موعد الضربة القاضية يقترب.. وتحذير عاجل من محافظ البنك المركزي للبنوك في صنعاء    صحفي سعودي: ما بعد زيارة الرئيس العليمي إلى مارب لن تكون اليمن كما قبلها!    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحمدي .. اغتيال لمشروع دولة مدنية
نشر في الجمهورية يوم 15 - 10 - 2014

لم تجد اليمن بمثله حتى اليوم ، هكذا قال اليمنيون عن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي , هي عبارات أغلى من الماء وأجود من الصدق تحلى بها شهيد اليمن إبراهيم الحمدي , من اجتمعت فيه خزائن الحكمة والشجاعة والتواضع , وكان مفتاح صدره الإنسانية والرحمة وحب كل اليمن , وكانت حياته أبسط ما قدمه قرباناً ليحيا شعب ظل باكياً عليه حتى اللحظة.حداد دائم على موت الضمير الوطني
وزير شئون المغتربين اللواء مجاهد القهالي أحد زملاء وأصدقاء الشهيد إبراهيم الحمدي يصف اغتيال صديقه الإنسان القائد إبراهيم الحمدي, الذي كان ولا يزال يحبه السواد الأعظم من الشعب اليمني بمختلف شرائحه الحزبية وتياراته السياسية وطبقاته الاجتماعية المختلفة بأنه اغتيال لإرادة الشعب وتطلعاته وأحلامه , وأن ذلك الاغتيال الآثم لم يستهدف الشهيد إبراهيم الحمدي لذاته فحسب بل كان مستهدفاً بذلك الاغتيال الجبان مشروعه ووطنيته وصدق ولائه وانتمائه وإصراره على الانتقال بالشعب إلى رحاب العزة والكرامة والازدهار، وأنه من ذلك الحين إلى اليوم والشعب اليمني في حداد دائم وعزاء متواصل على موت الضمير الوطني الشهيد إبراهيم الحمدي , الذي رسم معالم الغد , ممثلاً جسراً متيناً ومتواصلا بين زمن الجيل الثوري , وبين الأجيال المتعاقبة والمتطلعة إلى الانعتاق من كل صور الحكم الديكوري الخادع.
مسترجعاً ذكرياته الأولى التي جمعته بأنبل وأشجع الزملاء وأحب الأصدقاء إلى قلبه إبراهيم الحمدي , قائلاً : عرفته حينما تعينت نائباً لوزير الداخلية قبل أحداث أغسطس وأثناءها عام 1968م بعدها تعين هو قائداً للاحتياط , وأنا أحد قادة كتائب الاحتياط , تحركنا معاً لفك الحصار عن محافظة حجة , وقاتلنا معاً في محافظة صعدة عام 1969م , وكانت علاقات العمل , ورفاقة الدرب مستمرة معه في وضع المقترحات الأولى لتصحيح أوضاع القوات المسلحة , وأثناء قيامه بوضع الأسس والأفكار المتعلقة بهيئات التعاون الأهلي للتطوير, وكنا نعمل في هيئة واحدة وهي مجلس قيادة التصحيح , وانتظمنا في خلية واحدة , خلية التصحيح الأولى التي كانت تتكون من الرائد على قناف زهرة , والرائد عبدالله عبد العالم , والرائد عبد الله الحمدي , والرائد منصور عبد الجليل , واستمرت زمالتي بالشهيد إبراهيم الحمدي معه إلى أن استشهد في عام 1977م.
أكثر الفترات رخاءً في تاريخ اليمن
مؤكداً اللواء مجاهد القهالي صديق الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي أن فترة حكم الرئيس الحمدي التي لم تستمر أكثر من 41 شهراً تماماً من يونيو 74 إلى أكتوبر 77م , رغم قصرها إلا أنها تعد من أكثر الفترات رخاءً , وأغزرها إنتاجاً , وأفضلها إنجازاً ، وكانت كما يؤكد من أهم السنوات في ذاكرة الشعب اليمني كباراً وصغاراً , ذكوراً وإناثاً, عسكريين ومدنيين , حضراً وريفاً ، وأنه لم يجمع الشعب اليمن على حب أي حاكم يمني كما أجمع على حب الحمدي , الذي مثل حكمه الترجمة الفعلية لأهداف ثورة 26 سبتمبر , من خلال مشروع الدولة الحديثة , الذي كان يطمح في الوصول إليه , وهي دولة المواطنين كوعد بدأ في عيون الناس العاديين يدنو وئيداً ولكن أكيداً , مضيفاً بالقول :لا أحد يستطيع أن يخفي شهرة وقدرة الرئيس الحمدي, فقد أبهر بإدارته للدولة كل المتابعين والمهتمين على الساحتين الإقليمية والدولية , ووصفت مجلة الجارديان البريطانية قيادة الحمدي بأنها أدهشت جميع الدبلوماسيين , أما صحيفة السفير اللبنانية فقد اعتبرته نسيجاً خاصاً من الزعامات العربية الكفؤة ، وقالت عنه الباحثة السوفيتية دجلو يوفسكايا إن عملية بناء الدولة المركزية الحديثة في الجمهورية العربية اليمنية بدأت منذ قيام حركة 13 يونيو برئاسة الحمدي.
