قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر    أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحمدي .. اغتيال لمشروع دولة مدنية
نشر في الجمهورية يوم 15 - 10 - 2014

لم تجد اليمن بمثله حتى اليوم ، هكذا قال اليمنيون عن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي , هي عبارات أغلى من الماء وأجود من الصدق تحلى بها شهيد اليمن إبراهيم الحمدي , من اجتمعت فيه خزائن الحكمة والشجاعة والتواضع , وكان مفتاح صدره الإنسانية والرحمة وحب كل اليمن , وكانت حياته أبسط ما قدمه قرباناً ليحيا شعب ظل باكياً عليه حتى اللحظة.حداد دائم على موت الضمير الوطني
وزير شئون المغتربين اللواء مجاهد القهالي أحد زملاء وأصدقاء الشهيد إبراهيم الحمدي يصف اغتيال صديقه الإنسان القائد إبراهيم الحمدي, الذي كان ولا يزال يحبه السواد الأعظم من الشعب اليمني بمختلف شرائحه الحزبية وتياراته السياسية وطبقاته الاجتماعية المختلفة بأنه اغتيال لإرادة الشعب وتطلعاته وأحلامه , وأن ذلك الاغتيال الآثم لم يستهدف الشهيد إبراهيم الحمدي لذاته فحسب بل كان مستهدفاً بذلك الاغتيال الجبان مشروعه ووطنيته وصدق ولائه وانتمائه وإصراره على الانتقال بالشعب إلى رحاب العزة والكرامة والازدهار، وأنه من ذلك الحين إلى اليوم والشعب اليمني في حداد دائم وعزاء متواصل على موت الضمير الوطني الشهيد إبراهيم الحمدي , الذي رسم معالم الغد , ممثلاً جسراً متيناً ومتواصلا بين زمن الجيل الثوري , وبين الأجيال المتعاقبة والمتطلعة إلى الانعتاق من كل صور الحكم الديكوري الخادع.
مسترجعاً ذكرياته الأولى التي جمعته بأنبل وأشجع الزملاء وأحب الأصدقاء إلى قلبه إبراهيم الحمدي , قائلاً : عرفته حينما تعينت نائباً لوزير الداخلية قبل أحداث أغسطس وأثناءها عام 1968م بعدها تعين هو قائداً للاحتياط , وأنا أحد قادة كتائب الاحتياط , تحركنا معاً لفك الحصار عن محافظة حجة , وقاتلنا معاً في محافظة صعدة عام 1969م , وكانت علاقات العمل , ورفاقة الدرب مستمرة معه في وضع المقترحات الأولى لتصحيح أوضاع القوات المسلحة , وأثناء قيامه بوضع الأسس والأفكار المتعلقة بهيئات التعاون الأهلي للتطوير, وكنا نعمل في هيئة واحدة وهي مجلس قيادة التصحيح , وانتظمنا في خلية واحدة , خلية التصحيح الأولى التي كانت تتكون من الرائد على قناف زهرة , والرائد عبدالله عبد العالم , والرائد عبد الله الحمدي , والرائد منصور عبد الجليل , واستمرت زمالتي بالشهيد إبراهيم الحمدي معه إلى أن استشهد في عام 1977م.
أكثر الفترات رخاءً في تاريخ اليمن
مؤكداً اللواء مجاهد القهالي صديق الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي أن فترة حكم الرئيس الحمدي التي لم تستمر أكثر من 41 شهراً تماماً من يونيو 74 إلى أكتوبر 77م , رغم قصرها إلا أنها تعد من أكثر الفترات رخاءً , وأغزرها إنتاجاً , وأفضلها إنجازاً ، وكانت كما يؤكد من أهم السنوات في ذاكرة الشعب اليمني كباراً وصغاراً , ذكوراً وإناثاً, عسكريين ومدنيين , حضراً وريفاً ، وأنه لم يجمع الشعب اليمن على حب أي حاكم يمني كما أجمع على حب الحمدي , الذي مثل حكمه الترجمة الفعلية لأهداف ثورة 26 سبتمبر , من خلال مشروع الدولة الحديثة , الذي كان يطمح في الوصول إليه , وهي دولة المواطنين كوعد بدأ في عيون الناس العاديين يدنو وئيداً ولكن أكيداً , مضيفاً بالقول :لا أحد يستطيع أن يخفي شهرة وقدرة الرئيس الحمدي, فقد أبهر بإدارته للدولة كل المتابعين والمهتمين على الساحتين الإقليمية والدولية , ووصفت مجلة الجارديان البريطانية قيادة الحمدي بأنها أدهشت جميع الدبلوماسيين , أما صحيفة السفير اللبنانية فقد اعتبرته نسيجاً خاصاً من الزعامات العربية الكفؤة ، وقالت عنه الباحثة السوفيتية دجلو يوفسكايا إن عملية بناء الدولة المركزية الحديثة في الجمهورية العربية اليمنية بدأت منذ قيام حركة 13 يونيو برئاسة الحمدي.
حادثة الاغتيال
ويواصل القول: لقد كان الاغتيال الدنيء في ظهر يوم 11/ 10/ 1977م على مأدبة الغداء الغادرة التي أقامها أحمد الغشمي في منزله , لرئيس مجلس الوزراء حين ذاك عبدالعزيز عبدالغني , وفي الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً نقلت إذاعة صنعاء للشعب اليمني وفاة المقدم إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة , ومجموعة من رفاقه في حادثة اغتيال غاشم دنيء.
