كتب: المحرر السياسي.. تاج عدن تحتشد الجموع الغفيرة التي زحفت من مختلف مدن وأرجاء الجنوب العربي المحتل بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسون لثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة التي تأتي في ظل متغيرات اقليمية ودولية كبيرة عكست نفسها بشكل مباشر على الأوضاع السياسية والاقتصادية للجمهورية العربية اليمنية وعلى الساحة النضالية في الجنوبي العربي على حد سواء. تقام هذه الفعالية السياسية الهامة في عاصمة دولة الجنوب العربي عدن وشعب الجنوب يتأهب لاستكمال مشواره الكفاحي من اجل تحرير الارض من ربقة الاحتلال اليمني العسكري القبلي المتخلف وبناء دولته المدنية الحديثة في ظل اجواء محلية وإقليمية تساعد على تحقيق هذا الحلم الشرعي النبيل. لقد بدأ شعبنا في الجنوب العربي خوض غمار النضال والمقاومة منذ ان بدأت خيوط المؤامرة تسنج في مايو 1990م وعبر على مدى اربعة وعشرون عاما بمختلف الطرق والأشكال عن مقاومته ورفضه لكل ما يجري من عبث وتخريب استهدف وجود وهوية شعب الجنوب العربي واليوم المعركة على اشدها حيث ان تلك القوى مازالت تتربص بالثورة وتحاول جاهدة احتوائها واجهاض حلم عودة الجنوب العربي المستقل لإدراكها بان شعب الجنوب قد لفظها وان كل مشاريعها قد باءت بالفشل. لقد رفعنا شعار التصالح والتسامح مع مآسي وخلافات وصراعات الماضي ليس مجرد تكتيكا مرحليا بل هو ضرورة لابد منه لإعادة اللحمة الوطنية وترميم النسيج الاجتماعي الجنوبي الذي تم تفتيته بشكل منظم وممنهج على مدار نصف قرن وهذا لا يجعلنا نقبل بمن يعملون على مزج الحق بالباطل وخلط الأوراق في محاولة لركوب الثورة واحتوائها بالطريقة اياها التي احتوت بها ثورة شباب التغيير في اليمن الشقيق. وهنا نؤد التأكيد على تمسكنا بالتصالح والتسامح كنهج لا رجعة عنه يقودنا الى جنوب خالي من كل أشكال الثأر السياسي والقمع لكن هذا لا يعني اننا نسمح لمن يحاولون المتاجرة بهوية شعب الجنوب ومستقبله وحريته فتلك خطوط حمراء لا تقبل المساومة ولابد ان يقود الثورة شبابها المخلصين فلا مكان لأولئك المرتبطة مصالحهم بسلطات الاحتلال من حلفاء حزب الإرهاب والتكفير المسمى خطأ بالإصلاح ولا مكان لمن امتهنوا المتاجرة بدماء الشهداء وبهوية وكرامة ومستقبل الوطن فهم اشد خطرا على الثورة وعلى التصالح والتسامح الجنوبي بدرجة اولى. في الوقت الذي انتقلت فيه قضية شعبنا في الجنوب العربي المحتل من قضية تحاول سلطات الاحتلال والكثير من العرب اختزالها بمطالب حقوقية بسيطة الى قضية شعب ووطن ودولة مستقلة احتلت مساحة كبيرة في وعي الكثيرين بل ان المعطيات السياسية والجغرافية في الجمهورية العربية اليمنية وفي المنطقة العربية جعلت من خيار بناء دولة الجنوب المستقلة هو الحل المنطقي لوقف التداعيات الخطيرة التي تجري في اليمن والتي ستلقي بظلالها على دول الخليج والجزيرة العربية والمصالح الدولية الهامة في المنطقة. وهنا فإن ندعو شعبنا وثورا الجنوب العربي الى التيقظ والحذر فالمؤامرات لن تنته والمخططات مازالت مستمرة وستظل كذلك في محاولة للالتفاف على الثورة ووأدها بعد أن باءت كل المحاولات الأمنية والعسكرية بالفشل الذريع. ان المسيرة المليونية الحالية في العاصمة عدن يجب ان تكون نقطة تحول نوعية سياسية حاسمة تؤسس لعمل شعبي ووطني ينتقل بالثورة من ساحة الميادين الى ساحات الحوارات في اروقة المؤسسات الإقليمية الدولية وهذا لن يكتب له النجاح الا اذا تمسكنا جميعا بالثوابت الوطنية التي اجمعنا عليها خلال السنوات المنصرمة واهمها عدم اختزال إرادة شعب الجنوب بمجموعة افراد او حزب او شخصية مهما كانت كما ان المساومات والحلول المنقوصة هدفها منح سلطات الاحتلال فرصة التقاط انفاس سلطات الاحتلال وكسب مزيد من الوقت لضرب الثورة من داخلها عبر شراء الذمم الرخيصة بالأموال وعبر التصفية الجسدية للمناضلين كما عايشنا ذلك خلال الأعوام الثلاثة الماضية. اننا نتطلع جميعا ان تكون هذه المليونية هي البداية الجادة لتأسيس السلطات الشعبية الجنوبية التي تنطلق من عدن نحو كل مناطق الجنوب الأخرى لملء الفراغ وفرض الأمر الواقع بما يدعم الثورة في حوارها المزمع إجراءه مع نظام الاحتلال وتحت اشراف اقليمي ودولي حتى نقطع ايضا الطريق امام اولئك الذين تنتدبهم صنعاء ليكون ممثلين ومتحدثين باسم الحراك الجنوبي تارة بمرشح الحراك وتارة أخرى بممثل الحراك والحراك منهم جميعا براء. إن العمل الغير منظم والقائم على العواطف الذي لا يفرق بين الثوار واعداء الثورة هو عمل دائما ما يقود الثورات الى حتفها فبقدر ما نفتح قلوبنا لكل جنوبي يعلن التوبة ويكف عن أي ممارسات تضر بالوطن ومصالحه العليا فإننا ندعو لمزيد من الحزم وفضح المؤامرات والمشاريع الممولة من سلطات الاحتلال ورفضها والتصدي لها حتى لا تصبح الثورة مجرد مسيرات تمهد للمتاجرين ركوب الموجة وضرب الثورة من داخلها. مثلما انطلقنا في التجمع الديمقراطي الجنوبي "تاج" في عملنا النضالي قبل عشر سنوات ونيف متلاحمين مع جماهير شعبنا جنبا الى جنب نجدد لهم العهد والوعد حتى يتحقق النصر المبين.