قبل اربعين عاماً.. وخلال ستة ايام فقط .. وتحديداً من الخامس حتى العاشر من شهر يونيو - حزيران عام 1967م الحقت اسرائيل هزيمة موجعة بثلاثة جيوش عربية حينما احتلت سيناء المصرية .. والجولان السورية .. وضمت القدس الشرقية التي كانت تحت الادارة الاردنية.. بجانب ضمها لقطاع غزة والضفة الغربية؟!! بل ان سلاح الجو الاسرائيلي استطاع تحطيم اكثرمن عشرين مطاراً وقاعدة جوية مصرية واكثر من اربعمائة وخمسين طائرة .. وذلك خلال ساعات من اليوم الاول للاعتداء؟!! لتخرج اسرائيل من هذه الحرب وقد زادت مساحتها اكثر من ثلاثة اضعاف عما كانت عليه !.. وبات جيشها يضرب به المثل.. باعتباره الجيش الذي لايقهر ؟! وزادت ثقة اليهود بدويلتهم آنذاك والذين شعروا بالأمان لاول مرة منذ تسعة عشر عاماً من القلق والاضطراب اللذين صاحبا هذه الدويلة منذ تأسيسها على ارض فلسطين عام 1948م حتى توحيد فلسطين التاريخية حسب زعمهم ؟! عام 1967م ولذا لاغرابة ان يحتفل اليهود يوم السادس عشر من شهر مايو كل عام منذ عام 1967م باعتبار ذلك يمثل ذكرى اعادة توحيد القدس حسب التقويم اليهودي ليصل هذا الاحتفال ذروته الشهر المنصرم - بمناسبة الذكرى الاربعين لاكبر نصر عسكري لهؤلاء اليهود؟ وآخر نصر عسكري ايضاً كما اتضح فيما بعد ! ورغم حجم هزيمة - حزيران- ومراراتها .. وماكانت تمثله الانظمة العربية حينها من تباينات في التوجهات والاحلاف السياسية والفكرية .. والعداء الذي كان سائداً بين بعضها البعض !.. بجانب استمرار الاحتلال او الانتداب او بالاحرى.. الهيمنة العسكرية والسياسية لبعض الدول العربية .. الا ان هزيمة الخامس من حزيران المشؤومة .. اوجدت توجها عربياً واحداً وبصورة غير متوقعة آنذاك ؟!! حيث عقدت اول قمة عربية بعد الهزيمة بأقل من ثلاثة اشهر في الخرطوم في الاول من شهر سبتمبر عام 1967م لتخرج بلاءات ثلاثة .. لاصلح .. لاتفاوض .. لااعتراف .. وهي القمة التي حضرتها كل الدول العربية.. ماعدا.. سوريا الوحيدة التي قاطعتها؟!! وهي التي كانت تنافس اسرائيل على مياه نهر الاردن فأستعانت بمصر عبدالناصر..بسبب تهديد اسرئيلي لها.. اثبتت الايام عدم صحته! وان كان هناك استفزاز فحسب ؟! مما دفع بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر الى اغلاق البحر الاحمر .. امام الملاحة الاسرائيلية.. والى نشر جنود مصريين في سيناء مع طلب سحب قوة الطوارئ الدولية منها. ما أود قوله بهذه العجالة.. هو ان هزيمة 1967م جعلت الدول العربية بانظمتها شبه المتباينة فيما بينها .. خاصة في التوجهات السياسية والاقتصادية شبه موحدة تجاه العدو المشترك للجميع .. ليصبح الصراع تباعاً لذلك.. صراع عربي- اسرائيلي؟!! وما ذلك الا لان زعامات وقيم واخلاق وتوجهات الامس غيرها اليوم؟!! لقد كان هناك زعيماً- كاريزمياً- مؤثراً بعرضه وجوهره ليس في مصر وحدها وانما في كل انحاء الوطن العربي رغم الهزيمة