إنجازات كبيرة في وقت قصير
مستعرضاً اللواء مجاهد القهالي إنجازات الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي خلال فترة حكمه القصيرة التي لم تتعد الثلاث السنوات قائلاً : إذا كانت الشعوب تحتفل بإنجازاتها الراهنة فنحن لا نزال نحتفل بما انجزه الحمدي خلال فترته القصيرة التي كانت كثيرة وكبيرة ومؤثرة , ومرتبطة ببعضها البعض , التي شكلت مشروعاً وطنياً بحجم الوطن وطموحاً بحجم طموح وقدرات الشهيد الحمدي , وخالدة في الذاكرة والوجدان الشعبي , خلود هذا القائد العظيم , إنها مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة , دولة النظام والقانون مع ما صاحبه من مشاريع وإنجازات لامست شغاف القلوب , ولن تنساها الأجيال القادمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها , نجاح مثل الارتباط الوجداني بين القائد الحمدي والشعب اليمني , من خلال شخصيته التي مثلت حالة متقدمة ومتميزة على مختلف الصعد السياسية والثقافية والفكرية والقيادية داخل المؤسسة العسكرية وخارجها , وكانت دراسة مراحل حياته السابقة تنبئ عن حالة من النبوغ المبكر , والاستعدادات والملكات القيادية المتميزة, والقدرات الثقافية المتعددة الجوانب , والملكات الخطابية البارزة , والتجارب السياسية الواسعة والاستيعاب الواعي للواقع والتاريخ, وعلى نحو أخص احتكاكه وتفاعله النشط مع الأفكار والتجارب الحزبية ذات الأفق القوي المتحرر , ويمكن إلقاء نظرة سريعة على أهم تلك المنجزات وباختصار: عمل منذ توليه الحكم على إيجاد تنظيم سياسي فاعل من القاعدة الجماهيرية والواقع الشعبي تحتشد فيه كل الإمكانيات البشرية الوطنية ، أصدر قراراً بتشكيل لجنة مؤقتة لإعداد مشروع برنامج العمل الوطني تكونت من 39 شخصية , الذي سمي فيما بعد الميثاق الوطني , الذي تطور إلى الصورة التي هو عليها الآن , وكانت مهمة هذه اللجنة وضع مشروع برنامج شامل للعمل الوطني , وإعطاء تصور شامل لدولة اليمن الحديثة القادرة على خلق الازدهار والتقدم ، تم تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الذي اعتبر آنذاك بمثابة الإطار العام لكافة القوى السياسية وعموم الشعب، تكوين اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح الأساسية والفرعية والتي تكونت في سائر الأجهزة والمؤسسات وكافة النواحي والمحافظات , و تراءى كتنظيم سياسي كان الرئيس الحمدي يسعى من خلاله إلى إيجاد ما أسماه ب«دولة المواطنين» ، أصدر القرار الجمهوري بمنع كلمة سيدي من الخطابات والمراسلات الرسمية واستبدالها بكلمة الأخ , كون الأولى توحي بوجود فوارق طبقية في المجتمع ، انعقاد المؤتمر العام الأول للمغتربين ، تأسيس وتطوير الحركة التعاونية , كرافد شعبي للتنمية الشاملة والتي ازدهرت في عهده وحققت إنجازات مذهلة رغم قلة الإمكانيات ، حجز الأرض القادرة على استيعاب جميع الكليات وتسويرها وتخطيطها لجامعة صنعاء ، تحديد وحجز وتخطيط مشروع قاعات المؤتمرات الدولية ، وضع وتنفيذ الخطة الخمسية الأولى والثانية , والتي أحدثت تنمية شاملة وعادلة في عموم البلاد ،تحديد وحجز وإنشاء الحدائق العامة ، تحديد وحجز وإنشاء المجمعات الصناعية ،إقامة المؤسسات الاقتصادية والسكنية وتشجيع الجمعيات الزراعية ، تبني مواسم سنوية للتشجير ومواسم سنوية للنظافة، يمننة المنهج اليمني , ومنها كتاب التاريخ اليمني الموحد للصف الخامس بمقدمة تحت توقيعه وتوقيع الرئيس سالم ربيع علي، تشكيل لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية , وإصدار قرار تحديد ومنع المغالاة في المهور ، تم إجراء التعداد السكاني لأول مرة في تاريخ البلاد ، إصدار قانون انتخابات مجلس الشورى , وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات ، استطاع الحمدي بحزمه أن ينهي مراكز القوى والنفوذ , ويحد من سلطة المشائخ ويرسي أسس دولة حديثة تقوم على التعددية الديمقراطية الوحدة اليمنية مثلت سنوات حكم الحمدي المناخ الملائم لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية من خلال الخطوات التي قام بها رئيسا الشطرين وتم تشكيل المجلس اليمني الأعلى , وذلك بناء على نتائج جلسات المباحثات , و تم الاتفاق على خطوات وحدوية , يتم الإعلان عنها أثناء زيارة الحمدي لعدن ،والتي تم تحديد موعدها في 13 أكتوبر 1977م , ومنها توحيد السلك الدبلوماسي , والنشيد الوطني , والعلم الجمهوري وهي الزيارة التي لم تتم ، في مارس 1977 انعقد بمدينة تعز المؤتمر الرباعي لأمن البحر الأحمر , كدليل على الدور الحيوي الذي بدأ يلعبه اليمن على المستوى الإقليمي.
أخيراً : إن حركة 13 يونيو التي قادها الحمدي ووضع أسسها وملامحها تعد بكل المقاييس المرحلة الأهم في حياة الشعب اليمني , وإذا كانت لم تعط حقها الكامل من الإنصاف والتقدير فإنكم انتم و الأجيال القادمة هي من ستحتفي بهذه الحركة , وتعمل على استعادة مبادئها وتصورها لمفهوم الدولة اليمنية , القائم على المساواة والعدالة وإعطاء الوطن الأولوية المطلقة في كل شيء والتفلت من الولاء للكيانات أو المشاريع الصغيرة , كما أن المبادئ والتصورات التي كانت تحملها حركة 13 يونيو قد اصطدمت بقوى نافذة داخل المجتمع , شعرت معها أن مصالحها ونفوذها قد بدأ يتقلص تدريجياً أمام المشروع الجديد , الذي سار عليه الرئيس الحمدي , وبالتالي بدأت تحوك له المؤامرات وتوُضع له الدسائس , بهدف إعاقته وهي في مجموعها قوى وضعت نصب عينيها مصالحها الشخصية , ورمت بمصلحة اليمن جانباً غير عابئة بمستقبل الأجيال القادمة , وبالتالي قد كان للخطوات الإصلاحية التي اتخذها الحمدي أثراً كبيراً في زيادة عدد الناقمين عليه.
تقديم المجرمين للعدالة
مختتماً اللواء القهالي دعواته إلى الله سبحانه وتعالى بالخلود للشهيد الحمدي وكل رفاق دربه الذين استشهدوا معه , أو ساروا على نهجه , وجميع شهداء الثورة اليمنية ، مطالباً بضرورة فتح التحقيق في جريمة اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي , والكشف عن ملابساتها , وتقديم الجناة والمتآمرين إلى محاكمة عادلة وعلنية , أياً كانت مراكزهم , كما طالب الدولة بكل أجهزتها كشف النقاب عن مصير المخفيين والذين تم استدعاؤهم إلى منزل الغشمي ومبنى القيادة العامة في ذلك اليوم الأسود , والذي لم يعرف مصيرهم حتى اليوم , وفي مقدمتهم المناضل الكبير الرائد على قناف زهرة , وعبد الله الشمسي.
مشاريع قومية
كان عضواً ومسئولاً مالياً في هيئة تعاون بني الحارث عندما بدأت معرفته بالشهيد إبراهيم الحمدي , وعرفه عن قرب من خلال اللقاءات العديدة , يقول رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل «منارات» المهندس عبد الرحمن العلفي : عرفنا الشهيد إبراهيم الحمدي عن قرب, وكنا في اللقاءات التي يدعو إليها في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين , وفي الاتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير وحتى في نادي الخريجين وفي اللقاءات العامة حين كان يخاطب الجماهير , من فؤاده وبلسان عربي مبين , ذلك لأنه كان فقيهاً, وشاعراً , وأديباً , وقائداً عسكرياً محنكاً , لهذا تآمروا عليه , كون مشروعه بعيد المدى الوحدة العربية , ومشروعه قريب المدى هو الوحدة اليمنية المباركة استمعت إليه في نادي ضباط القوات المسلحة , وكنت ضمن من حاوروه حول المستقبل السياسي لليمن , وكان الشهيد إبراهيم الحمدي حينها قد عقد العزم على وضع مداميك التجربة السياسية الوطنية , معبراً عنها بمؤتمر الشعب العام , إضافة إلى الشروع في إطلاق التعددية السياسية ونشوء منظمات المجتمع المدني.
