ليست الصورة التي تداولها ناشطون من قلب كريتر مساء الأمس مجرد لقطة لمدينة غارقة في الظلام، بل هي شهادة بصرية على حجم القهر والعذاب الذي يعيشه سكان العاصمة عدن منذ أسابيع، مع انقطاع الكهرباء لأيام متواصلة، وحرٍ خانقٍ يفتك بالصغار والشيوخ والمرضى. في المدينة التي كانت منارة الجنوب وواجهة حضارته، بات الليل أكثر قسوة من الحرب. الشوارع تغيب عنها الحياة، والبيوت تتحول إلى أفران مغلقة، فيما يكتفي المسؤولون بالصمت أو الوعود التي لم تعد تُطفئ غضباً ولا تُشعل مصباحاً.
توقفت محطات التوليد واحدة تلو الأخرى بعد نفاد الوقود، ومعها توقفت أنفاس الناس الذين يفتشون عن بصيص ضوء أو نسمة هواء. المولدات الخاصة صارت ملاذاً للأغنياء فقط، بينما يكتفي الفقراء بالتحديق في العتمة التي غزت مدينتهم.
يقول ناشطون إن الصورة التي خرجت من كريتر لم تكن مجرد مشهد فني، بل "صرخة وجع" تختصر حال عدن كلها؛ مدينة أنهكتها الوعود، وخذلتها الحكومات المتعاقبة، حتى صار الظلام هو الحاكم الوحيد فيها، والنور حلمًا مؤجلاً في وطن يتلاشى على إيقاع انقطاع الكهرباء.