آل حميدان إحدى مناطق عزلة ولد مسعود بمديرية سحار في محافظة صعدة، والتي كان لها نصيبها من الخراب والدمار والأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة الواقعة في إطار حدودها الجغرافية، وتعتبر من أهم المناطق بوادي الصعيد، ومنطقة حوض صعدة المائي، والمشهورة بزراعة الفواكه والخضار وسعة بساتينها وتعدد مزارعها، وهي متاخمة لمدينة ضحيان ومديرية مجز. آل حميدان بقدر ما شهدت من معارك طاحنة ومواجهات عنيفة بين وحدات الجيش ومعهم الشرفاء من أبناء المحافظة ضد عناصر الفتنة والتمرّد، تشهد اليوم معركة من نوع آخر هي معركة البناء والعمران والتنمية والسلام، في جولتنا الميدانية هذه نتقصى حقائقها، ونتابع معالمها من أرض الواقع، وميدان العمل، عرجنا إليها في مطلع صبح جميل، كان لنا لقاء دون وعد مسبق لخلايا النحل من رجال البناء والإعمار، الذي تعلو هاماتهم شرف المشاركة الفاعلة في عملية الإعمار وعلى صدورهم وسام الاستحقاق بإحلال السلام، فهم جنود مجنّدة للسلام والإعمار، عنوانهم دائما "التضحية والإيثار وجهود بلا حدود". آل حميدان بذرة إعمار ترنو لحياة أفضل وغد مشرق واعد بالخير والمحبة والإخاء، تشاهد هنا وهناك حركة دائبة وديدبان شريان حياة يحدوها بشرى الأمل والتفاؤل، نظرات عينيك تحدِّق لكل زاوية ومكان ترى صورا تنثر بشائر الخير، عجلة إعمار متواصلة، وعملا دون كلل أو ملل، وسواعد لا تعرف فتورا أو سكينة، تعيد الإعمار بوتيرة عالية وسرعة متناهية وعقارب الساعة تمضي للأمام دون توقف، لا حدود للوقت سوى إكمال المهمّة المحددة، إعادة البسمة وروح الحياة لمنطقة آل حميدان وأهاليها. كلامهم لا يخلُ من ندم على محل بهم وماضٍ قريب أوجعهم، ودمار حل بديارهم، وخراب نال من مزارعهم جراء عدم اكتراثهم وقتها بتواجد عناصر الفتنة بين أظهرهم، عند اندلاع المواجهات عناصر الفتنة استباحت كل الممتلكات، تمترسوا وراء جدران المنازل وأشجار المزارع. أهالي منطقة آل حميدان هم الآن أشد الناس حفاظا على أمن منطقتهم، وأكثرهم تمسكا بالسلام، وتفاعلا مع الإعمار، في أحاديثهم معك يعبِّرون عن حبِّهم الكبير لرئيس الجمهورية، صاحب الفضل في إحلال السلام وإعادة الإعمار في منطقتهم، وكذا إشادتهم وشكرهم لإدارة صندوق إعمار صعدة، وكل العاملين فيه، وتقديرهم الجهود التي يبذلها المهندس إبراهيم النمري، مشرف الإعمار بالمنطقة. ترميم 381 منزلا يحدثنا مشرف الإعمار بآل حميدان، المهندس إبراهيم النمري، عن الخراب والدمار، الذي لحق بالمنطقة، وأتى على الأخضر واليابس، وتحوّل أعداد من المنازل إلى ركام جراء عنف المواجهات التي حدثت بها، حيث تم إجراء عملية المسح والحصر لكل الأضرار، وتحديد تكلفتها والتي بلغت أعداد المنازل المهدّمة كليا 10 منازل، والمتضررة جزئيا 133 منزلا، والترميم 237 منزلا، بإجمالي 381 منزلا، ويبلغ تكلفة إعادة إعمارها 266.359 مليون ريال، وعدد المزارع المتضررة فيها 213 مزرعة متنوعة، منها بيوت محمية ومزارع دواجن ومضخات متضررة وشبكات ري. واستطرد قائلا: "إن عملية الإعمار سارت بسرعة قياسية، ويبلغ ما تم إنجازه حتى الآن 5 منازل مهدّمة كليا و32 منزلا تضررا جزئيا و155 منزلا ترميم، ومقدار