فارس اليمن
مضيفاً المهندس عبد الرحمن العلفي بالقول : يسجل التاريخ اليمني الحديث والمعاصر بأحرف من نور في صفحات العز والفخار انطلاقة الحركة التعاونية اليمنية , في عهد الرئيس الشهيد المناضل إبراهيم الحمدي , الذي وضع مداميك الحركة التعاونية اليمنية , الذي تكامل فيها الإدارتين الرسمية والشعبية , وتعانقت فيها أفئدة اليمنيين من مختلف مشاربهم وانتماءاتهم ومناطقهم الجغرافية ليؤسسوا تجربة تنموية رائدة , حيث استطاعت التجربة التعاونية كظاهرة يمنية متميزة , نبعت من طبيعة الشعب اليمني , وتاريخه وحضارته , والذي تعود في كل العصور على التعاون والتكاتف في سبيل تحمل صعاب الحياة , ووعورة الطبيعة والعمل على تسخيرها وتذليلها لمحاصرة الفقر والقضاء على التخلف , ويكفي هذه التجربة الذي كان من روادها الشهيد المناضل إبراهيم الحمدي أن أعلن في يوليو 1975م في مدينة تعز الباسلة أعمال المؤتمر العام الثالث , تحت شعار الحرب ضد التخلف , وكانت ملحمة الدفاع عن الوجود وعن الثقافة والوعي والحضور التنموي هي عنوان الحقيقة , التي جسدها التعاونيون في مدينة تعز , وارتفع كعب التعاونيين الشباب , وخفتت رايات المعتقين , والمعمرين , والمخضرمين , وأصحاب التجارب المضطربة بين عهد الملكيين والعهد الجمهوري , حيث برز دور الشباب رائداً ومتميزاً في سماء الحركة التعاونية , حيث إن التعاون من القيم العظيمة , التي قام ويقوم عليها الكيان الاجتماعي اليمني , والذي يسعى فيها الفرد لإسعاد الجماعة , وتتفانى الجماعة لإسعاد الفرد وهذه الفكرة الإنسانية العادلة قد ميزت الحركة التعاونية اليمنية , والتي شهد لها رواد التعاون العربي , والدولي , ويكفي الإشادة إلى التقرير الدولي للحلف التعاوني الدولي ومقره وارسو في عام 1980م , أن سجل بوضوح كامل فرادة وتميز الحركة التعاونية اليمنية القائمة على المبادرة الشعبية والإدارة الديمقراطية والمسئولية الجماعية في تمويل وتخطيط وتنفيذ المشاريع التنموية ولعل الشاهد في هذا المقام أن الشهيد رائد الحركة التعاونية إبراهيم الحمدي كان مؤمناً بأن الشعب هو مصدر السلطات , وهو القوة والمعين لتجاوز حالات التخلف, التي كانت ضاربة أطنابها في أعماق الواقع اليمني , وكان خياره شراكة المجتمع , وتفاعله بحرية وبمسئولية , وإسهام مادي ومعنوي , ولو استمرت الحركة التعاونية في مفهومها وسمو أهدافها وكفاءتها في محاربة التخلف لكنا قد وصلنا إلى أرقى المستويات في شتى مجالات الحياة اقتصادياً , وفكرياً , وسياسياً لذا كان لزاًما على شرفاء هذا الوطن أن يفكروا بجدية ومسئولية , لاستعادة معالم تلك التجربة الوطنية الواعدة , ويضعوا لها المداميك والأركان من القيم الوطنية , والمنهج الفكري , ومرتكزات التنمية الاقتصادية والاجتماعية , لتستعيد ألقها , وتستأنف مسيرة البناء التنموي , ذلك لأن التجربة انطلقت من خصائص المجتمع ومقوماته الاجتماعية والثقافية , والحضارية , وجدير بها أن تطورت لتشمل التعاون الاجتماعي الإنتاجي , والاستهلاكي والسمكي , والحرفي , والخدمي العام , ويجب في هذا اليوم أن نتذكر الشهيد البطل حين رفع من مكانة الدبلوماسية اليمنية في إطار علاقات متكافئة مع دول الجوار, ومع الفضاء العالمي , انطلاقاً من أن اليمنيين في موقع واحد , ومكانٍ مساوٍ لإخوانهم في الوطن العربي , وفي العالم , ولم تقل قيمة الإنسان اليمني , إلا في المراحل التي سقط فيها الخطاب السياسي , والمهنية الدبلوماسية , ليصبح أدنى مما يجب أن يكون عليه , فقد المغتربون اليمنيون محطات فاصلة في تاريخهم السياسي , كانوا أنداداً لأشقائهم في دول الاغتراب على عكس ما نحن فيه اليوم , حيث يعتبروننا بشراً من الدرجة الثالثة أو الرابعة , وليس ذلك بحق فالمجتمع اليمني أصيل , وجذوره التاريخية عميقة , ولكنه لم يجد الفرسان الذين يُعبرون عن شموخه , وكبريائه , وشممه , كما كان في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي عندما لم يرض في تلك المرحلة التاريخية بأقل من الندية والتكافؤ مع أشقائه في الوطن العربي , إذ لم يتفوق عليهم بنضاله وتضحياته وطموحه الذي يعانق السماء , وهنا ينبغي أن نتذكر عظماء اليمن ورواده , وفي الصدارة منهم الشهيدان إبراهيم الحمدي , وسالم ربيع علي , داعياً في ختام حديثه جماهير الشعب اليمني وقواه الحية , وأصحاب الضمير الحي , أن يستلهموا من تلك التجربة لإعادة بناء الوجدان الجمعي لليمن , والانتقال إلى حالة التقدم , والاستقرار , والتنمية.
بغيابه توقفت عجلة التطور في اليمن
الرئيس إبراهيم الحمدي تمتع كما أفاد كل من عرفه بنبل الأخلاق , وبأعلى درجات التواضع والرحمة الإنسانية التي اتسم بها حتى تاريخ استشهاده , فضلاً عن ذكائه وسياسته التي أدهشت العالم , فهذا أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء د. حمود العودي كان حينها في دولة الشهيد إبراهيم الحمدي نائباً لوزير الشئون الاجتماعية والعمل والشباب يقول : أنا شاهد على مرحلة الشهيد إبراهيم الحمدي في شمال الوطن , وسالم رُبيع علي في جنوبه , وفي خلال تلك الفترة رغم قصرها إلا أنها تشكل أكثر النقاط إشراقاً في تاريخ ومسيرة الثورة والجمهورية , لأن إبراهيم الحمدي كان مشروعاً حضارياً متكاملًا لدولة يمنية مدنية متكاملة , فهو لم يكن يعتمد على قبيلة , أو طائفة , أو مذهب , أو منطقة , بقدر ما أنه قد كان هو القاسم المشترك بين كل الناس الطيبين في هذا الوطن شمالاً وجنوباً , وكانت فترة إبراهيم الحمدي هي عبارة عن ثورة في وجه الفساد , والفوضى , والاضطرابات , والعنف الذي يشبه ما نعيشه الآن في هذه اللحظة , حيث كانت المشاريع الصغيرة للقبلية والمناطقية تضرب أطنابها في امتداد الوطن من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه , ولكن إبراهيم الحمدي ومعه كل القوى الوطنية الخيرة من أبناء هذا الوطن , جاء ليحمل مشروع الوطن , وليس للمشاريع الصغيرة وبالتالي فقد استطاع في فترة وجيزة لا تتجاوز الثلاث السنوات أن يحدث تغيراً تاريخياً اجتماعياً , واقتصادياً مدنياً متكاملاً , ومعه كل القوى الوطنية والخيرة في هذا الوطن , ولم يكن العمل التعاوني في الثورة التعاونية الكبرى التي قضت على العزلة الداخلية « الجغرافية» بين اليمنيين لأول مرة في تاريخهم , من خلال تنفيذ عشرات الآلاف من الطرق الجبلية , في أقاصي الريف , وبناء آلاف المدارس ومشاريع المياه والكهرباء , بل إن هذه الثورة التعاونية التي رعاها إبراهيم الحمدي قد غيرت المنظومة الأخلاقية للمجتمع بأسره, فتجسد التعاون , والإخاء , والمودة , والمساهمة , بدلاً من الثأرات والأحقاد , والكراهيات , وتفجر الجهد الشعبي , والإمكانيات الأهلية للناس , في خدمة أنفسهم بأنفسهم , برعاية الدولة لما لم يسبق له مثيل على المستوى الإقليمي , والعربي , والدولي وذلك بشهادة العالم الخارجي قبل القائمين على هذه الثورة التعاونية الكبرى , التي تسببت القوى المتخلفة بعد استشهاده في تصفيتها , ولم يكن استشهاد إبراهيم الحمدي إلا الخطوة الأولى على طريق إخماد المشروع الوطني والمدني بأكمله وليس الحركة التعاونية فقط , كما أن إبراهيم الحمدي في ذكراه التي لم تُنس قد كان مع أخيه ورفيق حياته سالم رُبيع علي يحملان المشروع الوحدوي المدني الحق لمستقبل اليمن , ولم يكن بينهم وبين هذا المشروع والقرار الذي اتخذ فيه إلا أياماً قليلة , أو ساعات كما يعرف الجميع , وكانت أيادِ الغدر التي نالت من إبراهيم الحمدي ومن بعده بفترة سالم رُبيع علي , هي التي أوقفت عجلة التطور لمسيرة الثورة والجمهورية , والبدء بتكريس التشطير , ومؤسسة الفساد , وقبيلة الدولة وهو ما انتهت إليه الأوضاع في المرحلة الراهنة من حالة التشظي , والعنف , والكراهية , التي تكاد أن تودي بالوطن , وما نفتقر إليه اليوم هو إحياء هذا المشروع التاريخي الوطني , في وجه كل المشاريع الصغيرة , والمتخلفة للقبيلة والطائفية والمناطقية , وما النواة الشبابية الحالية إلا إحياء لهذا المشروع والذي سينتصر بإذن الله من خلال التمسك بمخرجات الحوار الوطني والوقوف في وجه كل المشاريع الصغيرة والمتخلفة.
تواضع الرئيس الحمدي عن مقدرة
وفي الجانب الإنساني للشهيد إبراهيم الحمدي الكثير من المواقف المؤثرة , والدالة على نبل أخلاقه وقمة تواضعه حيث يواصل الدكتور حمود العودي متذكراً عصراً افتقده وهو يقول : التقيت بالرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي أكثر من مرة , وكانت أهم لقاءاتنا به في مرحلة تأسيس الحركة التعاونية , وكنت وقتها نائباً لوزير الشئون الاجتماعية والعمل والشباب مع الأستاذ عبد الله الحلالي (رحمه الله) , وأتذكر موقفاً لا أنساه عندما كنت مع أولادي نقضي يوم إجازة في قرية القابل بوادي ظهر , وبينما نحن نتمشى بسيارتنا على طريق ترابي ظهرت فجاءة في الجهة المقابلة لنا من نفس الطريق سيارة في الاتجاه المعاكس , وكانت سيارتي من نوع فوكس واجن صغيرة الحجم والسيارة المقابلة كانت فوكس واجن أيضاً ولضيق الطريق لم يُسمح بمرورنا بسهولة وبدأت أتضايق , واتنرفز , وأصيح لكي يفسح الطريق صاحب تلك السيارة , ولكني فوجئت بعد التدقيق بإبراهيم الحمدي يقود السيارة , ويبتسم بكل هدوء ويطلب العفو , ثم يرجع إلى الخلف لكي نمر , وما كان مني إلا أن ترجلت وصافحته وقلت له اتق الله في نفسك وفي هذا الوطن , وهذا الموقف لن أنساه ولن ينسى الإنسان اليمني ذلك الرجل الذي أحبه شعبٌ كامل , وكرهه الحاسدون لتواضع هذا الرجل الذي لا حدود له ويعرف عنه ذلك الجميع.
الحمدي نور أطفأه أعداء الله
هذا هو الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي من تغنى به المسكين والمسئول والطفل والعجوز إلا أن أصدقاءه وزملاءه ومنهم اللواء محمد علي حسين النهمي سكرتير منظمة المناضلين اليمنيين يتحدثون عنه من واقعهم المعاش معه لحظة بلحظة , يتحدث اللواء النهمي قائلاً : الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي (رحمه الله) كان إنساناً سموحاً امتلك قلباً طيباً , وخدم البلاد بصدق وإخلاص , وكان مستعيناً بالله سبحانه وتعالى في تلك الأيام كانت بلادنا لا تزال تعاني من الخوف وانعدام الأمن , وكان الرئيس الحمدي لا يبالي من تلك الظروف الأمنية , فقد كان يذهب إلى الأسواق وحده بدون حرس , ويذهب يقود سيارته إلى شبام والى ثلاء بنفسه ولحاله , كان (رحمه الله) طموحاً في إيجاد خطة مفيدة للشعب اليمني , ولبناء اليمن لكن أعداء الله غدروا به وأخيه , أثناء ضيافته على الغداء , فكانت آخر حياته هناك وأطفأوا النور الذي كان ينبعث من قلبه لبناء هذه البلاد.
مواقف إنسانية للشهيد الحمدي
متذكراً اللواء محمد النهمي إحدى المهمات التي صادفت أول أيام حصار صنعاء قائلاً : كنت أنا وزميلي آنذاك إبراهيم الحمدي في إحدى المهمات أثناء سفرنا إلى الطويلة , كان ذلك اليوم هو أول أيام حصار السبعين , كنا في مدينة شبام في طريقنا إلى الطويلة , حيث وصلت إليه برقية من المرحوم الفريق حسن العمري يقول فيها « يا ولد إبراهيم عود إلى صنعاء ومعك المقدم محمد النهمي» فأطلعني المقدم الحمدي على البرقية وقلت له استعين بالله وعود إلى صنعاء, وأنا سأواصل المهمة إلى الطويلة , ومن مواقفه الإنسانية التي شهدتها بنفسي , جاءت إليّ امراة عجوز كانت تسكن بجانب الجامع الكبير في سكن تابع للدولة تشتكي بأن هناك من يريد إخراجها منه , فرفعت لها بمذكرة إلى الشهيد إبراهيم الحمدي فتجاوب وأصدر توجيهاته بأن تبقى تلك العجوز في ذلك السكن إلى أن تموت , والحالة الثانية حدث أن زوجة السائق الذي كان بمعيتي أصابها العمى فرفعت بحالتها إليه , فكان منه أن أمر بإسعافها فوراً إلى المملكة العربية السعودية , فالرئيس الشهيد الحمدي كان متجاوباً في فعل الخير والحالات الإنسانية.
شجاعة وقوة إيمان
كانت شخصية الشهيد الحمدي مثالية , لم يكن يعتمد على الحرس كان يمشي وحده , رغم أن التحذيرات كانت تأتيه بأن ينتبه على نفسه من مؤامرات لاغتياله , لكنه لم يكن يعيرها أي اهتمام كانت ثقته بالله وبنفسه كبيرة (رحمة الله عليه) , كنا نقول له هناك كذا وكذا , لكنه لم يكن ينتبه أو يسمع , وكان هناك شخص اسمه حسين القديمي , كان يأتي يقول للشهيد إبراهيم الحمدي : انتبه لابن ملجم يا إبراهيم , أوبه من أحمد الغشمي , لكن الرئيس الحمدي لم يكن يعقل وكان يرد عليه بصدر مطمئن بقوله مالك يا عم حسين , في إشارة بأنه لا يخاف ولا يوجد مما يتخوف منه العم حسين القديمي في شيء.