حادثة الاغتيال
ويواصل القول: لقد كان الاغتيال الدنيء في ظهر يوم 11/ 10/ 1977م على مأدبة الغداء الغادرة التي أقامها أحمد الغشمي في منزله , لرئيس مجلس الوزراء حين ذاك عبدالعزيز عبدالغني , وفي الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً نقلت إذاعة صنعاء للشعب اليمني وفاة المقدم إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة , ومجموعة من رفاقه في حادثة اغتيال غاشم دنيء.
إنجازات كبيرة في وقت قصير
مستعرضاً اللواء مجاهد القهالي إنجازات الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي خلال فترة حكمه القصيرة التي لم تتعد الثلاث السنوات قائلاً : إذا كانت الشعوب تحتفل بإنجازاتها الراهنة فنحن لا نزال نحتفل بما انجزه الحمدي خلال فترته القصيرة التي كانت كثيرة وكبيرة ومؤثرة , ومرتبطة ببعضها البعض , التي شكلت مشروعاً وطنياً بحجم الوطن وطموحاً بحجم طموح وقدرات الشهيد الحمدي , وخالدة في الذاكرة والوجدان الشعبي , خلود هذا القائد العظيم , إنها مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة , دولة النظام والقانون مع ما صاحبه من مشاريع وإنجازات لامست شغاف القلوب , ولن تنساها الأجيال القادمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها , نجاح مثل الارتباط الوجداني بين القائد الحمدي والشعب اليمني , من خلال شخصيته التي مثلت حالة متقدمة ومتميزة على مختلف الصعد السياسية والثقافية والفكرية والقيادية داخل المؤسسة العسكرية وخارجها , وكانت دراسة مراحل حياته السابقة تنبئ عن حالة من النبوغ المبكر , والاستعدادات والملكات القيادية المتميزة, والقدرات الثقافية المتعددة الجوانب , والملكات الخطابية البارزة , والتجارب السياسية الواسعة والاستيعاب الواعي للواقع والتاريخ, وعلى نحو أخص احتكاكه وتفاعله النشط مع الأفكار والتجارب الحزبية ذات الأفق القوي المتحرر , ويمكن إلقاء نظرة سريعة على أهم تلك المنجزات وباختصار: عمل منذ توليه الحكم على إيجاد تنظيم سياسي فاعل من القاعدة الجماهيرية والواقع الشعبي تحتشد فيه كل الإمكانيات البشرية الوطنية ، أصدر قراراً بتشكيل لجنة مؤقتة لإعداد مشروع برنامج العمل الوطني تكونت من 39 شخصية , الذي سمي فيما بعد الميثاق الوطني , الذي تطور إلى الصورة التي هو عليها الآن , وكانت مهمة هذه اللجنة وضع مشروع برنامج شامل للعمل الوطني , وإعطاء تصور شامل لدولة اليمن الحديثة القادرة على خلق الازدهار والتقدم ، تم تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الذي اعتبر آنذاك بمثابة الإطار العام لكافة القوى السياسية وعموم الشعب، تكوين اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح الأساسية والفرعية والتي تكونت في سائر الأجهزة والمؤسسات وكافة النواحي والمحافظات , و تراءى كتنظيم سياسي كان الرئيس الحمدي يسعى من خلاله إلى إيجاد ما أسماه ب«دولة المواطنين» ، أصدر القرار الجمهوري بمنع كلمة سيدي من الخطابات والمراسلات الرسمية واستبدالها بكلمة الأخ , كون الأولى توحي بوجود فوارق طبقية في المجتمع ، انعقاد المؤتمر العام الأول للمغتربين ، تأسيس وتطوير الحركة التعاونية , كرافد شعبي للتنمية الشاملة والتي ازدهرت في عهده وحققت إنجازات مذهلة رغم قلة الإمكانيات ، حجز الأرض القادرة على استيعاب جميع الكليات وتسويرها وتخطيطها لجامعة صنعاء ، تحديد وحجز وتخطيط مشروع قاعات المؤتمرات الدولية ، وضع وتنفيذ الخطة الخمسية الأولى والثانية , والتي أحدثت تنمية شاملة وعادلة في عموم البلاد ،تحديد وحجز وإنشاء الحدائق العامة ، تحديد وحجز وإنشاء المجمعات الصناعية ،إقامة المؤسسات الاقتصادية والسكنية وتشجيع الجمعيات الزراعية ، تبني مواسم سنوية للتشجير ومواسم سنوية للنظافة، يمننة المنهج اليمني , ومنها كتاب التاريخ اليمني الموحد للصف الخامس بمقدمة تحت توقيعه وتوقيع الرئيس سالم ربيع علي، تشكيل لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية , وإصدار قرار تحديد