اغتيال الرئيس القائد الاستثنائي الشهيد إبراهيم محمد الحمدي في مثل هذا اليوم من 1977م بطريقة غادرة ودنيئة لا يقرها دين ولا قيم ولا أخلاق مثل اغتيالا ليس لرئيس أو قائد، بل لمشروع وطني نبيل وعظيم فيه تصحيح لا لمسار الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر فحسب، وإنما لمسار تاريخ اليمن المعاصر بأبعاد مستقبلية تجسد توجهاً حقيقياً لبناء دولة يمنية مؤسسية موحدة قوية وقادرة وعادلة تتحقق فيها المواطنة المتساوية لكل اليمنيين. وهذا التوجه الصادق لهذا القائد الاستثنائي لم يعجب الشقيقة الكبرى مملكة الإجرام النفطي «السعودية» التي توهمت ولا تزال تتوهم أن خير اليمن شر عليها، وأن بقاءه ضعيفاً ومتناحراً جعله تحت هيمنتها وسيطرتها ووصايتها بالاتفاق مع قوى الاستعمار الامبريالي القديم بصورته الخبيثة التي تمثله بريطانيا، والجديد في صورته الأكثر بربرية أمريكا. لقد كان اغتيال إبراهيم الحمدي- رحمه الله- من قبل النظام الرجعي السعودي وأدواته في الداخل اغتيالاً لشعب بكامله بكل طموحاته وتطلعاته الوطنية للأمن والاستقرار والاستقلال والوحدة والنهوض التنموي الشامل. صحيح إن إبراهيم الحمدي بحركته التصحيحية في 13 يونيو 1974م كان بالنسبة لأمريكا والنظام السعودي بمثابة المنقذ من الأوضاع التي أوصلت إليه القوى التابعة لها في الداخل والمنبثقة من انقلاب ال5 من نوفمبر 1967م والتي أوصلت اليمن في شطره الشمالي إلى حالة مزرية بعد أن وضعت تلك القوى الوطن لوصاية آل سعود مقابل المال المدنس وسيطرتها على السلطة لتحول اليمن إلى إقطاعيات تتوزعها تلك القوى العميلة نزولاً عند الإرادة السعودية التي وأدت ثورة 26سبتمبر بانقلابها المشؤوم وعصفت بأهدافها لتحولها إلى شعارات جوفاء لا علاقة بواقع اليمن بها، وكان من الطبيعي حينها في ظل الصراع بين القوى الثورية والرجعية داخل اليمن، وبين النظامين الشطرين المتداخلين مع استقطابات المحاور الدولية في ظل الحرب الباردة أن يؤدي في إفساد قوى 5 نوفمبر إلى السقوط في اتجاه لا ترغب فيه مملكة آل سعود وأمريكا والحلف الغربي.. فكان الشهيد الحمدي بمثابة المنقذ الذي يحمل مشروعاً ليس لأل سعود وإنما لليمن. الحمدي هو المسيرة التعاونية والطريق والمدرسة.. هو المدن السكنية لذوي الدخل المحدود.. هو حامل توجه بناء الجيش الوطني.. إبراهيم الحمدي كان هو المشروع الاستقلالي التحرري لليمن الموحد، لم يسلم لآل سعود ما يريدونه من توقيع اتفاقية الحدود والتنازل عن الأرض اليمنية.. كان يريد استخراج النفط للنهوض باليمن اعتماداً على أبنائه وثرواته.. كان يريد تحقيق الوحدة اليمنية على أسس تعبر عن إرادة اليمنيين ومصالحهم الوطنية في بناء يمن ديمقراطي موحد سيد نفسه خال من كل الصراعات ومراكز النفوذ والنزاعات الطائفية والمناطقية والجهوية والشللية المريضة.. الحمدي أكد أن انجازات الشعوب ودور الشخصية التاريخي فيها لا يرتبط بعدد السنين وإنما بما يتحقق، فلم تتجاوز قيادة إبراهيم الحمدي لليمن الثلاث السنوات لكنها كانت حافلة بالعمل والعطاء والنماء والخير لكل اليمنيين . دم الشهيد الحمدي وأخيه عبدالله لن يذهب هدراً وملف هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبها النظام السعودي وعملائه تتواصل اليوم في عدوانهم على اليمن الذي أمعنوا فيه ارتكاب أفظع الجرائم بحق اليمنيين للعام الرابع على التوالي ومنها جريمة الصالة الكبرى التي نعيش ذكراها الأليمة الثانية.. بمرور الأعوام والسنوات يزداد إبراهيم الحمدي حضوراً ورسوخاً في قلوب وعقول اليمنيين. ثلاثة أعوام كانت كافية لخلود الحمدي في وجدان أجيال شعبه ليبقى مثالاً للوطنية النقية المخلصة لشعبها وأمتها!!