قال أستاذ القانون الدولي في جامعة محمد الخامس بالمغرب العربي البروفيسور "توفيق جازوليت"، إن مفهوم "استعادة الدولة" في السياق الجنوبي لا يعني نموذجًا واحدًا أو شكلًا محددًا للدولة، بل هو مفهوم شمولي يمكن أن يتخذ عدة صيغ بحسب الظروف السياسية الداخلية والإقليمية وموازين القوى والتوافق الجنوبي ذاته. وأوضح البروفيسور "جازوليت" في دراسة فكرية اطّلع عليها محرر "شبوة برس"، أن استعادة الدولة كمبدأ هو المطلب المشروع الذي يجمع معظم المكونات الجنوبية، غير أن الخلاف يكمن في الشكل والآلية والزمن. مشيرًا إلى أن هناك ثلاث سيناريوهات رئيسية أمام الجنوبيين، تتراوح بين الاستقلال الكامل، والكونفدرالية، والفيدرالية الثنائية أو المتعددة الأقاليم.
وبيّن أن خيار الاستقلال الكامل، أي العودة إلى ما قبل وحدة 1990م، يتطلب اعترافًا دوليًا وتوافقًا إقليميًا، إلى جانب بناء مؤسسات مستقرة ومستقلة، فيما يطرح خيار الكونفدرالية نموذجًا يقوم على شراكة محدودة في مجالات مثل الدفاع والاقتصاد والعلاقات الخارجية، لكنه يحتاج إلى تفاهم سياسي عميق وضمانات دولية. أما الفيدرالية الثنائية أو المتعددة الأقاليم، فهي دولة موحدة شكليًا ذات حكم ذاتي واسع للجنوب، وتعد خيارًا انتقاليًا يحظى بقبول دولي أكبر، وإن كان لا يرضي المجلس الانتقالي الجنوبي المتمسك بالاستقلال الكامل.
وأكد جازوليت أن الواقع السياسي والجيوسياسي المعقد للجنوب يفرض على الجنوبيين الاتفاق على الحق في استعادة الدولة، وترك تحديد الصيغة للمرحلة التفاوضية القادمة، وفقًا للتوازنات المحلية والدولية. معتبرًا أن هذه المرونة تمنح الجنوب قوة تفاوضية وتُظهره كطرف واقعي ومسؤول في الساحة السياسية.
وختم أستاذ القانون الدولي بالقول إن التوافق الكامل على رؤية واحدة أمر مستحيل، حتى داخل المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن التوافق الواقعي ممكن ومطلوب. لافتًا إلى أن المجلس الانتقالي سيظل حجر الزاوية في أي مشروع جنوبي قادم، لكنه لن ينجح في قيادة الجنوب إلا إذا تحول من قائدٍ لفصيل إلى قائدٍ لمشروع جامع.