ومنع المغالاة في المهور ، تم إجراء التعداد السكاني لأول مرة في تاريخ البلاد ، إصدار قانون انتخابات مجلس الشورى , وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات ، استطاع الحمدي بحزمه أن ينهي مراكز القوى والنفوذ , ويحد من سلطة المشائخ ويرسي أسس دولة حديثة تقوم على التعددية الديمقراطية الوحدة اليمنية مثلت سنوات حكم الحمدي المناخ الملائم لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية من خلال الخطوات التي قام بها رئيسا الشطرين وتم تشكيل المجلس اليمني الأعلى , وذلك بناء على نتائج جلسات المباحثات , و تم الاتفاق على خطوات وحدوية , يتم الإعلان عنها أثناء زيارة الحمدي لعدن ،والتي تم تحديد موعدها في 13 أكتوبر 1977م , ومنها توحيد السلك الدبلوماسي , والنشيد الوطني , والعلم الجمهوري وهي الزيارة التي لم تتم ، في مارس 1977 انعقد بمدينة تعز المؤتمر الرباعي لأمن البحر الأحمر , كدليل على الدور الحيوي الذي بدأ يلعبه اليمن على المستوى الإقليمي.
أخيراً : إن حركة 13 يونيو التي قادها الحمدي ووضع أسسها وملامحها تعد بكل المقاييس المرحلة الأهم في حياة الشعب اليمني , وإذا كانت لم تعط حقها الكامل من الإنصاف والتقدير فإنكم انتم و الأجيال القادمة هي من ستحتفي بهذه الحركة , وتعمل على استعادة مبادئها وتصورها لمفهوم الدولة اليمنية , القائم على المساواة والعدالة وإعطاء الوطن الأولوية المطلقة في كل شيء والتفلت من الولاء للكيانات أو المشاريع الصغيرة , كما أن المبادئ والتصورات التي كانت تحملها حركة 13 يونيو قد اصطدمت بقوى نافذة داخل المجتمع , شعرت معها أن مصالحها ونفوذها قد بدأ يتقلص تدريجياً أمام المشروع الجديد , الذي سار عليه الرئيس الحمدي , وبالتالي بدأت تحوك له المؤامرات وتوُضع له الدسائس , بهدف إعاقته وهي في مجموعها قوى وضعت نصب عينيها مصالحها الشخصية , ورمت بمصلحة اليمن جانباً غير عابئة بمستقبل الأجيال القادمة , وبالتالي قد كان للخطوات الإصلاحية التي اتخذها الحمدي أثراً كبيراً في زيادة عدد الناقمين عليه.
تقديم المجرمين للعدالة
مختتماً اللواء القهالي دعواته إلى الله سبحانه وتعالى بالخلود للشهيد الحمدي وكل رفاق دربه الذين استشهدوا معه , أو ساروا على نهجه , وجميع شهداء الثورة اليمنية ، مطالباً بضرورة فتح التحقيق في جريمة اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي , والكشف عن ملابساتها , وتقديم الجناة والمتآمرين إلى محاكمة عادلة وعلنية , أياً كانت مراكزهم , كما طالب الدولة بكل أجهزتها كشف النقاب عن مصير المخفيين والذين تم استدعاؤهم إلى منزل الغشمي ومبنى القيادة العامة في ذلك اليوم الأسود , والذي لم يعرف مصيرهم حتى اليوم , وفي مقدمتهم المناضل الكبير الرائد على قناف زهرة , وعبد الله الشمسي.
مشاريع قومية
كان عضواً ومسئولاً مالياً في هيئة تعاون بني الحارث عندما بدأت معرفته بالشهيد إبراهيم الحمدي , وعرفه عن قرب من خلال اللقاءات العديدة , يقول رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل «منارات» المهندس عبد الرحمن العلفي : عرفنا الشهيد إبراهيم الحمدي عن قرب, وكنا في اللقاءات التي يدعو إليها في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين , وفي الاتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير وحتى في نادي الخريجين وفي اللقاءات العامة حين كان يخاطب الجماهير , من فؤاده وبلسان عربي مبين , ذلك لأنه كان فقيهاً, وشاعراً , وأديباً , وقائداً عسكرياً محنكاً , لهذا تآمروا عليه , كون مشروعه بعيد المدى الوحدة العربية , ومشروعه قريب المدى هو الوحدة اليمنية المباركة استمعت إليه في نادي ضباط القوات المسلحة , وكنت ضمن من حاوروه حول المستقبل السياسي لليمن , وكان الشهيد إبراهيم الحمدي حينها قد عقد العزم على وضع مداميك التجربة السياسية الوطنية , معبراً عنها بمؤتمر الشعب العام , إضافة إلى الشروع في إطلاق التعددية السياسية ونشوء منظمات المجتمع المدني.