تحذير لم يسمح القدر بوصوله
مدير مكتب المستشار السياسي لرئيس مجلس القيادة علي عبد القوي الغفاري كان في إحدى الزيارات إلى مكتب الرئيس الحمدي قاصداً تحذيره من مراكز القوى التي تريد الخلاص منه إلا أنه لم يستطع لظروف حالت دون ذلك , إلى غير ما يبثه من جوفه المحب رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية السفير د. علي عبد القوي الغفاري قائلاً : كم أنا حزين جداً أن أتحدث عن رمز كبير وشامخ مثل إبراهيم الحمدي , ذلك الإنسان الذي تجلت فيه صفات القيادة والنبل وحب الوطن وإيمانه الشديد والقوي بيمن حر مستقل يبني نفسه , ويعتمد على إمكانياته وثرواته ويقوم بدوره الحضاري والإنساني بعيداً عن التأثيرات الخارجية , عرفت إبراهيم الحمدي زعيماً متواضعاً جسد معنى المواطن الصالح لذلك الشعب الذي لم يحظ بزعيم غيره حتى اللحظة , بحكم عملي في تلك الأيام لفترة بسيطة عندما تم انتدابي من وزارة الخارجية للعمل مديراً لمكتب المستشار السياسي لرئيس مجلس القيادة حينها الأستاذ والحر والأديب والشاعر محمد عبد الله الفسيل , وبعدها انتدبت من الخارجية وعملت مديراً لمكتب رئيس اللجنة العليا للانتخابات المرحوم القاضي عبد الله أحمد الحجري في الفترة ما بين 75و 76م تعرفت على ابن اليمن الزعيم البار قائد ثورة التصحيح المالي والإداري إبراهيم محمد الحمدي كما التقيت به في مكتبه مرتين أو ثلاثاً وأذكر ذات مرة أنني حاولت أن أحدثه رغم صغر سني وحداثة وظيفتي , فقد رغبت أن أحدثه عن مراكز القوى المحيطة به الذين كانوا السبب في اغتياله بتلك الطريقة البشعة والقذرة , غير أنني بكل أسف في ذلك اليوم لم أحدثه لانشغاله باستقبال عدد من القبائل التي جاءت تناصره في قراراته التي أدت إلى إزاحة عدد كبير من مراكز القوى , كان إبراهيم قريباً من الشعب والشعب قريباً إلى قلبه , ورغم مرور 37 عاماً على اغتياله يوم الحادي عشر من أكتوبر في العام 1977م عندما كان في طريقه إلى عدن لمشاركة شعبنا في الجنوب احتفالاته بذكرى ثورة أكتوبر العظيمة التي نحتفل اليوم بالذكرى ال 51 على قيامها.
البذور الأولى لتحقيق الوحدة اليمنية
موضحاً الدكتور علي الغفاري قائلاً : إن الرئيس الحمدي كان قد التقى عدة مرات بالرئيس الشهيد سالم ربيع علي , وكان أول لقاء وحدوي تم بينهما في مدينة قعطبة يوم 15 فبراير 1977م , والذي كان من نتائجه تشكيل مجلس مشترك بين القيادتين في الشطرين رغم الخطوات والاتفاقيات السابقة التي جاءت بعد اتفاقية القاهرة يوم 28 أكتوبر 1972م , بعد أول نزاع مسلح بين الشطرين وبيان طرابلس الذي تم في 28 نوفمبر 1972م , الذي جاء تتويجاً وتجسيداً لاتفاقية القاهرة , ومن هذا المنطلق الذي تم بين الزعيمين الحمدي وسالمين كان زرع بذور اللقاءات الوحدوية الأولى التي تمت في الأراضي اليمنية , ويظل موقف الشهيد الرئيس سالم ربيع علي مشهوداً له عند اغتيال الحمدي , فقد كان الزعيم الوحيد الذي أصر للمشاركة في تشييع جنازة الشهيد إبراهيم الحمدي , التي لم تشهد سنوات حكمه منذ تولى قيادة البلاد في 13 يونيو 1974م حتى يوم اغتياله في 11 أكتوبر 1977م أية حروب بين الشطرين , مضيفاً بالقول : كان هم الرئيس الحمدي تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وهمه الدائم كيفية إعادة الوحدة بين الشطرين , وهو أحد أهم الأسباب الرئيسة لاغتياله , بالإضافة إلى تكالب مراكز القوى التي أراد أن يحرر الشعب اليمني منها , فقد كان صاحب القرارات التاريخية عندما أنشأ اللجنة العليا للتصحيح المالي والإداري لأجل محاربة الفساد الذي كان قد بدأ يستشري في جسد الدولة , ولذلك تم اغتياله قبل مغادرته إلى عدن للإعلان عن توحيد اليمن قبل سفره بيوم واحد , مشيراً الدكتور علي الغفاري إلى أن خروج الجماهير اليمنية في مسيرات إلى مقبرة الشهداء يوم 11 أكتوبر الحالي , والترحم على الشهيد إبراهيم الحمدي دلالة تاريخية قوية على أن إبراهيم الحمدي يعيش في قلوب اليمنيين المطالبين بمعرفة الجناة , الذين ارتكبوا جريمة اغتيال ذلك الزعيم , الذي لم تجد اليمن بمثله حتى اليوم , مترحماً على الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي , وعلى كل شهداء الوطن في شماله وجنوبه.
القيام بمحاولة قتل الغشمي إنتقاماً للشهيد الحمدي
كما يروي شهادته ابن شقيق الشهيد زيد الكبسي عما سمعه من أهله وأقاربه الذين اطلعوا على تلك الفترة , عن الدور الذي قام به عمه الشهيد زيد الكبسي في محاولة قتل الغشمي انتقاماً لمقتل الشهيد إبراهيم الحمدي قائلاً الشاب محمد يحيى الكبسي : كان الشهيد إبراهيم الحمدي مديراً للكلية الحربية وتعرف على أحد طلابها النوابغ زيد الكبسي , واستمرت الصداقة بينهما حتى صار الحمدي قائداً عاماً لقوات الاحتياط , وعمي زيد إبانها ضابط في قعطبة , ومن ثم في صعدة مناضلا ضد الملكية وأتباعها أيام حرب السبعين وبعد أن صار الحمدي رئيساً للبلاد عين زيد الكبسي قائداً للواء مأرب , واستمر الوفاء حيث كانت هناك محاولات عدة لاغتيال الحمدي وقام زيد الكبسي بإفشالها, وكان ينصح إبراهيم بترك اللئام ويقول له الغشمي لئيم سيقتلك , لكن دونما جدوى, حتى طالته يد الغدر , وبعدها بحوالي أربعة أيام حضر زيد الكبسي أول اجتماع للقادة في مكتب القائد الغشمي , فحاكم الغشمي وفضحه أمام الزملاء , وارتفع الصوت بينهم وقال زيد الكبسي لم تكتف بقتله , ولكن تتطاول وتحاول تدنيس شرف المرحوم الحمدي بتلفيقك لحكاية الفرنسيتين , وأخذ زيد مسدسه وأطلق رصاصة نحو الغشمي لكنها لم تصبه , فأمسك بيده الزملاء , وقام حرس الغشمي بقتله على الفور, وقيل إن الغشمي أبلغ بحضور زيد فأمر بقتله على الفور وهو في البوابة وقتل , الجدير بالذكر أن الغشمي قام بهدم منزل زيد الكبسي قصفا بالدبابة. وأمر بحبس أخيه الأصغر خوفاً من الثأر وأصدر حكماً بإعدامه.