ما صرف من أقساط لها 132 مليون ريال، علما أنه يتم الصرف على ثلاثة أقساط، كل قسط يُصرف بعد الانتهاء من إعمار القسط السابق. وأشار إلى أن منطقة آل حميدان هي أولى مناطق المرحلة الثانية التي أنجزت الإعمار بهذه النسبة التي تجاوزت ال50 بالمائة، وهي من أهم المناطق الزراعية بمديرية سحار، ويغلب على أهلها طابع الود والكرم. وأفاد بأن إجمالي عدد مناطق المرحلة الثانية يبلغ عددها 24 قرية وتجمعا سكانيا، يبلغ عدد منازلها المتضررة بمختلف أنواعها 1340 منزلا متضررا، وتكلفة إعادة إعمارها تبلغ مليارا ومائتين مليون ريال. تم إحلال السلام عضو المجلس المحلي بمديرية سحار عن منطقة آل حميدان، محمد المصعبي، أطلعنا عن الأوضاع التي مرت بها المنطقة إبان الأحداث ومعاناة المواطنين فيها، وما لحق بهم من أضرار في منازلهم ومحاصيلهم الزراعية بكل الحروب بسبب موقع المنطقة الإستراتيجي المتحكّم بطريق "صعدة – ضحيان"، جعلها محل أطماع عناصر الفتنة بهدف قطع الطريق والتحكّم بها. وأوضح أنه -بحمد الله- تم إحلال السلام، وبفضل قرار رئيس الجمهورية الشّجاع الداعي إلى وقف الحرب، وكذا لفتته الكريمة لإخوانه وأبنائه المتضررين بالمحافظة، من أحداث الفتنة، تجري عملية إعادة الإعمار للممتلكات المتضررة، والتي ينفذها صندوق إعمار صعدة، ونحن في المجلس المحلي سهّلنا في السابق عمل لجان المسح والحصر، والآن نقدِّم مساعدتنا في إعادة الإعمار وتوعية المواطنين بجهود الدولة في تنفيذ الإعمار والمشاريع التنموية والخدمية، ونتابع ميدانيا، بجانب المشرف، سير أعمال البناء والإعمار. مجني مسفر مجني، أحد أبناء آل حميدان، وأحد المتضررين والمستفيدين من صندوق إعمار صعدة، ذكر أن منزله تهدّم كليا من ثلاثة طوابق ويحمل رقم 84 بالحصر، وقدرت أضراره بمبلغ 5.476 مليون ريال، وهو يعمل على إعادة بناء منزله، وتبلغ نسبة الإنجاز فيه 60 بالمائة. وأشار أن عملية الإعمار تسير بصورة سريعة وبسهولة دون وجود أي تعقيدات في تسليم الأقساط، وأثنى على الجهود التي يبذلها صندوق إعمار صعدة في تسهيل مهمّة إعادة الإعمار وإشرافه على عملية البناء بأسس هندسية ومعمارية تعكس الطابع المعماري للمنطقة. فيما أشار غانم هادي حاشد ملفي، أحد المتضررين، أن منزله تهدم كليا، والذي يحمل رقم 85 بالحصر، وقدرت أضراره بمبلغ 6.533 مليون ريال، وهي متقاربة مع الأضرار وكافية للبناء. وأوضح أن أبناء آل حميدان مدينين بالجميل لرئيس الجمهورية، الذي كان له الفضل في وقف الحرب وإحلال السلام وإعادة الإعمار، ودعا إلى تكاتف الجهود من أجل إنجاح عملية الإعمار بصعدة والحفاظ على الأمن والسلام والوقوف ضد أي عناصر خارجة عن القانون تريد النّيل من السلام بالمحافظة، وأمنها واستقرارها. وأكد علي حسين الحميداني أنه أنجز نسبة 60 بالمائة من إعادة بناء منزله، والذي تهدّم كليا ويحمل رقم 80 بالحصر، وتم حصر أضراره بمبلغ 3.491 مليون ريال، ويعمل على سرعة إعادة إعماره. أما عيضة محسن عيضة أن منزله تهدّم كليا ويجري إعادة بنائه، وتم إنجاز نسبة 75 %، ويحمل رقم 65 بالحصر، وأضراره بقيمة 2.319 مليون ريال، وأشار إلى أن التقديرات شبه كافية ومتقاربة من تكلفة البناء. ونوه إلى