: إلى روح صديقي وأخي العزيز خالد عبد الله حمران ... رحمه الله لا شك أننا نؤمن بالقضاء والقدر ولا شك أن الموت علينا حق غير أن بعض حالات الموت تتجاوز مشاعر الحزن والألم لتصل إلى مرحلة يصعب فيها حتى التعبير عن هذه المشاعر .. إن رحيلك يا خالد مثل غيابا كبيرا ودائما لقيم سامية وجميلة لطالما عبرت عنها في سلوكك وتصرفاتك العفوية، رحيلك غيب عنا معاني وقيم الوفاء والشهامة والكرم، عرفتك مبتسما حتى في أحلك الظروف التي كنت تمر بها وأصعب المواقف التي تواجهها، عرفتك كريما باذلا بسخاء وكل ما تستطيع لأصدقائك وللغرباء على حد سواء. عرفتك شجاعا تقول كلمة الحق وتساندها .. عرفتك سموحاً متسامحاً .. أتذكر عندما كنت انفعل غاضبا عليك فترد علي بابتسامة عريضة ويزداد غضبي فتتسع ابتسامتك على وجهك الطيب، وترد في كل الأوقات بأنك مستعد لفعل المزيد من أجل الآخرين الذين وأنا منهم لم يعرفوا أي إساءة منك على الإطلاق. عرفتك يا خالد في زمن صعب عزت فيه المبادئ والقيم الأصلية فجسدت انت في لحظات نادرة عشتها معك كل تلك المبادئ بعفوية صادقة وجعلت من الزمن الصعب زمنا جميلا ومن الظروف القاسية اياما لا تنسى من حلاوتها التي نبعت من روحك الطيبة الطاهرة. عرفتك في رحلة لقطار اسود سريع داهمنا وحطم احلاما وردية بيضاء تجلت لنا في الأفق البعيد على أمل أن تتحقق على بساطتها غير أن هذا القطار ولسرعته الفائقة حطم تلك الأحلام او على الأقل ظلت معلقة في الأفق البعيد .. عرفتك بكبريائك في زمن غاب فيه الكبرياء في زمن انقلبت وتغيرت فيه المعاني السامية والمبادئ النبيلة وأصبحت معكوسة تماما كإشراق الشمس في ليل دامس، ورغم ذلك سيبقى كل من عرف وآمن بكبريائك ووفائك وكرمك الذي كرسته في حياتك القصيرة سيبقون على أمل ان تعود إشراقة الشمس في وضح النهار. عرفتك بسيطا وجميلا تحب البساطة والجمال فأحبك الناس وأحبك الله، لهذا اختارك سريعا الى جانبه .. عرفتك وأحبه آخرون مثلي وأحببنا حتى المكان الذي جمعنا بك في عدن الحبيبة وهو الديوان المتواضع في "المعاشيق" ولا ندري يا خالد كيف سنعود وبأي حالة إلى ذلك المكان بعد أن غابت البساطة والجمال عنه .. بعد أن غبت أنت عنا وعرفت أمواج "المعاشيق" الحانا جنائزية حزينة بعد أن اصطحبت الشمس وجهك المبتسم ليغريا معا في مشهد غروب حزين لم نألفه من قبل. كل المشاعر والخواطر سجنت في زنزانة الحزن العميق لكنها تحاول أن تصرخ وهي مكبلة بقيود رحيلك المؤلم .. تحاول أن ترسل آهات مكلومة برحيلك المفاجئ لتقول أن ذكراك ستظل معنا إن ترحلنا صيفا في صنعاء أو شتاء في عدن .. إن ترحلنا غرباً أو شرقاً .. آه يا خالد لا شك أن الموت علينا حق .. ولا شك يا خالد ستظل خالدا بذكراك الطيبة .. وليسمح لي شاعرنا الكبير الراحل نزار قباني أن استعير بيتا له في رثاء ابنه مع التصرف لأقول: أخالد إني جبان أمام رثائك .. فارحم أخاك .. تغشاك الله بواسع رحمته وغفرانه وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان وإنا لله وإنا غليه راجعون ..