في ذكرى اغتياله ال «37»
ابتسام محمد الحمدي – ابنة أخ الشهيد إبراهيم الحمدي ل«الجمهورية»:
الشهيد كان يأمل أن نكون دولة تتحقق فيها العدالة لجميع أفراد الشعب
لقاء: صلاح صالح قعشة
قالت ابتسام محمد الحمدي – ابنة أخ الشهيد إبراهيم الحمدي، إن الشهيد كان يأمل لليمن أن تكون دولة ذات نظام وقانون وسيادة تتحقق فيها العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب مضيفةً ل «الجمهورية» في الذكرى ال«37» لاغتيال ثالث رئيس لليمن أن التعاونيات وبناء جيش وطني و بناء الدولة، مثلت ثلاثة مرتكزات استند عليها الشهيد في خططه الخمسية والتنموية، مشيرةً لعدم نية الأسرة رفع قضية ضد مغتالي الحمدي لأن اغتياله لم يكن بسبب انتمائه للأسرة ولكن لأنه كان رئيساً لليمن، مؤكدة على أن السياسة والحكم ليست حكراً على أسرة وليست ملكاً لقبيلة، وإنما هي للأقدر والأجدر والأنفع... التفاصيل في اللقاء:
لم تتلق الأسرة كلها نبأ الاغتيال في نفس الوقت حيث كان في أوقات متفاوتة فقد أتى إلى الوالد شخصان كانوا يبحثون عنه ليبلغوه بمخطط اغتيال أخوه إبراهيم في وقت الظهر في حوالي الساعة الثانية وشوية والتي كانت تقريباً أربعة مخططات أولها كانت الاغتيال في بيت الغشمي فاتصل والدي ببيت إبراهيم وردت عليه زوجته وأخبرته بذهابه للغداء في بيت الغشمي وهناك تم الاغتيال.
على مستوى الجانب الإنساني الكثير تساءل عن علاقة الشهيد الحمدي بإخوته وأخواته؟
على الرغم من أنه كان الولد الثالث قبل الأخير، فهم كانوا ثمانية أخوة واربع فتيات ولكنه كان يعتبر بمثابة كبيرهم وكانت علاقته معهم وطيدة ليس معهم فقط بل مع أقاربه والناس فقد كان قدوة.
كيف كانت علاقته بأبنائه وأفراد أسرته الأقرب؟
كان حاضن لأخويه الصغار في بيته مع أبنائه وكانت علاقته قوية مع أبنائه على الرغم من كثرة انشغاله وكان إذا جلس معهم فيكونون كثيري الضحك لأنه كان صاحب نكتة أيضاً ويضفي المرح في المكان الذي يوجد فيه وكان يجلس مع الكبير بتقدير ومع الصغير كأنه في سنه فقد كان يتعايش مع الجميع.
ربما بدافع الحب كان الكثيرون يتمنون انتماء الحمدي لهم فهل كان للشهيد أي انتماء سياسي؟
لا استطيع الإفتاء في هذا الموضوع بالذات لأن هناك كثير من الادعاءات وأنا لا استطيع أن أقرها أو أنفيها إلا أني آخذ بقول أحد أبناء عمومتي بأنه سأله إذا ما كان ناصرياً أو متحزباً فأجاب عليه وهو قد اصبح رئيساً للجمهورية فقال له “لا يصح يا ابني أن انتمي لأي حزب سياسي أنا رئيس الكل، ولكن من لم تكن لديه أفكار وحدوية أفكار قومية فكلما نهواه أن نكون موحدين أن نكون أمة واحدة ويكون الفكر عاماً للجميع لكن كرئيس جمهورية لا يحق لي أن انتمي لأي حزب”.
هل ترك الشهيد الحمدي أي مذكرات؟
لا أعتقد أنه ترك أي مذكرات لأنه لم يكن له من يومه ما يسد به رمق عيشه فقد كان يومه مليء بالانشغال والأعمال فلم يكن يجد أي وقت لهذه الكتابات.
هل أنصف الشباب الشهيد إبراهيم الحمدي وانصفوا ذكراه؟
لا أظن أنهم أنصفوه ولا أنصفوا أنفسهم حتى، لأنهم جعلوا أنفسهم أدوات بيد الغير، فإنصاف الشهيد الحمدي يكون برفع والسعي لتنفيذ ما أستشهد من أجله لا نريد رفع صورته لأنه أنزل صورته بنفسه وأمر برفع اسم الجلالة فكان اختيار إبراهيم الحمدي واستشهاده في سبيل بناء الدولة فلو كان هؤلاء الشباب رفعوا بناء الدولة وأسسها الذي وضعها الشهيد الحمدي لكانوا أوفوه وأنصفوه وكانت مخرجاً لهم.
كثير من الحركات الشبابية خلال 2011 و ما بعدها رفعوا كثيراً من المبادئ التي كان يتمناها الشهيد الحمدي ويسعى إلى تحقيقها؟
الشباب ضاعوا لأنهم تفرقوا ولم يكونوا يداً واحدة فعندما لا يكونوا يداً واحدة بل متفرقين فيسهل التهامهم هذه واحدة.
والثانية كم من الشباب والشابات شاركوا في مؤتمر الحوار فبالله عليك هل يوجد من طرح مشروع الشهيد الحمدي كبديل من البدائل الذي يمكن أن يخرج اليمن مما هي فيه.
ذلك سيقودنا إلى مكان كان يأمله الشهيد لليمن؟
الشهيد كان يأمل لليمن بأن تكون لديها دولة ذات نظام وقانون وسيادة ويتم فيها تحقيق العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب وتكون لديهم مطلق الحرية ويكون هناك تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب الواحد ولا فرق بين قوي وضعيف وهذا ما كان يسعى إليه الحمدي ووضع له الخطط التي ارتكزت عليها ولها ثلاثة مرتكزات المرتكز الأول: التعاونيات وهيئة التطوير التي كان أساسها تنموي بحت وشراكة شعبية فعلية في عملية التنمية وهذا كان من أهم الأسس وأنجحها في العالم ولم يكن لها مثيل في العالم والبنك الدولي والكثير من المنظمات الدولية أشادت بهذه الفكرة وبهذا الجهد وكانوا يرغبوا في أن يتم تعميمها على دول العالم الثالث لأنها عملية تنمية شعبية مشاركة وليست معتمدة على الدولة وهذه الفكرة تم إجهاضها، المرتكز الثاني عملية إصلاح الجيش وإعادته إلى جيش وطني وإخراجه من العصبيات ومن أصحاب النفوذ والقبليات، بحيث يكون للدولة جيش قوي وسلطة أو أمن قوي أيضاً يساوي بين المواطنين.
