عميد ركن/ فضل عبدالله الضلعي ذكرنا في مقالاتنا السابقة تاريخ الحرب الناعمة ومراحل تطورها وكيف استغل اعداء الأمة التباينات والانقسامات لحسم المعركة في الحرب النفسية الناعمة وصولاً إلى اعلان انتصارهم في هذه لحرب الفكرية بإقامة أول قداس للصليب في ارض الجزيرة العربية واعلان محمد بن زايد العمل على إنشاء أكبر معبد يهودي في العالم على أرض الجزيرة في دويلة الإمارات. ولكن هذا لم يتحقق في ليلة وضحاها بل كان نتيجة لعمل جبار قام به اعداء الأمة من اليهود والنصارى منذ مئات السنين ولكن الثورة التكنولوجية في مجال وسائل الإعلام سرعت من حسم المعركة فقد سخرت الماسونية والصهيونية العالمية وسائل الإعلام المختلفة لتغيير الفكر والقناعات والاتجاهات وتخريب العقول والنفوس ودفعها إلى الكفر بكل القيم والمبادئ والثوابت الدينية والقومية والوطنية السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية وعملوا على تمزيق النسيج الاجتماعي وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والجهوية والمناطقية وتكريس ثقافة الحقد والكراهية وعدم القبول بالآخر في جميع البلدان العربية والإسلامية وكانت قد مهدت لذلك باستهداف النشء من الأطفال والشباب بدءاً بأفلام كرتون والبرامج الموجهة للأطفال إلى الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تستهدف الشباب كون الشباب هم مستقبل أي أمة ويشكلون النسبة الكبيرة من السكان خاصة في الدول العربية ولذا فقد تم استهداف شريحة الشباب بمختلف الوسائل حتى اوصلوا الشباب إلى حالة من الإحباط النفسي وفقدان الثقة بالنفس والمجتمع نتج عنها تولد الشعور بالدونية تجاه الآخر في كل شيء.. في التفكير في السلوك في الثقافة واصبحت الحياة الغربية بالنسبة للشباب هي التحضر والتقدم والحياة المثالية التي من الواجب على كل بشر الطموح للوصول اليها فأصبح الانفتاح والتقدم والتحضر هو في الانحلال كما يقول أحد الشباب العرب في برنامج على قناة فرنسا 24 وهي أكثر القنوات ترويجاً للإنحلال الاخلاقي والغزو الفكري حيث يقول « إن الشباب العربي أصبح لديه تفكير متحضر ليس كما يعتقده الغرب فلم يعد يهتم إن كانت من سيتزوجها عذراء أم لا !!! المهم هو الحب !!! وهكذا نرى انهم زرعوا في داخلنا مثالية الحياة الغربية بما فيها من شذوذ وانحلال قيمي واخلاقي زرعوا التخلف في نفوسنا والانهزامية حتى وإن حققنا شيئاً فهو من منظورنا لا شيء مقارنة بالشيء نفسه الذي حققه الآخر صرنا نسخر من انفسنا ومن عقولنا ومن تفكيرنا وعاداتنا وتقاليدنا وتاريخنا وحضاراتنا وحاضرنا ونشك في مستقبلنا واصبحنا نلعن مجتمعاتنا ونلعن انفسنا ويلعن بعضنا بعضاً زرعوا اليأس في عقولنا واصبحنا نشك في إمكانياتنا وقدراتنا على الإنتاج والإبداع وحتى التفكير لان تفكيرنا لا يرقى إلى مستوى تفكير الآخرين.. فالعقل اليهودي والروح النصرانية هما الأرقى وهما الأقدر !!! ألا نرى الى أي درجة اوصلونا بحربهم النفسية والفكرية الناعمة..؟؟ بعد أن اوجدوا الأرضية الخصبة التي تجعلنا نتقبل أي شيء يقولون أي شيء يجيء منهم . قاموا بقلب وتغيير المفاهيم والمصطلحات والمبادئ القومية والوطنية فاصبح القومي هو من يعمل ضد القومية والوطني هو المتعاون مع اعداء وطنه والمقاوم ليس من يقاوم الغزاة والمحتلين بل القادم على دباباتهم ليحتلوا وطنه ويقتلون شعبه وتقبلنا قلب الحقائق والمبادئ والمصطلحات وصرنا نردد كالببغاء كل ما يصدر عنهم في غباء مطلق. والآن جاء دور تغيير المفاهيم الدينية فالمسلم الحق هو المتسامح في دينه وعرضه ووطنه وتحت شعار الإخوة الإنسانية بإمكانه ان يظل مسلماً وإن تنصرن وتصهين وتيهود والمؤمن الحق هو التارك للصلاة والصوم المنكر للجهاد والزكاة الطالب للغفران يوم في الأسبوع (الجمعة) أو يوم في الشهر أو السنة أو في المناسبات الدينية ومستقبلاً قد يكون بإمكانه أن يطلب الغفران حتى في الكنيسة فهي بيت من بيوت الله كما يروج البعض العمل جار على انتشارها وقد دشنت ببناء أكثر من أربعين كنيسة في الإمارات قد يقول البعض وماذا في ذلك الا يسمحوا للمسلمين بناء مساجد في وأوربا وأمريكا ؟؟ نعم سمحوا بذلك لأنه جزء من مخطط تجزئة الإسلام وتدميره فبعد أن كان الإسلام في السبعينات والثمانينات ينتشر بشكل كبير ومتسارع في أوروبا وأمريكا سارعت تلك الدول بدعم مالي سعودي إلى انشاء مساجد في مختلف المدن وتعمدوا تسليمها للوهابيين والجميع يعلم إن الفكر الوهابي يشكل رأس الحربة في حربهم الناعمة لتدمير الدين الإسلامي من داخله وقتل الإسلام باسم الإسلام وتحت اعين اجهزة المخابرات الغربية تحولت تلك المساجد في اوروبا وأمريكا إلى أوكار لصناعة الإرهاب وتخريج الإرهابيين والانتحاريين الذين فجروا انفسهم في المدن الأوروبية والامريكية وتصدير المئات منهم إلى الدول العربية والإسلامية وبعد أن ضجت المجتمعات الغربية وانتفضت ضد الإسلام والمسلمين مطالبة تهجير المسلمين من أوروبا واغلاق المساجد, نعم تلك المساجد الوهابية التي قدمت الإسلام المشوه كدين للإرهاب والإرهابيين مهيئة لأجهزة لاستخبارات الماسونية والصهيونية الطريق لتنفيذ مخططها تجزئة الإسلام وبدأت المطالبة بإسلام فرنسي خالص واسلام الماني واسلام هولندي واسلام بريطاني واسلام.. واسلام.. يتماشى مع ثقافة تلك المجتمعات على حد زعمهم. فجاء الإسلام الفرنسي ليجعل من احد المثليين (شاذ جنسياً ) أماماً لأحد اكبر المساجد في فرنسا ليس هذا فحسب بل جاؤوا الى القنوات الاعلامية والتلفزيونية الفرنسية الناطقة بمختلف اللغات الموجهة للعالم الإسلامي ومنها قناة فرنسا 24 الناطقة بالعربية ليبرر شذوذه بل ويفتي بأن القرآن لم يحرم اللواط والسنة النبوية لم تمنع ذلك!!! اليس بعد هذا من احتقار للعقل المسلم والعقيدة الإسلامية وتشكيك في القرآن الكريم؟؟؟ والإسلام الأمريكي جاء بإحدى المبتذلات في التبرج والسفور لتكون إمامه لأحد أكبر المساجد في أمريكا تؤم المصلين في صلات الجمعة والجماعة وروج لها أعلامهم بفيلم مصور عن زيارتها لبيت الله الحرام وادائها لفريضة الحج وهي بكامل سفورها وتبرجها في المسجد الحرام وعلى جبل عرفة ومنى وفي مسجد رسول الله وعند قبره صلى الله عليه وسلم في المدينةالمنورة لأنها مواطنة امريكية لم يتجرأ خائن الحرمين او أحد حجابة من اعتراضها. فالإسلام الغربي الذي يروجون لتعميمه على البلدان الإسلامية جمعاً لا يمانع أن تصوم نهار رمضان وتزني وتشرب الخمر وترتكب المحرمات ليلاً ولا يمانع أن تترك الصلاة وتسرق وتقتل النفس المحرمة وترتكب ما تشاء من المعاصي والمحرمات ثم تجيء إلى المسجد لطلب الغفران والعفو والمغفرة فيغفر لك وتذهب لإرتكاب المحرمات من جديد وتعود لطلب الغفران وهكذا.. كما يفعل اليهود والنصارى الذين حولوا الكنيسة والمعبد بعد تحريف التوراة والانجيل لإداء هذا الدور فقط وهاهم يحاولون استنساخ المسجد ليلحق بالكنيسة والمعبد وتتحقق الأخوة الإنسانية والتسامح الديني. فحذار حذار من حروبهم الناعمة والباردة ورياح سلامهم المدمرة وعلينا بالعمل على احياء وبعث الوعي المجتمعي فبالوعي وحدة نستطيع مواجهتهم .. يجب ان ندير عقولنا بالوعي والوعي فقط هو ما يجب ان يدير عقولنا ويتحكم في تفكيرنا ونظرتنا وتقييمنا ومواقفنا من الآخر.. الوعي الديني والثقافي .. والسياسي- والاجتماعي يجب ان تكون ثورة وعي شاملة.