من هذه الأرض جاء, وإليها عاد ذلك هو فقيد الوطن الغالي وزير الداخلية المرحوم اللواء ركن عبدالحكيم الماوري رحمة الله تغشاه فقد كانت بداية معرفتي به أثناء عملنا معا بالأمن المركزي في بداية التسعينات من القرن الماضي, عرفته حينها شاباً طموحاً يتمتع بحماس الشباب وفراسة الدهاة وشجاعة الأبطال وذا همة عالية متفانياً في خدمة الوطن ويبذل كل غال ورخيص من أجله. ولاشك اننا عندما نتحدث عن الوزير المثالي الذي كان قريباً من منتسبي وزارته ضباطا وأفرادا ويتلمس همومهم فإننا ونحن نتحدث عن اللواء الركن عبدالحكيم الماوري وزير الداخلية رحمة الله تغشاه إنما نتحدث عن قائد كان يتمثل قيم وأخلاق ومبادئ المسيرة القرآنية في حياته اليومية سواء في الوزارة أو خارجها. ولا غرابة في ذلك إذا ما عرفنا أن اللواء عبدالحكيم الماوري كان حريصاً على الاقتداء بسيرة الشهيد المؤسس السيد حسين بدر الدين الحوثي واقتفاء أثره وكذا الاقتداء بمبادئ وأخلاق وقيم قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.. منذ كان الفقيد مديرا لأمن محافظة صعدة قبل تعيينه وزيرا للداخلية حيث كان له مواقف بطولية نادرة, فقد كان يقتحم جدران الموت بحثا عن الشهادة أو النصر في سبيل الوطن إذ كان يقوم بزيارات ميدانية مستمرة لجبهات القتال منذ بداية العدوان السافر والغاشم على بلادنا مثلما كانت له مواقف نضالية مشهودة مع المجاهدين من الجيش واللجان الشعبية مواقف إنسانية وأيضاً مع اسر الشهداء الذين كان يعتبرهم أبناء ولا ينكر ذلك إلا جاحد. لقد عملنا معاً في الوزارة فكان الفقيد يمثل مع اللواء الركن عبدالحكيم الخيواني نائب وزير الداخلية ثنائياً متجانساً إذ كانا يتقاسمان معا هماً واحدا وهو السهر المتواصل والعمل الدؤوب من أجل خدمة هذا الوطن المعطاء برعاية رئيس المجلس السياسي الأعلى الأخ مهدي المشاط. ومن خلال معرفتي بالفقيد عن قرب في الآونة الأخيرة أثناء عملنا في وزارة الداخلية فقد كان اصدق الرجال في الوفاء والصدق لكن هذا العصر- على ما يبدو- عصر رحيل الرجال الأوفياء الصامدين والمخلصين لأوطانهم. وبالرغم من أننا نعلم جيدا ويقينا أن الموت لا ينجو منه احد, وانه ليس بيد أحدنا اختيار مكان وموعد وفاته, إلا أن بيد كل منا أن يكون قريبا من الوطن وأبنائه وقد كنت ايها الرحال عبدالحكيم الماوري أنموذجاً في هذا يحتذى, وإن رحيلك وجع لن يطيب وجرح لن يندمل. صحيح انك رحلت والوطن بكل أبنائه في أمس الحاجة إليك ولأمثالك من القادة النادرين لكنهم راضون بما قدمته لخدمة هذا الوطن في أحلك الظروف وأصعبها. رحلت في أيام مباركة من شهر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في الأيام البيض من شهر شعبان لتقابل الله رب العالمين بقلب أبيض الوجه نقي السريرة، مثلما رحل أيضاً في مثل هذه الأيام من العام الماضي الرئيس الشهيد صالح الصماد, وأنت بالتأكيد ستلتقيه في جنات الخلد, وصدق الشاعر عندما قال: «إن الموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الدرر».. وهكذا اختارك الله بعد الشهيد صالح الصماد بعام واحد وفي شهر واحد فسلام عليكما يوم ولدتما ويوم استشهدتما ويوم تبعثا مع المبعوثين أحياء. وختاماً لا يسعني إلا أن أقول: إن العين لتدمع وان القلب ليحزن وإنا لفراقكما لمحزونون. وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والشرطة