المرتكز الثالث: عملية بناء الدولة من خلال الخطة الخمسية التي بدأبها العمل في عهده والتي كانت تقتضي بعد خمس سنوات تكون جميع البنى التحتية لليمن متوفرة كاملة من كهرباء ومياه وطرق وصرف صحي إضافةً إلى المنشئات الخدمية كالتعليم الذي يجب أن يكون مجاناً وللجميع والصحة إضافة إلى ذلك رعاية دار العجزة الذي بدأ بفتح دارين في عهده لرعاية العجزة وكان هذا من ناحية بنية الإنسان والأهم من هذا كله أنه كان يسعى إلى تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي كان يمثل الإطار والمظلة ليكون تحتها كل التنظيمات السياسية بحيث أنها في الناتج تخرج بشيء موحد لصالح البلد بدون الاختلاف الذي نراه اليوم حيث كل واحد يسعى إلى مصلحته فقط دون مصلحة وطنه فهذه كانت بمثابة مظلة تحتها جميع الأحزاب السياسية وغير السياسية وحتى القبلية مثلها الآن كمخرجات مؤتمر الحوار.
هل تنوون رفع قضية ضد من قاموا بعملية الاغتيال؟ وإذا كان الأمر بنعم فهل استكملتم إثباتات الاتهام والدلائل الموثقة؟
لا ننوي القيام بذلك في الوقت الحالي لأنه ليس وقته الآن ولأن الشهيد إبراهيم الحمدي لم يتم اغتياله بصفته الشخصية لانتمائه لأسرته ولكنه اغتيل لأنه رئيس جمهورية، ولذا فإن واجب رفع قضية هو عليك وعلى الدولة وعلى اليمنيين جميعاً.
بعد الاغتيال.. هل تعرضت العائلة لمضايقات أمنية وغيرها؟
بكل تأكيد، فبعد اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي، كان هناك ثلاث محاولات لاغتيال الوالد محمد الحمدي في القاهرة، إضافةً إلى أن هذه الأسرة بكاملها تم تهميشها تهميشاً كاملاً في الدولة ، ولأن الناس على دين ملوكهم فإن الكثير من الناس الذين كانوا يعرفونا وتربطنا بهم علاقات بدأوا يبتعدون عنا ويشيحون وجوههم اذا رأونا في مكانً ما كي لا يقال انهم أصدقاء لنا.
هل لأنكم من أسرة ابراهيم الحمدي فيحق لكم المطالبة بمناصب في الدولة؟
لدينا من الكوادر في أسرتنا الكثير ونحن نرغب في أن يتحصلوا على حقهم في الوظيفة العامة كغيرهم من أبناء الشعب، ولوكنا نريد أن نكون رقماً صعباً في الحياة السياسية لقمنا بذلك منذ عام 1977، ولكن لأننا نؤمن بأن السياسة والحكم ليست حكراً على أسرة وليست ملكاً لقبيلة، وإنما هي للأقدر والأجدر والأنفع، ما أدى لعدم خوضنا في هذا المجال.. ولي أن أسرد لك من مواقف والدي محمد الحمدي حين كان في القاهرة ورفض عروضاً عدة من قبل الرئيس الليبي معمر القذافي في رسائل أرسلها له بأنه على استعداد لتمويل أي تحرك رافض للوضع الذي استجد بعد الاغتيال ولكنه رفض ذلك وقال لنا حين حديثه عن ذلك « ياأولادي وأخوتي وأسرتي لديِ عرض أكثر من مرة ليس فقط من معمر القذافي ولكن كذلك دول أخرى كانت مستعدة للتمويل»..
فالقبول بهذه العروض كانت ستكفل للأسرة الأموال والتعليم العالي والعلاج، ولكن المقابل كان سيكون دخول اليمن في حرب أهلية يعلم الله كم ستدوم وكم سيذهب ضحايا لها.. فأنا أختار أن أحقن الدماء وأن لا أقبل بهذه العروض، وأنا أعلم بأننا سنتعب وسنشقى لأجل لقمة العيش والتعليم والعلاج”.
مع مرور الذكرى السنوية للاغتيال.. ماهي الأعمال التي تقوم بها الأسرة؟
عدما يكون نشوان موجوداً في صنعاء فيكون هناك جلسة يقيمها في البيت، ونحن النساء نذهب إلى المقبرة لزيارته وقراءة الفاتحة عليه والدعاء له.
ماهي الكتب والقراءات التي كان يقرأها الشهيد؟
كانت كتب القضاء والفقه والشريعة هي الكتب التي كان يقرأها، كما أنه حفظ القرآن عندما كان مسجوناً في مصر عام 1966، كما كان يقرأ في الاقتصاد كما كان يقرأ الشعر ويحبه.
ألم تثمر أعمال وجمائل الشهيد إبراهيم الحمدي في إثناء قاتليه عن القيام بعملية الاغتيال؟
عندما يكون هناك مطامع وهناك من يدفع ويمول فالمطامع لا توقف الجمايل.
على افتراض أن الشهيد لايزال رئيساً حتى الآن.. فما الذي كنا سنتوقعه لليمن؟
الشهيد كان قبل اغتياله ينوي اعتزال العمل السياسي بعد خمسة أشهر، وكان قد كلف الوالد بالذهاب إلى تونس لشراء بيت لأنه كان يعلم بأن المؤامرة عليه قد أصبحت من كل حدبً وصوب (داخلية وإقليمية ودولية)، وكان يرغب في تحقيق الوحدة اليمنية وأن ينشأ المؤتمر الشعبي العام كي يختار رئيساً له ثم يغادر البلد.
أما إذا كان لايزال حياً ورئيساً إلى الآن فأعتقد بأنه سيستقيل نهاية الخطة الخمسية، والتي اذا تحققت لأصبحنا في مقدمة دول الجوار في مجالات القدرة والتنمية والتشييد والرفاه وفي كل مجالات ومستويات الحياة سواءً اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.
الأن الوضع الحالي يلقي بظلاله القاتمة على الشعب اليمني وحياته ما الذي يمكن أن تقوليه عن هذا الوضع؟
أقول لأخوتي اليمنيين (أيديكم أوكتا وأفواهكم نفخت)، فالكثير منهم تغافل عن المصلحة العامة واهتم بالمصلحة الخاصة، وبرزت عبادة الأصنام البشرية، وكلُ صنع له صنماً ويعبده ونسي أن له وطناً يجب أن يحميه لأن في حمايته حمايهً له ولأبنائه وللأجيال القادمة من بعده، فالتحزب بأشخاص واتباعهم وتقديسهم سواءً كانوا على صواب أم خطأ فهذا لن يقود إلا إلى الفساد، وزيادة الأعباء على جميع أبناء الشعب، وضيق العيش، واضمحلال الدولة واليمن وخرابها.
كلمة أخيرة تودين قولها؟
هو نداء أخير لكل اليمنيين بأن يقدموا المصلحة العامة - لن أقول مصلحة البلد لأن كل واحد يعِرف مصلحة البلد من وجهة نظره – وإنما أقول المصلحة العامة والتي وإن كانت على حساب بعض الأشخاص أو الطوائف أو القبائل، وأقول لهم حكموا عقولكم كي تعيشوا أنتم وأبناءكم عيشاً كريماً بدلاً من العيشة التي نعيشها في هذا الوقت العصيب.. ورغم أنني أود توجيه كلمة للساسة إلا أنني لا أرى فيهم خيراً وهم لا يرون إلا مصلحة أنفسهم ولا يعلمون ما هو الحق من الباطل ولا الحلال من الحرام، فالمرحلة السابقة قد هدمت منظومة الأخلاق وجعلت الحلال حراماً والحرام حلالاً.