فارس اليمن
مضيفاً المهندس عبد الرحمن العلفي بالقول : يسجل التاريخ اليمني الحديث والمعاصر بأحرف من نور في صفحات العز والفخار انطلاقة الحركة التعاونية اليمنية , في عهد الرئيس الشهيد المناضل إبراهيم الحمدي , الذي وضع مداميك الحركة التعاونية اليمنية , الذي تكامل فيها الإدارتين الرسمية والشعبية , وتعانقت فيها أفئدة اليمنيين من مختلف مشاربهم وانتماءاتهم ومناطقهم الجغرافية ليؤسسوا تجربة تنموية رائدة , حيث استطاعت التجربة التعاونية كظاهرة يمنية متميزة , نبعت من طبيعة الشعب اليمني , وتاريخه وحضارته , والذي تعود في كل العصور على التعاون والتكاتف في سبيل تحمل صعاب الحياة , ووعورة الطبيعة والعمل على تسخيرها وتذليلها لمحاصرة الفقر والقضاء على التخلف , ويكفي هذه التجربة الذي كان من روادها الشهيد المناضل إبراهيم الحمدي أن أعلن في يوليو 1975م في مدينة تعز الباسلة أعمال المؤتمر العام الثالث , تحت شعار الحرب ضد التخلف , وكانت ملحمة الدفاع عن الوجود وعن الثقافة والوعي والحضور التنموي هي عنوان الحقيقة , التي جسدها التعاونيون في مدينة تعز , وارتفع كعب التعاونيين الشباب , وخفتت رايات المعتقين , والمعمرين , والمخضرمين , وأصحاب التجارب المضطربة بين عهد الملكيين والعهد الجمهوري , حيث برز دور الشباب رائداً ومتميزاً في سماء الحركة التعاونية , حيث إن التعاون من القيم العظيمة , التي قام ويقوم عليها الكيان الاجتماعي اليمني , والذي يسعى فيها الفرد لإسعاد الجماعة , وتتفانى الجماعة لإسعاد الفرد وهذه الفكرة الإنسانية العادلة قد ميزت الحركة التعاونية اليمنية , والتي شهد لها رواد التعاون العربي , والدولي , ويكفي الإشادة إلى التقرير الدولي للحلف التعاوني الدولي ومقره وارسو في عام 1980م , أن سجل بوضوح كامل فرادة وتميز الحركة التعاونية اليمنية القائمة على المبادرة الشعبية والإدارة الديمقراطية والمسئولية الجماعية في تمويل وتخطيط وتنفيذ المشاريع التنموية ولعل الشاهد في هذا المقام أن الشهيد رائد الحركة التعاونية إبراهيم الحمدي كان مؤمناً بأن الشعب هو مصدر السلطات , وهو القوة والمعين لتجاوز حالات التخلف, التي كانت ضاربة أطنابها في أعماق الواقع اليمني , وكان خياره شراكة المجتمع , وتفاعله بحرية وبمسئولية , وإسهام مادي ومعنوي , ولو استمرت الحركة التعاونية في مفهومها وسمو أهدافها وكفاءتها في محاربة التخلف لكنا قد وصلنا إلى أرقى المستويات في شتى مجالات الحياة اقتصادياً , وفكرياً , وسياسياً لذا كان لزاًما على شرفاء هذا الوطن أن يفكروا بجدية ومسئولية , لاستعادة معالم تلك التجربة الوطنية الواعدة , ويضعوا لها المداميك والأركان من القيم الوطنية , والمنهج الفكري , ومرتكزات التنمية الاقتصادية والاجتماعية , لتستعيد ألقها , وتستأنف مسيرة البناء التنموي , ذلك لأن التجربة انطلقت من خصائص المجتمع ومقوماته الاجتماعية والثقافية , والحضارية , وجدير بها أن تطورت لتشمل التعاون الاجتماعي الإنتاجي , والاستهلاكي والسمكي , والحرفي , والخدمي العام , ويجب في هذا اليوم أن نتذكر الشهيد البطل حين رفع من مكانة الدبلوماسية اليمنية في إطار علاقات متكافئة مع دول الجوار, ومع الفضاء العالمي , انطلاقاً من أن اليمنيين في موقع واحد , ومكانٍ مساوٍ لإخوانهم في الوطن العربي , وفي العالم , ولم تقل قيمة الإنسان اليمني , إلا في المراحل التي سقط فيها الخطاب السياسي , والمهنية الدبلوماسية , ليصبح أدنى مما يجب أن يكون عليه , فقد المغتربون اليمنيون محطات فاصلة في تاريخهم السياسي , كانوا أنداداً لأشقائهم في دول الاغتراب على عكس ما نحن فيه اليوم , حيث يعتبروننا بشراً من الدرجة الثالثة أو الرابعة , وليس ذلك بحق فالمجتمع اليمني أصيل , وجذوره التاريخية عميقة , ولكنه لم يجد الفرسان الذين يُعبرون عن شموخه , وكبريائه , وشممه , كما كان في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي عندما لم يرض في تلك المرحلة التاريخية بأقل من الندية والتكافؤ مع أشقائه في الوطن العربي , إذ لم يتفوق عليهم بنضاله وتضحياته وطموحه الذي يعانق السماء , وهنا ينبغي أن نتذكر عظماء اليمن ورواده , وفي الصدارة منهم الشهيدان إبراهيم الحمدي , وسالم ربيع علي , داعياً في ختام حديثه جماهير الشعب اليمني وقواه الحية , وأصحاب الضمير الحي , أن يستلهموا من تلك التجربة لإعادة بناء الوجدان الجمعي لليمن , والانتقال إلى حالة التقدم , والاستقرار , والتنمية.
