تعلمنا من العدوان أن الوطن غالٍ, وأن الكرامة ثمنها باهظ, لكننا قبلنا بهذا الثمن وتعلمنا من هذه المرحلة التي سقطت فيها الأقنعة أن المواقف العظيمة لا يقفها غير الرجال العظماء ولا يقتحم مجاهلها غير الرجال الشجعان, وأن أحداث التاريخ لا تكتبها الأيادي المرتعشة..تعلمنا من أهوال الحصار الموغل في وحشيته أن التآزر هو سبيل اليمنيين للخروج من عنق الزجاجة التي أراد أشقاء ما وراء الحدود أن يحشرونا فيها لأسبابهم العديدة وعقاباً لنا على شموخنا وعلى اجترائنا على قول "لا" لمن يريد أن يلوي أعناقنا التي ما انحنت ولن تنحني بإذن الله إلا لخالقها العظيم الحكيم.. اليوم بعد قرابة العامين من الحرب الظالمة على شعبنا ما الذي ينبغي على الجميع العمل به والالتزام به.. اليوم نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالثبات والالتفاف حول قضايانا الأساسية, وعلى توحيد بنيان الصف الوطني, وعلى مجاهدة النفس على أن نظل ذلك الرقم الصعب الذي تأكد خلال نحو عامين من أهوال ما عشنا ونعيشه من أطنان الصواريخ والقذائف التي انهالت على رؤوس صغارنا وأحيائنا السكنية تلك الوحشية التي علمتنا معنى أن تعتز بوطنك, معنى أن تكون رافع الهامة, عظيم الاعتزاز بتاريخك وحريصاً على وطنك.. علمتنا صواريخ الموت إرادة التمرد على الوصاية وأن الإمعان في القتل لا يمكن أن يوصل إلا إلى مزيد من الصمود, وإلى مزيد من الإصرار على مقاومة الظلم وعلى مقارعة الظالمين.. نحن كنا في بلدنا مسالمين آمنين محبين لكل أشقائنا ومازلنا, وجاءت الحسابات الظاهرة والحسابات الخفية وعبثت بالمنطقة وعبثت بكل المفاهيم وما توصلت إلى شيء يذكر, ولم تحدث فارقاً غير قتل الأطفال وغير هدم المنازل.. وما جنته تلك الأيادي العابثة من أشقائنا في الجوار الجغرافي, هو عبث بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لأن الهزات الارتدادية ستعود عليهم يجب أن يكون ذلك مفهوماً لديهم.. ويجب أن لا يغيب عن بالهم, أنهم سعوا إلى تدمير النسيج الاجتماعي وخلقوا بيئة مناسبة لاحتضان الإرهاب ولصناعة الإرهاب وسيكون عليهم الاستعداد لاستقبال توابع الإرهاب والذي لن يكونوا في منأى عن مشكلاته مهما كانت القبضة الأمنية, ومهما كان حرصهم, والتاريخ كفيل بأن يوصل إليهم كل التبعات الخطيرة عبثهم في النسيج الاجتماعي لليمن.. كانت ومازالت وستظل اليمن هي الخاصرة الأمنية لمنطقة الجزيرة والخليج شاء من شاء وأبى من أبى وستظل اليمن عمق تاريخها العربي والإسلامي وهي الحد الجنوبي المتشاطئ مع بحر يمتد إلى أرجاء بعيدة من المحيط الهندي.. مهما تغابى البعض أو تذاكى وأنكر مكانة اليمن.. اليمن هي مصدر الأمن والأمان لكل أشقائنا.. اليمن هي مصدر السلام للجميع, وهي البلد الذي لا يهزه عبث العابثين.. اليمن الذي يصل عمقه التاريخي والحضاري إلى آلاف السنين, لن يكون إلا ذلك الطود القوي الشامخ أمام كل أعاصير الحياة, وأمام كل تحديات الحسابات اللا إسلامية واللا عربية واللا وطنية.. اليمن يا أشقاء, ويا أصدقاء ليست رقماً عابراً, ولن تكون يوماً رقماً خاملاً.. نحن صناع حضارة ونحن حملة نور الحضارة الإنسانية, مهما تكالبت علينا المتاعب أو داهمتنا أهوال الفقر.. في ثنايا أرضنا تتحدث الموارد, وأهم مورد الإنسان في اليمن.. الإنسان الذي روض الجبال والصحارى, وطوع الجغرافية لخدمته هو الرهان.. ولن تجدوا اليمني إلا ذلك الإنسان الذي يكبر على جراحه ويرتقى على كل تحدياته.. وغداً ستدركون هذه الحقيقة وستعلمون أن كل عبثكم ذهب سدى وأن كل عواصفكم المدمرة ما هي إلا زوبعة في فنجان.. وتأكدوا أن مخزون المعنويات وافر لدى اليمنيين, وأنهم لجديرون بما وصفهم القرآن الكريم: أولو قوة وأولو بأس شديد, وأنهم كما وصفهم سيد العالمين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وعلى أصحابه الأخيار المنتجبين أهل أيمان وحكمة.. ورجال اليمن على مر التاريخ أشد صلابة وأعظم مكانة روحية ونفسية وقيمية وأخلاقية, وأنهم مصدر الخير وأنهم مصدر الأمن والأمان وأنهم يستحقون الإجلال والاحترام والتقدير.. لذلك خذوا عبثكم واذهبوا عنا خذوا كل حساباتكم واتركونا لشأننا.. خذوا فائض أحقادكم ودعونا نبنى بلدنا.. خذوا رهانكم الخائب الخاسر وأحفظوا ماء وجوهكم واتركوا لنا فرصة أن نكون موئل العطاء الإنساني.. وملاذ الخير والبناء. } رئيس هيئة الإسناد اللوجيستي