قرب سوق الخضار في مدينة الزرقاء الأردنية وفي وضح النهار حصل المشهد التالي.. سيدة في الخمسين من عمرها تقترب من بسطة خضار لاقتناء حبات من الطماطم وخلال لحظات ظهرت علي معصمها ملامح (اسورة ذهبية) وبمجرد لمعة بريق القطعة الذهبية توجه شابان ليد السيدة وحاولا انتزاع السوار الذهبي عنوة ففعلا بعد ان تمزقت يد السيدة في حادث كان يمكن ان يروي علي أساس انه (نادر الوقوع) في الأردن، فالفقراء في المدن الفقيرة لا يسرقون بالعادة بعضهم بعضها. المعادلة الآن في هذا البلد الخالي من الموارد والذي ترك ليواجه تساؤلات في الفضاء السياسي والاقتصادي غريبة نوعا ما هذه الأيام فالمدن تشهد حوادث غريبة لم تكن مألوفة في الماضي بسبب موجة حادة جدا من ارتفاع الأسعار لم يشهد الأردني لها مثيلا. حادثة أخري غريبة تابعتها الصحافة المحلية باهتمام في منطقة نائية وصحراوية فوجئ المواطنون ببئر مهجورة يخرج منها النفط وخلال ساعات كانت شائعة النفط تنتشر في كل مكان فيحمل الأهالي ما يستطيعون لتعبئة ما تيسر من كميات نفطية قبل حضور شرطة البادية للمكان والسيطرة علي الموقف. وفي حادثة ثالثة دفع مواطنان فيما يبدو حياتيهما ثمنا لمحاولة العبث والسرقة في مكب النفايات المركزي في الأردن والواقع في منطقة الغباوي شرقي البلاد، وحسب الافادة الرسمية كان لصا النفايات يحاولان سرقة مقتنيات تعود للبلدية قبل هروبهما المريب من دورية شرطة وتسببهما بحالة ارباك وخطر في الشوارع ثم انقلاب سيارتهما واكتشاف اصابات بالرصاص عليهما. والأردنيون في الماضي لم يكن يدور بخلدهم ان يسرقوا مقر نفايات مركزياً وضخماً، فالمقر لا يوجد فيه بالواقع سوي نفايات العاصمة ومعدات وخردة تابعة للبلدية لا يمكن سرقتها. وطرائف الفقراء بعد موجة غلاء الأسعار لم تقف عند هذه الحدود، فمراكز الأمن تتابع يوميا بقلق تزايد حالات السرقة الصغيرة علي غرار أحذية في مسجد وحبل غسيل ومكنسة من بوابة البيت وكميات حديد واسمنت من ورش عمل. وتوسعت بشكل مقلق سرقات اسطوانات الغاز التي ارتفع سعرها وأصبحت عبارة عن هدية قيمة، والأردنيات في البيوت الآن يربطن جرار الغاز بسلاسل حديدية، وفي مناطق في الأرياف والضواحي سرقت أعمدة حديد وشبابيك وأحيانا أقواس اسمنتية من بيوت قيد الانشاء. وبنفس الوقت تزايدت وعلي نطاق واسع ظاهرة الأطفال اللقطاء الذين يرمي بهم اهلهم في الشوارع والأزقة حيث تم تسجيل تسع حالات من هذا النوع خلال الأشهر الخمسة الماضية فقط وآخرها سجلت أمس الأول في مستشفي البشير الحكومي حيث أدخلت خادمة فيلبينية بعد ان وضعت مولودها من مجهول وبعد ان ولدته علي أرضية الحمام في منزل مخدومها. وتطورت ايضا بعض أساليب التسول بالقياس الي عبوات المحروقات التي أصبحت عنوانا للأزمة التسعيرية التي قلبت حياة كثير من الأردنيين الي جحيم مالي واقتصادي، فأحدث أساليب التسول الآن يتمثل في وضع عبوة فارغة مخصصة للكاز او السولار بالقرب من طفل نائم علي قارعة الطريق او حمل عبوة فارغة والتجول بها بين الرواد في احدي المقاهي للدلالة علي الفقر الشديد او للمطالبة بالمساعدة في تعبئة (غالون المحروقات) كمؤشر علي شعور المتسول وعائلته بالبرد. ومنذ قررت الحكومة فرض التسعيرة الجديدة ووقف الدعم الكلي عن السلع والخدمات وارتبكت الأسواق تحفل الصحافة المحلية والالكترونية تحديدا بحوادث اجرامية خاصة تؤشر علي تزايد الانحرافات بعد ارتفاع تكاليف المعيشة سواء تعلق الأمر بعودة ظاهرة السطو علي الصيدليات او علي مكاتب البريد او سرقة ما يمكن سرقته. وزادت علي التجار بعد الأزمة الأخيرة تكلفة الاحتياط الأمني حرصا علي تجنب سرقة محلاتهم وانتعشت تجارة الأنظمة الأمنية خصوصا في محلات الخلويات والذهب والتجار حيث تحصل حاليا سرقات لكل ولأي شيء.