بغيابه توقفت عجلة التطور في اليمن
الرئيس إبراهيم الحمدي تمتع كما أفاد كل من عرفه بنبل الأخلاق , وبأعلى درجات التواضع والرحمة الإنسانية التي اتسم بها حتى تاريخ استشهاده , فضلاً عن ذكائه وسياسته التي أدهشت العالم , فهذا أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء د. حمود العودي كان حينها في دولة الشهيد إبراهيم الحمدي نائباً لوزير الشئون الاجتماعية والعمل والشباب يقول : أنا شاهد على مرحلة الشهيد إبراهيم الحمدي في شمال الوطن , وسالم رُبيع علي في جنوبه , وفي خلال تلك الفترة رغم قصرها إلا أنها تشكل أكثر النقاط إشراقاً في تاريخ ومسيرة الثورة والجمهورية , لأن إبراهيم الحمدي كان مشروعاً حضارياً متكاملًا لدولة يمنية مدنية متكاملة , فهو لم يكن يعتمد على قبيلة , أو طائفة , أو مذهب , أو منطقة , بقدر ما أنه قد كان هو القاسم المشترك بين كل الناس الطيبين في هذا الوطن شمالاً وجنوباً , وكانت فترة إبراهيم الحمدي هي عبارة عن ثورة في وجه الفساد , والفوضى , والاضطرابات , والعنف الذي يشبه ما نعيشه الآن في هذه اللحظة , حيث كانت المشاريع الصغيرة للقبلية والمناطقية تضرب أطنابها في امتداد الوطن من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه , ولكن إبراهيم الحمدي ومعه كل القوى الوطنية الخيرة من أبناء هذا الوطن , جاء ليحمل مشروع الوطن , وليس للمشاريع الصغيرة وبالتالي فقد استطاع في فترة وجيزة لا تتجاوز الثلاث السنوات أن يحدث تغيراً تاريخياً اجتماعياً , واقتصادياً مدنياً متكاملاً , ومعه كل القوى الوطنية والخيرة في هذا الوطن , ولم يكن العمل التعاوني في الثورة التعاونية الكبرى التي قضت على العزلة الداخلية « الجغرافية» بين اليمنيين لأول مرة في تاريخهم , من خلال تنفيذ عشرات الآلاف من الطرق الجبلية , في أقاصي الريف , وبناء آلاف المدارس ومشاريع المياه والكهرباء , بل إن هذه الثورة التعاونية التي رعاها إبراهيم الحمدي قد غيرت المنظومة الأخلاقية للمجتمع بأسره, فتجسد التعاون , والإخاء , والمودة , والمساهمة , بدلاً من الثأرات والأحقاد , والكراهيات , وتفجر الجهد الشعبي , والإمكانيات الأهلية للناس , في خدمة أنفسهم بأنفسهم , برعاية الدولة لما لم يسبق له مثيل على المستوى الإقليمي , والعربي , والدولي وذلك بشهادة العالم الخارجي قبل القائمين على هذه الثورة التعاونية الكبرى , التي تسببت القوى المتخلفة بعد استشهاده في تصفيتها , ولم يكن استشهاد إبراهيم الحمدي إلا الخطوة الأولى على طريق إخماد المشروع الوطني والمدني بأكمله وليس الحركة التعاونية فقط , كما أن إبراهيم الحمدي في ذكراه التي لم تُنس قد كان مع أخيه ورفيق حياته سالم رُبيع علي يحملان المشروع الوحدوي المدني الحق لمستقبل اليمن , ولم يكن بينهم وبين هذا المشروع والقرار الذي اتخذ فيه إلا أياماً قليلة , أو ساعات كما يعرف الجميع , وكانت أيادِ الغدر التي نالت من إبراهيم الحمدي ومن بعده بفترة سالم رُبيع علي , هي التي أوقفت عجلة التطور لمسيرة الثورة والجمهورية , والبدء بتكريس التشطير , ومؤسسة الفساد , وقبيلة الدولة وهو ما انتهت إليه الأوضاع في المرحلة الراهنة من حالة التشظي , والعنف , والكراهية , التي تكاد أن تودي بالوطن , وما نفتقر إليه اليوم هو إحياء هذا المشروع التاريخي الوطني , في وجه كل المشاريع الصغيرة , والمتخلفة للقبيلة والطائفية والمناطقية , وما النواة الشبابية الحالية إلا إحياء لهذا المشروع والذي سينتصر بإذن الله من خلال التمسك بمخرجات الحوار الوطني والوقوف في وجه كل المشاريع الصغيرة والمتخلفة.
