"لماذا يقاتل التحالف والنتيجة محسومة؟! احتار أغلب المحللين العسكريين والسياسيين في العالم، وخطت أقلامهم الكثير من المعطيات، بعد متابعتهم لمشاهد الحرب وخطواتها وفصولها التي أذهلت العقول السليمة متسائلة: ما الذي يدفع التحالف ومن خلفه أمريكا وبريطانيا وغيرهما إلى الاستمرار في الحرب على الشعب اليمني العظيم المسالم الذي فاجأ العالم بصموده واستبساله ومواجهته لعدد كبير من الجبهات العسكرية على امتداد اليمن الكبير، في البر والبحر، أضف إلى ذلك الجبهات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها، والتي تُعد كل واحدة منها جبهة في حد ذاتها. ذهول المتابعين، الذين لم يجدوا تفسيراً لاستمرار الحرب التي اندلعت بدون مبرر منطقي أصلاً، جاء كنتيجة حقيقية لمستها جميع شعوب العالم، الذي مما لا شك فيه أن نتائج الحرب قد خضعت للتحليل من جميع جوانبها، ولكنهم لم يجدوا جواباً يرقى إلى مستوى المنطق والقواعد السليمة لما عرفته الحروب السابقة على مدى التاريخ. المتأمل والباحث عن السبب الرئيسي أو الثانوي لشن هذه الحرب سيصل إلى نتيجة قد لا تتعدى خلاصتها أن هناك التزاماً سعودياً إماراتياً لقوى الاستكبار والهيمنة: أمريكا وبريطانيا واسرائيل، مفاده أنه في حالة فشل التحالف في تحقيق السيطرة واخضاع اليمن بجميع قواه حكومة وشعباً وإعادته إلى بيت الطاعة، وتنفيذ توجيهات المستكبرين فإن دول التحالف تلتزم بعدم إيقاف الحرب مهما كلف ذلك من ثمن، حتى تصدر توجيهات الآمر الناهي الذي خطط وأذن وبارك لشن هذه الحرب العدوانية الظالمة، التي هيأت لها المخابرات الدولية لجعل تحالف العدوان هو الذي يطلب الأذن والمساعدة في شن وتنفيذ هذه الحرب العدوانية على اليمن التي كانت استراتيجيتها قد وضعت على أنها ستكون خاطفة. ورغم علم الدول الراعية لهذا العدوان الحربي الظالم، أن لا قدرة للتحالف على حسم الحرب في المدة التي تم إقرارها مسبقاً، إلا أنهم - على ما يبدو – اشترطوا على التحالف بعدم التوقف مستقبلاً ما لم يتم حسم الحرب وتحقيق الهدف الذي قامت من أجله، ليضمنوا بذلك – وعلى رأسهم امريكا وبريطانيا وفرنسا واسرائيل وآخرين – تحقيق مكاسب كبيرة لم تكن في حسبان سياساتهم الاقتصادية، نتيجة ما جنوه من أموال مبيعات الأسلحة طيلة السنوات الخمس الماضية من الحرب العدوانية، إضافة إلى تمرير مشاريعهم الاستعمارية، خصوصاً صفقة ترمب المشؤومة.. وهو ما يعكس بشاعة دول الاستكبار العالمي وعدم إنسانيتها رغم ما تدعيه من مناصرة للحقوق الإنسانية، والتي في سبيل تحقيق مصالحها تشن وترعى حروب الإبادة الجماعية المنافية للفطرة الإنسانية السليمة.. * * * * * مما لا شك فيه أن أغلب المراقبين والمتابعين والمحللين بجميع توجهاتهم وأيديولوجياتهم وما يمثلونه، لم يعطوا اهتماماً لما ظهر في اليمن من مستجدات، متمثلة في مرحلة - نستطيع أن نصفها – بالثورية التوعوية لثلة من الشباب الثائرين، التي تصدرها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، وتوجت بثورة 21 سبتمبر 2014م بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، رغم متابعتها من اليوم الأول لنشأتها ودراستها وتحليلها لشخصية الشهيد القائد بجميع تفاصيلها.. والتي في المقابل ونتيجة هذه الدراسات والبحوث فطنت دول الهيمنة الشيطانية والاستكبار العالمي لما تمثله هذه الثلة المؤمنة من مخاطر على مصالحها في المنطقة والعالم، فجن جنونها لهذا الظهور الممانع والمقاوم. ومما لا شك فيه ان مقارنة المبادئ التي يمثلها ظهور هؤلاء المؤمنين، مع مبادئ جماعات أخرى، أن دول الهيمنة والاستكبار