ومرارتها وحجمها في عقر داره؟!! كما وكان هناك زعيماً آخر .. مثل الاسلام .. قيما ومثلاً، فقام بنشره عبر تزعمه للتضامن الاسلامي .. بجانب طهارة نفسه وصدق توجهه.. والذي رغم ماكان بينه وبين الاول من عداء .. الا ان الهزيمة وحدت بينهما وبصورة غير مصدقة لغيرهما ؟!! ورغم ان الديمقراطية كانت حينها شبه دخيلة على العالم العربي.. الا ان بعض القيم والاخلاق والتوجهات والاعراف التي كانت تجمع بين الحكام والمحكومين .. كانت تقف حائلاً امام بعض التجاوزات السياسية والأمنية؟! .. وهو عكس اليوم.. حيث الديمقراطية باتت موجودة.. ظاهرياً فقط .. ولتستغل لخدمة الجوانب الأمنية والقمعية ؟! حتى بات عرب اليوم يحنون لحياة عرب الامس! وهو عكس بقية شعوب الارض التي اصبحت ديمقراطيتها هي الحاكمة بحق وحقيقة؟! ولان الاعداء هالهم التوحد العربي آنذاك والذي ازداد رسوخاً وثباتاًبعد انتصار اكتوبر عام 1973م حتى ولو كان انتصاراً محدوداً؟! واستخدام النفط العربي بهذه الحرب التي ذاقت بها اسرائيل طعم الهزيمة .. حتى ولو كانت هزيمة ضئيلة ؟! فانه كان لابد من وضع حد لهذا التوحد.. بصورة مباشرة او غير مباشرة.. ليبدأ ذلك بسلام منفرد بين مصر واسرائيل والذي توج باعادة سيناء الى السيادة المصرية عام 1982م ثم .. اقامة سلام اردني - اسرائيلي عام 1994م وصولا الى اتفاقية (اوسلو) للسلام بين الفلسطينين والاسرائيليين والتي منحتهم استقلالاً جزئياً فكان هذا الاتفاق الناقص احد أهم اسباب الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000م.. وبروز حماس صاحبة الفضل الاول في هذه الانتفاضة الشعبية بل ان حماس كانت هي وحدها وراء الانتفاضة الاولى عام 1988م. هذه الاحداث المتتابعة.. وهذه الهرولة نحو السلام المزعوم من قبل اصحاب الارض والقضية .. دفعت ببقية الدول العربية الى استرخاء غير معهود .. تجاه الصراع مع اسرائيل .. وقد يكون معهم بعض الحق!.. اذ يصعب ان لم يستحيل وجود حرص على فلسطين وعلى الجولان.. اكثر من الفلسطينين والسوريين انفسهم .. مهما كان الظاهر المعلن؟! وهذا هو ماسعى إليه اليهود اعداء الأمة قبلاً! خاصة مع تواطؤ عربي واضح وجلي ..للوصول الى هذا الوضع العربي المزري القائم اليوم ! ليتحول الصراع العربي الاسرائيلي الى صراع عربي- عربي؟! حيث الصراع الفلسطيني - الفلسطيني .. واللبناني - اللبناني .. واللبناني - السوري والسوري - الفلسطيني- والعراقي- العراقي - والسوداني- السوداني و..هلم جراً ؟! هذا الصراع العربي القائم اليوم .. هو بجوهره صناعة عربية .. حتى ولو جاء التخطيط والاشراف غير عربيين؟! ولذا .. فانه يزيد الانقسام العربي انقساماً وتشتتاً. بينما كانت هزيمة حزيران- يونيو عام 1967م بما مثلته من نوع وحجم وكيفية ومصدر .. من اهم اسباب التقارب - المؤقت؟! بين عرب الامس! فهل عرب اليوم بحاجة الى هزيمة جديدة شبيهة بهزيمة الأمس؟!! ذلكم هو السؤال؟!