تواضع الرئيس الحمدي عن مقدرة
وفي الجانب الإنساني للشهيد إبراهيم الحمدي الكثير من المواقف المؤثرة , والدالة على نبل أخلاقه وقمة تواضعه حيث يواصل الدكتور حمود العودي متذكراً عصراً افتقده وهو يقول : التقيت بالرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي أكثر من مرة , وكانت أهم لقاءاتنا به في مرحلة تأسيس الحركة التعاونية , وكنت وقتها نائباً لوزير الشئون الاجتماعية والعمل والشباب مع الأستاذ عبد الله الحلالي (رحمه الله) , وأتذكر موقفاً لا أنساه عندما كنت مع أولادي نقضي يوم إجازة في قرية القابل بوادي ظهر , وبينما نحن نتمشى بسيارتنا على طريق ترابي ظهرت فجاءة في الجهة المقابلة لنا من نفس الطريق سيارة في الاتجاه المعاكس , وكانت سيارتي من نوع فوكس واجن صغيرة الحجم والسيارة المقابلة كانت فوكس واجن أيضاً ولضيق الطريق لم يُسمح بمرورنا بسهولة وبدأت أتضايق , واتنرفز , وأصيح لكي يفسح الطريق صاحب تلك السيارة , ولكني فوجئت بعد التدقيق بإبراهيم الحمدي يقود السيارة , ويبتسم بكل هدوء ويطلب العفو , ثم يرجع إلى الخلف لكي نمر , وما كان مني إلا أن ترجلت وصافحته وقلت له اتق الله في نفسك وفي هذا الوطن , وهذا الموقف لن أنساه ولن ينسى الإنسان اليمني ذلك الرجل الذي أحبه شعبٌ كامل , وكرهه الحاسدون لتواضع هذا الرجل الذي لا حدود له ويعرف عنه ذلك الجميع.
الحمدي نور أطفأه أعداء الله
هذا هو الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي من تغنى به المسكين والمسئول والطفل والعجوز إلا أن أصدقاءه وزملاءه ومنهم اللواء محمد علي حسين النهمي سكرتير منظمة المناضلين اليمنيين يتحدثون عنه من واقعهم المعاش معه لحظة بلحظة , يتحدث اللواء النهمي قائلاً : الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي (رحمه الله) كان إنساناً سموحاً امتلك قلباً طيباً , وخدم البلاد بصدق وإخلاص , وكان مستعيناً بالله سبحانه وتعالى في تلك الأيام كانت بلادنا لا تزال تعاني من الخوف وانعدام الأمن , وكان الرئيس الحمدي لا يبالي من تلك الظروف الأمنية , فقد كان يذهب إلى الأسواق وحده بدون حرس , ويذهب يقود سيارته إلى شبام والى ثلاء بنفسه ولحاله , كان (رحمه الله) طموحاً في إيجاد خطة مفيدة للشعب اليمني , ولبناء اليمن لكن أعداء الله غدروا به وأخيه , أثناء ضيافته على الغداء , فكانت آخر حياته هناك وأطفأوا النور الذي كان ينبعث من قلبه لبناء هذه البلاد.
