عندما يأتي لطف الله وتحيط بالمرء عناية المولى العزيز الجبار فإن النيران تصبح برداً وسلاماً، والشظايا تتحول إلى أزهار.. وتتحول أعمال المتجبرين إلى ألعاب صبيانية لا معنى لها.. تذكرت هذه الصورة وهذا الكلام الآن بعد مرور أكثر من أربعين يوماً من العمل الإجرامي البشع باستهداف الصالة الكبرى في صنعاء في عزاء آل الرويشان.. ونحن كنا وسط تلك النيران وبعناية من الله خرجنا من ذلك الجحيم الذي ارتكب بصفاقة وبدم بارد واستخفاف بكل القيم والمبادئ الإنسانية، وبصمت مريب من المجتمع الدولي الذي اكتفى فقط بالإدانات والتنديدات التي لا تسمن ولا تشبع من جوع.. أتذكر ذلك العمل الإجرامي وأنا أتلو فاتحة الكتاب وأترحم فيها على أرواح الشهداء الذين سفكت دماؤهم غدراً ومكراً وهم آمنون يقومون بواجب العزاء في موقع مدني وفي قلب العاصمة صنعاء..نتذكر رجالاً كانوا يتلون القرآن الكريم ويصلون على سيد الخلق محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه النجباء الأخيار.. وفي لحظة غدر ماكرة خالية من أي إنسانية وفارغة من كل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية.. وطالتهم الأيادي الآثمة وسفكت دماؤهم دون مراعاة لا مبادئ أو قيم أو أخلاق..لكن نحن مؤمنون بالله تعالى وواثقون أن العدوان مهما ظن أنه قادر بآلة الموت والدمار بأن يفرض إرادته على الشعب اليمني، لن يصل إلى أهدافه، لأن إرادة الله فوق إرادته.. ولأن الشعب اليمني مسنوداً بعون ودعم من الله جلت قدرته صمد أكثر من عشرين شهراً وسيصمد ولن تنكسر إرادته بإذن الله!! اليوم ونحن نتذكر بإجلال شهداء وجرحى الصالة الكبرى.. لنؤكد على أكثر من مسألة تحضرني في هذا الوقت: • أن العدوان ونواياه وأهدافه انكشفت لكل الشرفاء في العالم أنه عدوان بائس لا يقيم وزناً لكل القوانين الدولية الإنسانية وأنه متوحش ولا هدف إلا التدمير والفشل.. • أن الشعب اليمني قادر على احتمال كل المكاره والعدوان طالما كرامته مصانة وشأنه الداخلي مصان.. • أن المجتمع الدولي بات في حكم المشاهد عن بعد لكل المجازر والمذابح البشعة التي ترتكب ضد الإنسانية في اليمن، وهذه واحدة من الكوارث التي ضربت في الصميم كل القيم والمبادئ الإنسانية لهذا المجتمع الدولي الذي بقي صامتاً ويبدو أن صمته سوف يستمر إلى ما يشاء العدوان!! • أن الضربة مهما كانت شدتها وقوتها استفزت مشاعر كل اليمنيين الذين تداعوا للنكف القبلي للرد المناسب على ذلك العدوان المتوحش، بل ووضعته في مأزق لا يدري كيف يخرج منه!! • أن اليمنيين شعب صلب وصامد وقوي إرادة لا يمكن لأي كان أن يكسر إرادته، وأنه شعب عصي على العدوان مهما كانت ترسانته وسلاحه!! • أن مرحلة جديدة أمام الشعب وعليه أن يسير فيها بثقة وإيمان بمزيد من التلاحم ومزيد من التعاضد والتكافل.. وأن لا جدوى من عالم أخرس أبكم!! • أن القيادة والشعب كله يجب أن يعملوا معاً لبناء بدائل عمل تضمن مزيداً من الصمود والثبات والعمل على استدامة كل ممكنات العيش والحياة.. • أن العدوان الاقتصادي هي آخر الأوراق التي لجأوا إليها وبتواطؤ دولي غريب.. ولنا أن نسأل هنا هل يحق لنا كيمنيين وقع علينا ظلم جائر وفادح أن نلجأ إلى المحاكم الدولية الإنسانية ليس لمحاكمة العدوان وقياداته ورموزه فقط، وإنما لمحاكمة «الأممالمتحدة» وكل المنظمات الدولية التي تبلدت وتمنعت عن القيام بمسؤولياتها تجاه مجتمع وشعب ووطن يتعرض ليل نهار لعدوان وإشعال فتن وإثارة أحقاد وضغائن.. ولست أدري أن كان في المحاكم الدولية متسعاً من رفع مثل هذه القضايا على الأممالمتحدة وموظفيها المعنيين، والمنظمات الدولية التي تخاذلت عن أداء واجبها وتحمل مسؤولياتها إزاء عدوان ظالم جائر متجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية!!!