أن المشرف يقوم بالمتابعة الميدانية يوميا لسير عملية البناء "ويقدّم لنا المشورة في أي جانب هندسي ومعماري يفيدنا في البناء، وبشكل أفضل مما كان عليه المنزل في السابق". وشدد في حديثه على أن أبناء آل حميدان لن يسمحوا أبدا بأي شيء يعكر أمن بلادهم، ويعيد الخراب من جديد، وهم سيقفون ضده ويكفيهم ماجرى لهم من تشرد وخوف ودمار. وأوضح مدير مدرسة "زيد بن ثابت" الأساسية بالمنطقة، أحمد علي ساري، والتي تهدّمت كليا أن الصندوق أنشأ مدرسة جديدة بدلا عنها؛ مكونة من ستة فصول مع المرافق والسور وخزان مياه بتكلفة 28 مليون ريال، ويجري إعادة بنائها، وتبلغ نسبة الإنجاز فيها 40 بالمائة، مكونة من دورين، مفيدا أن جميع أبناء المنطقة والمدرسين خصوصا يثمّنون هذه الخطوة من قبل الصندوق الذي يعيد الإعمار أفضل مما كانت عليه المنطقة، وبمواصفات معمارية تُحافظ على طابع المنطقة المعماري. وأكد أن جميع أهالي آل حميدان متفقون على حماية منطقتهم والحفاظ على أمنها ودوام الدراسة فيها، التي هي المستقبل الحقيقي لهم، مشيرا إلى "أن التعليم هو الطريق نحو بناء العقول وصرح للإبداع والتفوّق وبه نحمي أولادنا من أي إختلالات فكرية"، وحث الآباء على الاهتمام بتعليم أبنائهم ومتابعتهم المستمرة في دراستهم. علي عايض الحباجري منزله متضرر كليا، ويحمل رقم 135 بالحصر، وتبلغ كلفة أضراره 6.397 مليون ريال، أفاد بأنه يقوم بإعادة بناء منزله، وتبلغ نسبة ما تم إنجازه 40 %، وهو مكون من دورين، ويجري مواصلة البناء أفضل مما كان عليه، وبتخطيط هندسي رائع، لا يخالف طابع المنطقة المعماري. وأشار إلى أن أبناء المنطقة جميعهم يكنّون الولاء لرئيس الجمهورية، صاحب اللفتة الكريمة بإعادة الإعمار، ومن له الفضل بعد الله في إحلال السلام. في الأخير نشكر كل من ساهم في تسهيل مهمتنا وساعدنا في إجراء اللقاءات الميدانية من موقع العمل وتنفيذ تحقيقنا لعملية إعادة الإعمار التي تجري بالمنطقة، وتتواصل على قدم وساق، كما لا ننسى تعاون المدير التنفيذي للصندوق المهندس محمد عبد الله ثابت، الذي وجّه بتسهيل مهمتنا وكذا جهود مدير فرع الصندوق بصعدة، المهندس عادل الجيلاني، في ترتيب الزيارة الميدانية وملازمة مشرف الإعمار بالمنطقة، المهندس إبراهيم النمري، لنا طيلة تجوالنا وانتهاء مهمتنا بنجاح، نقلنا فيها صورة لأرقام وحقائق البناء والإعمار الذي يجري بسرعة متناهية من أرض الواقع وميدان العمل. كما لا ننسى تعاون أهالي آل حميدان في تقديم المعلومات التي نحتاج لها بصدر رحب، وحسن استقبالنا، وتسهيل تجوالنا في مختلف المنازل؛ لننقل للآخرين ما شاهدناه من بناء وإعمار أكست المنطقة حلة من الجمال والإبداع الهندسي والمعماري. وجميع سكان آل حميدان، ومن خلال استطلاعنا آراءهم، يرفضون رفضا باتا عودة إلى أي إخلال بأمن منطقتهم، تعيد لهم صورة الدمار والخراب الذي حلّ بهم سابقا، فالسلام والإعمار لسان حالهم والمحبّة والإخاء عنوانهم، فجميع أبنائها يقفون اليوم صفا واحدا لحماية أمنها، ولن يرضوا بعد اليوم تكرار تجربة الدمار مرة أخرى، فهم مع السلام ولا غيره، وكفى ما حلّ بهم، ولتبقى منطقتهم رمزا للبناء والإعمار والسلم الاجتماعي. صحيفة السياسية