عادت الحياة الطبيعية الى مصر اليوم الخميس بعد ان أعلنت الحكومة رفع حالة الطوارئ وحظر التجول المفروضين منذ ثلاثة أشهر. وقالت الحكومة المصرية ان رفع حالة الطوارئ سيساعد على استعادة الإحساس بالحياة الطبيعية في البلاد وذلك منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى..محذرة من " أن أية محاولة لزعزعة الاستقرار والمساس بأمن الوطن والمواطن سيتم التعامل معها بكل حسم في إطار ما يكفله القانون من إجراءات رادعة". وقال وزير التنمية الإدارية هاني محمود، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع للحكومة امس ، " إن حالة الطوارئ تنتهى يوم 14 نوفمبر الجاري، وبناء عليه فان حالة الطوارئ وحظر التجوال ينتهيان رسميا اليوم الخميس ". ويعنى هذا القرار نهاية حظر التجول ليلا، كما أنه سيضع حدا لصلاحيات واسعة لقوات الأمن باعتقال بعض الأشخاص. وما زال رفع حالة الطوارئ حديثَ الشارع والأوساط السياسية مع اختلاف في الرؤى حول ما سيترتّب على رفعها، خاصة فيما يتعلق بوجود الجيش في الشارع، مع تأكيد مصدر عسكري أن قوات الجيش باقية لمساندة الشرطة في مهامِّها، وأن رجالها يحملون الضبطية القضائية. ويرى البعض أن رفع الطوارئ لن يغيّر من الأمور كثيرا، خاصة وأنها ليست مطبّقة إلا في حظر التجوال فقط. وقال اللواء محمود خلف محلل استراتيجي "إن حالة الطوارئ لم يطبق منها فعليا سوى 5% وهو ما يتعلق بحظر التجوال فقط، ولم تكن هناك حالة اعتقال واحدة طوال هذه الفترة". يأتي هذا مع أنباء حول إصدار الرئيس عدلي منصور قانون التظاهر خلال ساعات، بعد تنفيذ الحكومة ملاحظات مجلس الدولة والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو قانون يرى البعض أنه سيساعد على التعامل مع التظاهرات المستمرة. من جانبه، قال أشرف العشري مدير تحرير الأهرام ل"العربية" إن هناك مخاوف من استغلال جماعة الإخوان لقرار رفع حالة الطوارئ، مؤكداً أن قانون التظاهر الجديد سيعطي الحق لأجهزة الأمن في التعامل بقوة مع أي فوضى. وأثار إعلان وزير التنمية الإدارية هاني محمود المخاوف من دخول البلاد في حالة جديدة من الانفلات الأمني والفوضى في ظل الدعوات الإخوانية التي تنادي للتظاهر بغرض استعادة ما يسمونه "الشرعية" في إشارة إلى المطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي. وطمأن رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي المصريين، وأكد أنه "لا داعي للقلق من رفع حالة الطوارئ وإلغاء حظر التجوال"، مشيرا إلى أن القوانين العادية كفيلة بحماية المواطنين. وشدد الببلاوي خلال مداخلة له على فضائية "إم بي سي مصر" على أن "قانون التظاهر" المقرر إصداره هو من أفضل القوانين، وأنه تمت فيه مراعاة حقوق الإنسان. وكشف "الببلاوي" في مداخلة تلفزيونية أخرى منذ ساعات قليلة عن أن قانون التظاهر سيصدر خلال أيام، مؤكدا أن هذا القانون المنتظر سيتعامل مع "التظاهر" كحق تتم ممارسته بما لا يهدد الأمن ويتفق مع المواثيق الدولية. فيما أكد الخبير الأمني خالد عكاشة ل"العربية نت" أنه لا يتوقع تزايد الانفلات الأمني بعد انتهاء العمل بقانون الطوارئ وأرجع السبب في ذلك إلى أن الحكومة والقوى الأمنية لم تستخدم قانون الطوارئ إلا في آلية حظر التجوال فقط. وأشاد عكاشة بالنموذج الأمني المتميز الذي طبقته وزارة الداخلية يوم محاكمة الرئيس المعزول مرسي، وتمنى أن يكون الأمن خلال المرحلة القادمة على نفس الشاكلة والنموذج. وأضاف "لقد صرحت وزارة الداخلية خلال الساعات الماضية بأنه سيتم من اليوم التالي لانتهاء حالة الطوارئ تنفيذ "آليات