مواقف إنسانية للشهيد الحمدي
متذكراً اللواء محمد النهمي إحدى المهمات التي صادفت أول أيام حصار صنعاء قائلاً : كنت أنا وزميلي آنذاك إبراهيم الحمدي في إحدى المهمات أثناء سفرنا إلى الطويلة , كان ذلك اليوم هو أول أيام حصار السبعين , كنا في مدينة شبام في طريقنا إلى الطويلة , حيث وصلت إليه برقية من المرحوم الفريق حسن العمري يقول فيها « يا ولد إبراهيم عود إلى صنعاء ومعك المقدم محمد النهمي» فأطلعني المقدم الحمدي على البرقية وقلت له استعين بالله وعود إلى صنعاء, وأنا سأواصل المهمة إلى الطويلة , ومن مواقفه الإنسانية التي شهدتها بنفسي , جاءت إليّ امراة عجوز كانت تسكن بجانب الجامع الكبير في سكن تابع للدولة تشتكي بأن هناك من يريد إخراجها منه , فرفعت لها بمذكرة إلى الشهيد إبراهيم الحمدي فتجاوب وأصدر توجيهاته بأن تبقى تلك العجوز في ذلك السكن إلى أن تموت , والحالة الثانية حدث أن زوجة السائق الذي كان بمعيتي أصابها العمى فرفعت بحالتها إليه , فكان منه أن أمر بإسعافها فوراً إلى المملكة العربية السعودية , فالرئيس الشهيد الحمدي كان متجاوباً في فعل الخير والحالات الإنسانية.
شجاعة وقوة إيمان
كانت شخصية الشهيد الحمدي مثالية , لم يكن يعتمد على الحرس كان يمشي وحده , رغم أن التحذيرات كانت تأتيه بأن ينتبه على نفسه من مؤامرات لاغتياله , لكنه لم يكن يعيرها أي اهتمام كانت ثقته بالله وبنفسه كبيرة (رحمة الله عليه) , كنا نقول له هناك كذا وكذا , لكنه لم يكن ينتبه أو يسمع , وكان هناك شخص اسمه حسين القديمي , كان يأتي يقول للشهيد إبراهيم الحمدي : انتبه لابن ملجم يا إبراهيم , أوبه من أحمد الغشمي , لكن الرئيس الحمدي لم يكن يعقل وكان يرد عليه بصدر مطمئن بقوله مالك يا عم حسين , في إشارة بأنه لا يخاف ولا يوجد مما يتخوف منه العم حسين القديمي في شيء.
تحذير لم يسمح القدر بوصوله
مدير مكتب المستشار السياسي لرئيس مجلس القيادة علي عبد القوي الغفاري كان في إحدى الزيارات إلى مكتب الرئيس الحمدي قاصداً تحذيره من مراكز القوى التي تريد الخلاص منه إلا أنه لم يستطع لظروف حالت دون ذلك , إلى غير ما يبثه من جوفه المحب رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية السفير د. علي عبد القوي الغفاري قائلاً : كم أنا حزين جداً أن أتحدث عن رمز كبير وشامخ مثل إبراهيم الحمدي , ذلك الإنسان الذي تجلت فيه صفات القيادة والنبل وحب الوطن وإيمانه الشديد والقوي بيمن حر مستقل يبني نفسه , ويعتمد على إمكانياته وثرواته ويقوم بدوره الحضاري والإنساني بعيداً عن التأثيرات الخارجية , عرفت إبراهيم الحمدي زعيماً متواضعاً جسد معنى المواطن الصالح لذلك الشعب الذي لم يحظ بزعيم غيره حتى اللحظة , بحكم عملي في تلك الأيام لفترة بسيطة عندما تم انتدابي من وزارة الخارجية للعمل مديراً لمكتب المستشار السياسي لرئيس مجلس القيادة حينها الأستاذ والحر والأديب والشاعر محمد عبد الله الفسيل , وبعدها انتدبت من الخارجية وعملت مديراً لمكتب رئيس اللجنة العليا للانتخابات المرحوم القاضي عبد الله أحمد الحجري في الفترة ما بين 75و 76م تعرفت على ابن اليمن الزعيم البار قائد ثورة التصحيح المالي والإداري إبراهيم محمد الحمدي كما التقيت به في مكتبه مرتين أو ثلاثاً وأذكر ذات مرة أنني حاولت أن أحدثه رغم صغر سني وحداثة وظيفتي , فقد رغبت أن أحدثه عن مراكز القوى المحيطة به الذين كانوا السبب في اغتياله بتلك الطريقة البشعة والقذرة , غير أنني بكل أسف في ذلك اليوم لم أحدثه لانشغاله باستقبال عدد من القبائل التي جاءت تناصره في قراراته التي أدت إلى إزاحة عدد كبير من مراكز القوى , كان إبراهيم قريباً من الشعب والشعب قريباً إلى قلبه , ورغم مرور 37 عاماً على اغتياله يوم الحادي عشر من أكتوبر في العام 1977م عندما كان في طريقه إلى عدن لمشاركة شعبنا في الجنوب احتفالاته بذكرى ثورة أكتوبر العظيمة التي نحتفل اليوم بالذكرى ال 51 على قيامها.
