تشكل مدفأة الكاز عنصراً هاماً بفصل الشتاء في البيت الأردني منذ عقود، حيث برودة الطقس وموجات الصقيع وتساقط الثلوج، ولكن مع ارتفاع أسعار المحروقات بات معظم الأردنيين مستعدين للتخلي عن مدافئ الكاز حيث أصبح مصروفها كالسيارة حسب وصف البعض. "سيارة تسير داخل المنزل" هكذا وصف محمد عبد الفتاح مدفأة الكاز ما يظهر الفرق الذي لا يذكر بين سعر صفيحة البنزين البالغ 11.5 ديناراً (16.22 دولارا) وصفيحة الكاز الذي يبلغ 11.10 ديناراً ( 15.65 دولاراً). وقفزت أسعار الكاز والسولار -الأكثر استخداما في تدفئة البيوت- في السنوات الست الأخيرة تصاعدياً لترتفع بنسبة 265% منذ العام 2002م.. وبات المواطنون بجميع مستوياتهم يتقنون حديث الأرقام، فقد قالت المواطنة "خديجة نمر" للجزيرة نت: إنها كانت تشتري كازاً وغازاً لغايات التدفئة بقيمة (25 ديناراً شهرياً)، أما اليوم فإنها ستضطر لشراء الكمية نفسها بسعر (60 دينارا)، وتعلق بالقول: الأفضل أن نموت من البرد لأن الأوضاع الحالية تحكم على الفقير إما بالموت أو العيش بحرمان من الأمور الأساسية". وأدت قرارات الحكومة الأردنية لتحرير سوق المحروقات لارتفاع أسعار الكاز والسولار بنسبة 76%، فيما ارتفع سعر أسطوانة الغاز بنسبة 53%، وتنتظر أسعار الغاز موجة جديدة من الرفع مطلع أبريل/ نيسان المقبل مع تحرير أسعارها تحريراً كاملاً.. وأسهمت موجات الصقيع والثلوج وهبوط درجات الحرارة في الشهرين الماضيين في زيادة اعتماد المواطنين على مدافئ الكاز، ولكن موجة رفع الأسعار الأخيرة دفعت بعائلات عديدة لتقنين ساعات تشغيل هذه المدافئ. وأكد رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات أن مدافئ الكاز "تشكل آخر معاقل الفقراء للتدفئة"، وهذا المعقل "بات مهددا". وقال عبيدات للجزيرة نت: إن عائلات كثيرة كانت تشغل أكثر من مدفأة في اليوم الواحد -لوجود طلاب يدرسون في أكثر من غرفة بالبيت وغير ذلك- لجأت مؤخراً لتشغيل مدفأة واحدة فقط في المنزل. وكشف عبيدات عن دراسة أعدتها جمعية حماية المستهلك وأظهرت أن الزيادة الأخيرة على أسعار المحروقات أدت لارتفاع أعباء فاتورة الكاز على العائلة الواحدة بقيمة 32 ديناراً (45 دولاراً). وأشار إلى أن عدم توفر البدائل يجعل خيارات العائلات لتوفير التدفئة في الشتاء البارد أمراً في غاية الصعوبة، خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز، والتحذير الحكومي من اللجوء لقطع الأشجار لاستعمالها في مدافئ الحطب، واقتراب رفع أسعار الكهرباء ما يعني أن بدائل مدافئ الكاز تبدو "مستحيلة". وأوضح عبيدات أن الدراسة أكدت أن الزيادة التي أقرتها الحكومة لمن تقل رواتبهم عن 300 دينار والبالغة 50 ديناراً (70 دولاراً) تغطي قيمة الرفع على أسعار المحروقات باستثناء استعمال السيارات الخاصة لهذه الفئة، حيث تبلغ تكلفة استعمال السيارة الخاصة شهرياً من 80 إلى 100 دينار. كما أعلن وزير المياه أن ارتفاع الكهرباء سيؤدي لرفع أسعار المياه، فيما دفع ارتفاع أسعار مشتقات الألبان بنسبة 10% بجمعية حماية المستهلك لدعوة المواطنين لمقاطعة الألبان ودعوة ربات البيوت لتصنيعها منزلياً.