أمنية" جديدة مثل الانتشار السريع للقوات الأمنية بالشارع ووضع كاميرات مراقبة في بالأماكن الحيوية لرصد المخالفين وتحديدهم وتطبيق القانون بقوة وحسم ونشر كمائن على المحاور ومداخل العواصم". ولفت عكاشة إلى أن الداخلية تأكدت بأن اللحظة هي لحظة اختبار وانتباه، والانتباه بحد ذاته مؤشر إيجابي، كما أنه سيتم لاحقا منح بعض أفراد القوات المسلحة سلطة الضبطية القضائية لمعالجة العجز العددي لقوات الشرطة مما يساعد على نشر الأمن بالشارع المصري في ظل غياب الطوارئ. من جانبه، قال المحامي والقيادي بحزب الكرامة محمد منيب ل"العربية نت"، إنه لا مشكلة في التظاهر السلمي الذي لا ينتج عنه عنف أو جرائم، وإنه يوجد بالقانون العادي نصوص كافية لضبط الشارع دون طوارئ، سيما وأن هناك عزوفا من المصريين عن المشاركة مع الإخوان في مظاهراتهم. وأكد منيب على أهمية استمرار تواجد القوات المسلحة بالشارع كإنذار شديد للعناصر التي تفكر في ارتكاب جرائم عنف خلال المرحلة القادمة، خاصة وأن القانون لا يمنع تواجد القوات المسلحة بالشارع. من جانبه أوضح القيادي بحزب التجمع حسين عبد الرازق أن مواجهة العنف بعد رفع حالة الطوارئ لا يقتصر على الحل الأمني رغم ضرورته وأهميته. مشيراً إلى أن الشارع المصري بحاجه لبناء سياسي اجتماعي يعطي للناس الأمل في المستقبل ليروا بأعينهم أحلام ومطالب ثورتي 25 يناير و30 يونيو في طريقها للتحقق. وأضاف أن هناك حلولا لابد وأن تقترن بالحل الأمني، منها اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية للتصدي للإرهاب والعنف والفوضى وهو ما نحتاج إليه في هذه المرحلة.. لافتاً إلى أن الأمن لا يحل وحده مشكلة الانفلات والعنف. كما رحب حزب (النور) السلفي في بيان بانتهاء حالة الطوارئ، مؤكدا أن " لدينا في قانون العقوبات ما يكفى لمواجهة الخارجين على القانون ". وذكر الحزب على لسان رئيسه يونس مخيون أن " الشعب يطمح إلى أن يعيش في جو طبيعي دون اي قوانين استثنائية، ويكفى المصريين ما عانوا منه كثيرا من تسلط الاحكام الاستثنائية على رقابهم". وفي السياق دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى "مشاركة جميع الأطراف في العملية السياسية بمصر وإلى احترام حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق أولئك الذين هم قيد الاعتقال، مع احترام سيادة القانون كأساس لعملية الانتقال الديمقراطي السلمي". وقال بان في بيان وزعه مكتب الأممالمتحدةبالقاهرة ، إنه يغتنم انتهاء حالة الطوارئ في مصر للتأكيد على أهمية احترام الاحتجاج السلمي وحرية التجمع، والالتزام بالحوار وعدم اللجوء إلى العنف. وبشأن الجدل بشأن مشروع قانون التظاهر الذي أعلنت الحكومة الفراغ منه، شدد على ضرورة أن تشكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان الأساس لأي تشريعات جديدة. وكانت محكمة القضاء الإداري أمرت بإنهاء حالة الطوارئ اعتباراً من الساعة الرابعة من أول أمس الثلاثاء، غير أن محمود قال إن الحكومة لم تصلها الصيغة التنفيذية لقرار المحكمة، وأشار إلى أن حالة الطوارئ ستنتهي اليوم وينتهي معها مفعول قرار حظر التجول. وكانت رئاسة الجمهورية المصرية المؤقتة قررت في 14 أغسطس الماضي إعلان حالة الطوارئ لمدة شهر على خلفية أعمال عنف وقعت بسبب فض اعتصامين لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي قتل وأصيب فيها المئات. وقرَّرت الحكومة في البداية فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال لمدة شهر في 14 محافظة بينها القاهرة، وتم تمديد العمل بهذا القرار شهرين إضافيين حتى 14 نوفمبر.