البذور الأولى لتحقيق الوحدة اليمنية
موضحاً الدكتور علي الغفاري قائلاً : إن الرئيس الحمدي كان قد التقى عدة مرات بالرئيس الشهيد سالم ربيع علي , وكان أول لقاء وحدوي تم بينهما في مدينة قعطبة يوم 15 فبراير 1977م , والذي كان من نتائجه تشكيل مجلس مشترك بين القيادتين في الشطرين رغم الخطوات والاتفاقيات السابقة التي جاءت بعد اتفاقية القاهرة يوم 28 أكتوبر 1972م , بعد أول نزاع مسلح بين الشطرين وبيان طرابلس الذي تم في 28 نوفمبر 1972م , الذي جاء تتويجاً وتجسيداً لاتفاقية القاهرة , ومن هذا المنطلق الذي تم بين الزعيمين الحمدي وسالمين كان زرع بذور اللقاءات الوحدوية الأولى التي تمت في الأراضي اليمنية , ويظل موقف الشهيد الرئيس سالم ربيع علي مشهوداً له عند اغتيال الحمدي , فقد كان الزعيم الوحيد الذي أصر للمشاركة في تشييع جنازة الشهيد إبراهيم الحمدي , التي لم تشهد سنوات حكمه منذ تولى قيادة البلاد في 13 يونيو 1974م حتى يوم اغتياله في 11 أكتوبر 1977م أية حروب بين الشطرين , مضيفاً بالقول : كان هم الرئيس الحمدي تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وهمه الدائم كيفية إعادة الوحدة بين الشطرين , وهو أحد أهم الأسباب الرئيسة لاغتياله , بالإضافة إلى تكالب مراكز القوى التي أراد أن يحرر الشعب اليمني منها , فقد كان صاحب القرارات التاريخية عندما أنشأ اللجنة العليا للتصحيح المالي والإداري لأجل محاربة الفساد الذي كان قد بدأ يستشري في جسد الدولة , ولذلك تم اغتياله قبل مغادرته إلى عدن للإعلان عن توحيد اليمن قبل سفره بيوم واحد , مشيراً الدكتور علي الغفاري إلى أن خروج الجماهير اليمنية في مسيرات إلى مقبرة الشهداء يوم 11 أكتوبر الحالي , والترحم على الشهيد إبراهيم الحمدي دلالة تاريخية قوية على أن إبراهيم الحمدي يعيش في قلوب اليمنيين المطالبين بمعرفة الجناة , الذين ارتكبوا جريمة اغتيال ذلك الزعيم , الذي لم تجد اليمن بمثله حتى اليوم , مترحماً على الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي , وعلى كل شهداء الوطن في شماله وجنوبه.
القيام بمحاولة قتل الغشمي إنتقاماً للشهيد الحمدي
كما يروي شهادته ابن شقيق الشهيد زيد الكبسي عما سمعه من أهله وأقاربه الذين اطلعوا على تلك الفترة , عن الدور الذي قام به عمه الشهيد زيد الكبسي في محاولة قتل الغشمي انتقاماً لمقتل الشهيد إبراهيم الحمدي قائلاً الشاب محمد يحيى الكبسي : كان الشهيد إبراهيم الحمدي مديراً للكلية الحربية وتعرف على أحد طلابها النوابغ زيد الكبسي , واستمرت الصداقة بينهما حتى صار الحمدي قائداً عاماً لقوات الاحتياط , وعمي زيد إبانها ضابط في قعطبة , ومن ثم في صعدة مناضلا ضد الملكية وأتباعها أيام حرب السبعين وبعد أن صار الحمدي رئيساً للبلاد عين زيد الكبسي قائداً للواء مأرب , واستمر الوفاء حيث كانت هناك محاولات عدة لاغتيال الحمدي وقام زيد الكبسي بإفشالها, وكان ينصح إبراهيم بترك اللئام ويقول له الغشمي لئيم سيقتلك , لكن دونما جدوى, حتى طالته يد الغدر , وبعدها بحوالي أربعة أيام حضر زيد الكبسي أول اجتماع للقادة في مكتب القائد الغشمي , فحاكم الغشمي وفضحه أمام الزملاء , وارتفع الصوت بينهم وقال زيد الكبسي لم تكتف بقتله , ولكن تتطاول وتحاول تدنيس شرف المرحوم الحمدي بتلفيقك لحكاية الفرنسيتين , وأخذ زيد مسدسه وأطلق رصاصة نحو الغشمي لكنها لم تصبه , فأمسك بيده الزملاء , وقام حرس الغشمي بقتله على الفور, وقيل إن الغشمي أبلغ بحضور زيد فأمر بقتله على الفور وهو في البوابة وقتل , الجدير بالذكر أن الغشمي قام بهدم منزل زيد الكبسي قصفا بالدبابة. وأمر بحبس أخيه الأصغر خوفاً من الثأر وأصدر حكماً بإعدامه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.