مسيرة جماهيرية حاشدة في صنعاء إحياءً لذكرى استشهاده ال37
إبراهيم الحمدي.. اغتيال حُلم
استطلاع: عبدالرحمن مطهر
شهدت العاصمة صنعاء السبت الماضي مسيرة جماهيرية حاشدة بمشاركة العديد من الفعاليات السياسية وزملاء الشهيد ومحبّيه وأصدقائه، حيث انطلقت المسيرة من ميدان التحرير وحتى مقبرة الشهداء حيث ينام هنالك جثمان الشهيد القائد الرئيس إبراهيم الحمدي.. «الجمهورية» شاركت في إحياء هذه الذكرى والتقت عدداً من محبّي الشهيد القائد العربي الكبير المناضل إبراهيم محمد الحمدي ..
البداية كانت مع شقيقه المناضل محمد بن محمد الحمدي والذي تحدّث عن الجوانب الإنسانية للشهيد القائد قائلاً: لا يخفى على أحد أن إبراهيم كان إنساناً بسيطاً ومتواضعاً للغاية بالرغم من أنه كان رئيساً للجمهورية؛ هكذا كانت أخلاقه التي اكتسبها من الوالد رحمه الله، فقد كان إبراهيم مرحاً ودوداً يجيب دعوة الناس ويشارك الناس أفراحهم وأحزانهم، لم يكن لديه أي حراسات في البيت أو في موكبه، كان يمشي في الشوارع كأي مواطن دون مواكب أو ضجيج، ويقف في إشارات المرور، لم تكن لديه صفات الأنانية والجشع التي نراها في مسؤولي اليوم، حتى الهدايا التي كانت تأتيه من بعض الرؤساء والملوك كان يسلّمها إلى الدولة، لم يحتفظ بأي شيء، كان همّه المواطن اليمني، كيف يرتقي به للوصول إلى الحياة الحرّة الكريمة التي تتطلّع إليها كل فئات المجتمع، كان إبراهيم يعمل جاهداً من أجل إنصاف المظلوم؛ لأنه كما كان يقول سيُسأل عنه يوم الحساب الأكبر مثل كل هذا وغيره هو سبب حب الناس لإبراهيم الحمدي.
التعاونيات
أما اللواء الركن مجاهد القهالي، أحد أبرز زملاء الشهيد ورفقاء دربه فقال: كنت مع الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي منذ أن تعيّن في لواء الاحتياط، وقمنا معاً بفك الحصار عن مدينة حجة وأسّسنا قوات الاحتياط بشكل نموذجي، أيضاً أسّسنا التعاونيات التي كانت محور ارتكاز التنمية في ذلك الوقت، وتم تشييد الكثير من المشاريع الحيوية والتنموية التي أحدثت تحوّلاً كبيراً في مسيرة الشعب اليمني في فترة قصيرة لا تتعدّى الثلاث السنوات، كما عمل الشهيد القائد بجد واجتهاد على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وكان على وشك تحقيق ذلك لولا المكر به.
القائد الإنسان
ويضيف القهالي قائلاً: الشعب اليمني بمختلف فئاته يجمع على حب الرئيس القائد إبراهيم الحمدي، هذا القائد الإنسان الذي أحبّ الناس فأحبّوه؛ لذلك يأتي إحياء الذكرى السابعة والثلاثين لاستشهاد الرئيس الحمدي عرفاناً ووفاءً من أبناء الشعب اليمني بما قدّمه الرئيس الحمدي من إنجازات مثّلت ترجمة فعلية لأهداف ثورة ال 26 من سبتمبر الخالدة وإيذاناً ببدء مشروع الدولة الحديثة قبل أن تطاله يد الغدر والخيانة في الحادي عشر من أكتوبر 1977م بجانب شقيقه عبدالله الحمدي.
اغتيال لحلم المجتمع اليمني
كذلك قالت الأخت ابتسام محمد الحمدي إن مشاركة مختلف المواطنين بمختلف توجهاتهم السياسية في إحياء هذه المناسبة لدليل واضح على المكانة الكبيرة التي يحتلها الشهيد القائد الرئيس إبراهيم الحمدي في قلوب الناس، كما يمثّل خروج المجتمع اليمني اليوم في هذه الذكرى دليلاً على استمرار النضال من أجل الوصول إلى الغد المشرق خاصة أن اغتيال الرئيس الحمدي مثّل اغتيالاً لحلم المجتمع اليمني في إيجاد الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي لانزال نبحت عنها حتى اليوم. . هذا وكان عصام علي قنّاف زهرة، نجل المفقود قسرياً علي قناف زهرة قد تلا في ختام المسيرة بياناً استهلّ بنبذة مختصرة عن الإنجازات الوطنية الرائدة التي تحقّقت للوطن في ظل قيادة الشهيد الرئيس إبراهيم محمد الحمدي، مبيّناً أن فترة حكمه التي استمرت 41 شهراً اتسمت بالعمل الجاد والمخلص في سبيل النهوض بالوطن وإرساء مداميك التنمية الشاملة سواء من خلال الخطة الخمسية الأولى والثانية أم عبر حركة التطوير التعاوني فضلاً عن جهوده من أجل إيجاد تنظيم سياسي فاعل من القاعدة الجماهيرية والواقع الشعبي تحتشد فيه كل الإمكانات البشرية الوطنية.
وأوضح البيان أن الشهيد الحمدي أصدر قراراً بتشكيل لجنة موقتة لإعداد مشروع برنامج العمل الوطني تكوّنت من39 شخصية سمّي فيما بعد «الميثاق الوطني» وكذا تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الذي اعتبر آنذاك الإطار العام لكافة القوى السياسية وعموم الشعب.
وقال البيان إن من إنجازات الشهيد تكوين اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح الأساسية والفرعية والتي تكوّنت في سائر الأجهزة والمؤسّسات وكافة النواحي والمحافظات وإصدار القرار الجمهوري بمنع كلمة «سيدي» من الخطابات والمراسلات واستبدالها بكلمة «الأخ» وانعقاد المؤتمر العام الأول للمغتربين وتأسيس وتطوير الحركة التعاونية كرافد شعبي للتنمية الشاملة وحجز الأراضي الخاصة بإنشاء مشاريع جميع كلّيات جامعة صنعاء وتسويرها وتخطيطها، فضلاً عن تخطيط مشروع قاعة المؤتمرات الدولية وإعداد وتنفيذ الخطة الخمسية الأولى والثانية، وتحديد وحجز وإنشاء الحدائق العامة والمجمّعات الصناعية، وإقامة المؤسّسات الاقتصادية والسكنية، وتشجيع الجمعيات الزراعية في أمانة العاصمة وعدد من المحافظات.
ورصد البيان من تلك المنجزات التي تحقّقت في عهد الشهيد القائد إبراهيم محمد الحمدي يمننة المنهج الدراسي اليمني، وتشكيل لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وقرار تحديد ومنع المغالاة في المهور، وإجراء أول تعداد سكاني في البلاد، وإصدار قانون انتخابات مجلس الشورى، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، وإنهاء مراكز القوى والنفوذ، والحد من سلطات المشائخ وإرساء أسس دولة حديثة تقوم على التعددية الديمقراطية.. ودعا البيان إلى فتح باب ملف التحقيق في جريمة اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي والكشف عن ملابساتها وتقديم الجُناة والمتآمرين إلى محكمة عادلة وعلنية أياً كانت مراكزهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.