العالمي قد توصلت إلى نتائج وجود فوارق كبيرة، كون هذه الثلة المؤمنة ناتجة عن عقيدة صحيحة وسليمة خالية من السلبيات ولم تداخلها مصالح شخصية أو مطلب مكسبي مادي أو دنيوي، وأن هدفها هو التحرر من التبعية والوصاية على بلادها وشعبها، خلافاً لما اتصفت به جماعات وحركات ومذاهب أخرى، كان المستكبرون في الأرض لا يرون فيها أي خطر على مصالحهم ومشاريعهم الاستعمارية، ما دفعهم لتقديم الدعم لبعضها وتغذيتها، وعندما يبدر منها أي بادرة تمرد على المستكبرين الذين دعموها وغذوها، كان من السهل القضاء عليها لأنهم قد اخترقوها بقوة وعمق، حتى على مستوى القيادات العليا. ومن هنا تبرز الرغبة الشيطانية لدول الاستكبار العالمي بواسطة أدواتها وتحت اشرافها وتخطيطها ومساهمتها الفعلية في شن الحرب العدوانية على بلادنا وشعبنا اليمني دون مبرر منطقي، وإنما لهدف القضاء على توجه هذه الثلة الصادقة في توجهها المتمسك بحبل الله فقط.. كونها ترفض ولا تقبل بأي شكل من الأشكال الخضوع للهيمنة الاستكبارية الاستعمارية العالمية أو الوصاية من أي كان، حتى لو كانت من دول إسلامية وشقيقة، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية الايرانية.. وهو- مما لاشك فيه- ما توصلت إليه المخابرات الدولية من خلال دراساتها وبحوثها التي تؤكد أن ثورة اليمن الجديدة لا يمكنها القبول بأي تدخل في شؤونها السيادية الوطنية، هذا أولاً.. وثانياً أن هذه الثورة ستفضي إلى أمة تعبد الله وحده ولا تستكين لأي كان غيره. هذا الأمر هو ما دفع سيد المقاومة حسن نصر الله إلى التطرق إليه في أحد خطاباته حيث قال: "أنصار الله لم نصنعهم نحن".. بمعنى لا تعتقدوا أننا نستطيع أن نتوسط أو نملي عليهم ما نشاء وهم غير مقتنعين به.. وهذا القول فاجأ الجميع، ولم يقتنعوا به، مما دفع دول الخليج إلى ارسال العديد من دبلوماسييها ووزرائها إلى جمهورية ايران الاسلامية لنفس الغرض، لكنهم وجدوا نفس الرد، الذي مفاده ان بامكانهم المساعدة في اجراء حوار شامل، وليس لديهم القدرة على أن يكونوا بديلاً عن اليمن وشعبه لأنه ليس لهم يد في صنع تاريخ ثورة اليمنيين هذه.. مؤكدين ان دعمهم الإعلامي والإنساني يأتي كواجب إسلامي إنساني فقط، وعاد وزراؤهم خائبين. ورغم محاولات دول الاستكبار والهيمنة الاستعمارية وحلفائها ان يثبتوا لشعوبهم أن ثورة اليمن جاءت امتداداً لثورة ايران، كي يتجنبوا ضغوط شعوبهم الشديدة.. وعندما تتوقف الحرب وتتكشف الحقائق ويصبح العدوان على شعبنا اليمني وهو المسالم والذي لم يؤذ أحداً من جيرانه أو سواهم على مر التاريخ كارثة ارتكبوها دون مبرر أو وجه حق على شعب أبرز صفاته الرجولة والإيمان والتبعية للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، كونهم أحفاد الأنصار والمهاجرين.. وعندها – فقط - سيدرك كل عربي ومسلم في الدول التي تحالفت أو حايدت أن شعب اليمن المجاهد الصابر تحمل كل تلك الجرائم والحصار والاعتداء وآلاف الأطنان من القنابل والقذائف والمجازر الاجرامية المتوحشة، ليس ليحمي فقط نفسه ووطنه من الغزو أو التسلط، ولكن لينتصر لرسالة السماء من الانهيار والتفكك. وستكون الثورة اليمنية الحديثة هي النواة التي كان ينتظرها كل إنسان حر يسكن على الأرض ويعشق السلام والحب والتعايش، ليترسخ قانون لا إضرار بالبشرية لا معنوياً ولا مادياً لأن هذا يخالف منهج استخلاف الله للإنسان على الأرض، وهو ما أكدته جميع الكتب السماوية، وحينها سيتجلى واضحاً ما أكده القرآن في قول الله سبحانه وتعالى: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجلعهم الوارثين".