثالثة عام 1952. ويمثله هذه الأيام أكثر من 600000 صحفي في 120 دولة حول العالم. ويهدف الاتحاد، ومقره الرئيس بروكسل عاصمة بلجيكا، إلى العمل على المستوى الدولي للدفاع عن حرية الصحافة، والعدل الاجتماعي من خلال اتحادات صحفية قوية، وحرة، ومستقلة. عقد آخر مؤتمر عام للاتحاد الدولي للصحفيين في موسكو بتاريخ 28 مايو – 1 يونيو 2007. السياسية