الوحدة كانت غاية شعبنا وحركته الوطنية التي جسَّدتها الثورة اليمنية «26 سبتمبر و14 اكتوبر» الخالدة لتكون جوهر أهدافها.. وحيث قدم اليمانيون أغلى التضحيات، وهم يخوضون ملاحم نضالاتهم للخلاص من ربق النظام الكهنوتي الإمامي المتخلف المقبور، ومن جور وجبروت المستعمر الغاصب ومخلفاتهما من العملاء والمرتزقة الذين عملوا على تعميق الفرقة والتجزئة بين أبناء الوطن الواحد لتبقى وحدة الانسان اليمني وعياً وثقافةً راسخةً في وجدان وضمير شعبنا من اقصاه الى أقصاه، عبرت عنها كل أدبيات القوى الوطنية والفعاليات السياسية والاجتماعية طوال تاريخه المعاصر. ولم تستطع بقايا عهود الظلام والاستعمار النيل من توهجها في عقل كل يمني، ولهذا لم يستطع حاملو النزعات الإرتدادية بعد تحقيق منجزها العظيم في ال22 من مايو العظيم عام 1990م العودة بالوطن الموحد والديمقراطي الى الوراء بما افتعلوه من أزمات عامي 93 و1994م لينتهي بهم الأمر الى اشعال الحرب التي بنتيجتها ثبت أن الوحدة حصينة والعودة باليمن الى الخلف من سابع المستحيلات، لذا لا خيار أمامنا إلاَّ الحوار الذي طالما دعونا اليه، وندعو اليه الجميع في الداخل والخارج ليكون حواراً مسؤولاً على قاعدة الثوابت الوطنية والدستور وتطرح على طاولته كل القضايا والموضوعات السلبية والايجابية بحيث نعزز الايجابيات ونتجنب السلبيات وتعالج المشكلات والتباينات والاختلافات بروح وطنية بناءة ومسؤولة بعيداً عن الأنانية المرتكزة على ثقافة الكراهية أو اللجوء الى الاساليب الضارة كقتل النفس المحرمة وقطع الطرقات أو تخريب المنشآت والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وارتكاب الجرائم ضد المواطنين على أساس الفرز المناطقي الممقوت، أو الاستناد الى الشحناء والكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد.. فهذه أعمال مرفوضة ومنبوذة، فنحن كنا وسنظل أبناء وطن واحد جغرافياً وتاريخياً.. عقيدةً وحضارة.. جمعنا الماضي والحاضر وسنمضي الى المستقبل موحدين لأن في ذلك خير ومجد وعزة اليمن. ومن هنا نقول لأولئك الطامحين الى السلطة سواءً من خرجوا منها أو من يريدون الوصول اليها ان عليهم ان يلتزموا بالنهج الديمقراطي التعددي الذي ارتضاه شعبنا كوسيلة حضارية لتداولها سلمياً بعيداً عن العنف والحقد واجترار صراعات الماضي سواءً تلك التي انعكست في فترة الفرقة والتمزق قبل قيام الثورة اليمنية «26سبتمبر و14اكتوبر» أو تلك التي انتجها النظام التشطيري الشمولي قبل اعادة تحقيق الوحدة المباركة والتي بلغت ذروة دمويتها في ال 13 من يناير 1986م، أو تلك التي جرت بعد استعادة شعبنا لوحدته صيف عام 1994م.. فلا خيار أمامنا إذاً إلاَّ الحوار الذي نأمل ان لايجعل منه البعض وسيلة للوصول بالوطن الى ماحدث عام 93-94م عبر وثيقة الحرب والانفصال التي جعل منها البعض بديلاً للدستور وللشرعية الدستورية.. فهذه صفحة يتوجب طيها وبعد الحوار نتطلع الى الأمام برؤية وطنية صائبة وأفكار ناضجة.. فالمسؤولية يجسدها الوعي بان الوطن ملكنا جميعاً ونبحر بسفينة واحدة لايجوز لأي منا التفكير في خرقها أو الانحراف بها الى غياهب اليباب ولجة العواصف والتحديات واستيعاب ان ليس من حق أحد أياً كان ادعاء الوصاية على أي جزء من الوطن شماله وجنوبه وشرقه وغربه لأن الوصاية الحقيقية هي لصناديق الاقتراع التي تعبر بصدق عن إرادة الشعب.. والحزبية ليست غاية في ذاتها، لكنها وسيلة للبناء، لا للتعطيل وإعاقة مسيرة التنمية والديمقراطية، ويفترض من الجميع التوجه الى صناديق الاقتراع من خلال البرامج السياسية لأن في ذلك مصلحة الوطن ومستقبل ابنائه.