مما لا شك فيه أن تحالف دولة وأخرى لا يأتي في ليلة وضحاها، فكيف بإعلان تحالف يضم أكثر من عشر دول، ناهيك عن مباركة ودعم دول أخرى وأكثر عدداً من التحالف؟!.. فمن المنطقي أن يتطلب تحالف هذا العدد من الدول مباركة ودعم الدول الاخرى إلى أيام، بل إلى أسابيع وربما أشهر.. ومعنى ذلك أن الحرب العدوانية التي شنتها دول التحالف بقيادة السعودية في 26 مارس 2014م وتباركها وتدعمها دول أخرى عديدة ضمنها دول الاستكبار العالمي كانت قد أقرت وخطط لها منذ أشهر على الأقل، هذا إذا لم نقل منذ عام أو أعوام.. وهذا الأمر ينفي ما يسوقه المعتدون وداعموهم من مبررات وحجج شنهم هذا العدوان الغاشم والظالم الذي يتنافى مع القيم والأخلاق والأعراف الإنسانية والدولية. وهنا يبرز سؤال: ما هو المبرر أو السبب الحقيقي الخفي الذي تحالفت من أجله أكثر من عشر دول وتباركه وتدعمه دول أكثر منها؟! والإجابة على سؤال كهذا يحتاج إلى اخضاع الاعتمالات والأحداث التي جرت في الساحة اليمنية خاصة خلال السنوات العشر أو الخمسة عشرة سنة الأخيرة للبحث والدراسة في عواملها وخلفياتها ومسبباتها وغيره. إلاَّ أن هذا الطرح ليس موضوع تناولتي هذه، لأن ما أود مناقشته والحديث عنه هو امكانيات وقدرات المعتدين المتحالفين وداعميهم، هذا أولاً.. وثانياً الحرب العدوانية ونتائجها وما آلت إليه ودلالات هذه النتائج والمآلات.. فمقارنة امكانيات وقدرات المعتدين والمعتدى عليهم الذين يدافعون عن أنفسهم ووطنهم.. هي امكانيات وقدرات لا يمكن أن تقارن على الاطلاق كون المعتدى عليهم لا يملكون أية امكانيات أو قدرات يمكن مقارنتها مع امكانيات وقدرات أضعف وأصغر دولة من دول التحالف لا في الجانب المالي ولا المادي.. فأضعف دول التحالف لديها من الامكانيات الاقتصادية والتسليحية ما يفوق امكانيات وقدرات المعتدى عليهم مرات عديدة.. هذا في جانب الامكانيات والقدرات. أما نتائج الحرب العدوانية وما آلت إليه فليس بخافٍ على أحد، فالمعتدون لم يحققوا من خلال حربهم أدنى الأهداف التي شنوا الحرب من أجل تحقيقها وما يعتمل ويحدث في جبهات المواجهات المختلفة يؤكد بأنهم لن يحققوا أي هدف وإن كان ضئيلاً. فرغم ما يعمل ويسعى المعتدون وداعموهم من حشد للحشود وتزويدهم بأحدث وأضخم الأسلحة والمعدات والآليات، إضافة إلى الاغراءات المالية للمرتزقة على مدى ما يقارب عامين، إلاَّ أنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي انجاز أو تقدم في مختلف الجبهات، فكل ما تم حشده من حشود وكل ما نفذته هذه الحشود من زحوفات تم كسرها وتكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وفي مختلف الجبهات رغم الامكانيات والقدرات التسليحية والمادية البسيطة للمدافعين عن أنفسهم ووطنهم، وهي امكانيات وقدرات لا تذكر كونها لا تتعدى الأسلحة الشخصية الفردية، إضافة إلى بعض قطعات من الأسلحة الرشاشة والمدفعية ذات القدرات العادية، إلاَّ أن المدافعين عن أنفسهم ووطنهم بما يملكونه من إرادة لامتلاك الحرية وعدم الخضوع لوصاية المستكبرين وأذنابهم من أصحاب المال، استطاعوا تسخير ما بحوزتهم من امكانيات وقدرات على بساطتها وحققوا بها وبما يمتلكونه من إرادة وشجاعة وثبات وصبر وحق في مواجهة المعتدين الكثير من الانجازات والانتصارات الميدانية في مختلف الجبهات. ما حققه المدافعون عن أنفسهم ووطنهم من انجازات وانتصارات يقابله انكسارات وخسائر تكبدها المعتدون وداعموهم رغم فارق الامكانيات والقدرات التسليحية والمادية وغيرها.. ولذلك أصبح مآل ما يمتلكه المعتدون من معدات وأسلحة وآليات هو الدمار والتدمير على أيدي المدافعين عن أنفسهم ووطنهم وغنيمة لهم وأصبح الناس في أقطار الأرض يضربون بهم وبشجاعتهم واستبسالهم المثل حتى من هم من مواطني دول العدوان أنفسهم.. ولم يتمكن المعتدون - رغم ما عمدوا إليه من تدمير للمدن والقرى والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية والقتل للنساء والأطفال وحتى الحيوانات - من تسجيل أي انجاز أو هدف يذكر، بل تعرضوا هم وداعموهم وحشودهم ومرتزقتهم وامكانياتهم وقدراتهم للهزيمة والانكسار إلى الحد الذي صاروا فيه عرضة لسخرية الناس في أقطار الأرض بما في ذلك مواطنيهم. ما أقدم عليه المعتدون من توحش، خصوصاً في الأيام القليلة الماضية والمتمثل في تنفيذهم لقرابة ثلاثمائة غارة جوية وربما أكثر مدعومة بقصف من البوارج البحرية على مدينة المخا وحدها بمساحتها الجغرافية الصغيرة والمحدودة جداً، كان من المفترض أن يمهد هذا التوحش الإجرامي - المتمثل في عدد الغارات الجوية المهول المدعوم بقصف من البوارج البحرية - الطريق لحشود المعتدين ومرتزقتهم للاستيلاء والسيطرة على المدينة، إلاَّ أن ذلك لم يحدث.. أضف إلى ذلك انكسارات زحوف جيوش المعتدين ومرتزقتهم في كل الجبهات وعلى وجه الخصوص ميدي ونهم والجوف وذوباب وتعز ولحج وشبوة والبيضاء ومارب وغيرها من الجبهات.. كل ذلك ليس له إلاَّ دلالات واضحة لا لبس فيها، مفادها: أن الجيش اليمني واللجان الشعبية مدعومين بصبر وثبات أبناء الشعب اليمني رجالاً ونساءً وأطفالاً يمثلون جميعاً جبهة صمود لن ترضى بغير الحرية والاستقلال والسيادة المصانة بديلاً مهما قدموه من تضحيات جسام. فهل يعي ويفهم المعتدون ومرتزقتهم وداعموهم معنى هذا الإصرار اليماني على نيل الحرية والاستقلال والسيادة المصانة (التي هي محصلة المعادلة الذهبية: جيش وطني ولجان شعبية وجبهة داخلية داعمة ومناصرة صابرة ومصابرة ومثابرة وثابتة، التي تنتج إرادة حرة وشجاعة وثبات وصبر يكفي لتحرير العالم أجمع)؟!.