وصلت الأزمة التي يمر بها الوطن اليمني منذ أكثر من ثمانية أشهر مرحلة شديدة الخطورة والتعقيد، تفرض على القوى السياسية والحزبية في السلطة والمعارضة أن تضع في اعتباراتها أن استمرار هذه الأزمة في التصاعد والتمدد، كفيل بتدمير هذا الوطن بكل مقوماته ومقدراته والانزلاق به في مهاوي الضياع والانهيار الشامل، وهو ما سندفع ثمنه جميعاً، فالكارثة إذا ما حلت فإن وبالها ومآسيها ستحيق بكل من في هذا الوطن وفي المقدمة منهم أولئك الذين كانوا وراء افتعال هذه الأزمة وإشعال حرائقها وتغذية أحداثها بالاحتقانات والتداعيات المتلاحقة التي طالت بانعكاساتها وتأثيراتها حياة كل مواطن. وإذا ما دُمر الوطن وأصبح خراباً وخسرنا حاضرنا ومستقبلنا وأمننا واستقرارنا وتطلعاتنا وطموحاتنا، فهل يبقى لنا شيء يمكننا أن نراهن عليه؟! بالطبع ليس هناك أسوأ من أن يخسر الإنسان وطنه ويصبح تائهاً في داخله أو ضائعاً ومشرداً خارجه.. وحتى نتجنب هذا المصير، لابد أن نرتفع إلى مستوى التحديات التي تتهدد الوطن اليوم وأن نسمو على كل الخلافات والأهواء والرغبات الذاتية، وذلك من أجل وطننا الذي نستمد منه كرامتنا وعزتنا ومجدنا التليد. ومن هذا المنطلق فإن الاحتكام للحوار هو عين الصواب وذلك لأنّ شأنه لجم طاحونة الأزمة الراهنة والتوافق على الحلول والمعالجات لكافة القضايا وإيجاد الأرضية السليمة للانتقال الديمقراطي والدستوري للسلطة وبما يؤسس للركائز الراسخة لمبدأ التداول السلمي للسلطة واحترام إرادة الشعب مالك السلطة ومصدرها. ومن يعتقد أن بإمكانه القفز على هذه الحقائق وفرض أجندته إما عن طريق القوة والانقلاب على الشرعية الدستورية، وإما عبر تعميم الفوضى وأعمال التخريب والتدمير وإغلاق المدارس والجامعات وحرمان طلابها من التعليم وقطع الطرقات وإقامة المتاريس في الأحياء والشوارع وترويع المواطنين وتشريدهم من منازلهم، وغير ذلك من الوسائل والممارسات المخالفة للدستور والنظام والقانون، إنما هو كمن يرى السراب ماءً أو أنه يجهل بالفعل معطيات الواقع والتي، تؤكد كلها على أن الشعب اليمني الذي تحمل الكثير من المعاناة والكثير من الأعباء والكثير من المآسي خلال أشهر الأزمة من أجل أن يظل محافظاً على تماسكه وتماسك الوطن، يستحيل أن يسمح لأي مغامر أو مقامر بأن يعبث بثوابته وخياراته الوطنية وأن يتاجر بمعاناته ويتلاعب بوطنه من أجل تحقيق مصلحة ذاتية لنفسه أو منفعة لحزبه على حساب هذا الوطن وأبنائه. وها هو هذا الوطن ما يزال صامداً في وجه كل الأعاصير والأنواء والأخطار وسينتصر بإذن الله على كل من أرادوا به سوءاً وشراً، أحزابا كانوا أو أفراداً أو جماعات أو أطرافاً داخلية أو خارجية. كما انتصر هذا الوطن في كل المراحل والمنعطفات الصعبة والشاقة وسيعلم أولئك الانتهازيون والمتآمرون والمخادعون الذين ركبوا موجة الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربية وعملوا على سرقة تطلعات بعض شبابنا، الذين خرجوا إلى الساحات للتعبير عن أنفسهم تقليداً لأقرانهم في تلك الدول العربية، أنهم وإن كانوا استطاعوا تضليل بعض الشباب وتصدر واجهات وسائل الإعلام لبعض الوقت، إلاّ أن مراميهم أخذت تتكشف ونواياهم تتعرى وأهدافهم الخبيثة تتضح يوماً بعد يوم بل أن فسادهم صار يزكم الأنوف. وَلَوْ عَلِم هؤلاء الانتهازيون والانقلابيون والطامحون والطامعون في السلطة والجاه والمال، والمرضى بأوبئة الحقد والكراهية أن حبل الكذب قصير، لأدركوا أن ما يحيكون من خيوط التآمر على هذا الوطن أوهن من خيوط العنكبوت.