تقول الكاتبة السعودية بلقيس الملحم: في المدرسة علمونا بأن الذي لا يصلي جماعه في المسجد فهو منافق أبي كان واحد منهم. وبأن شارب الدخان فاسق أخي محمد كان واحدا منهم. وبأن المسبل لثوبه اقتطع لنفسه قطعه من نار أخي طارق كان واحدا منهم. وبأن وجه أمي الجميل فتنه لكن لا أحد يشبه أمي. وبأن اختي مريم التي تطرب لعبدالحليم: مصبوب الحديد المذاب في اذنها لا محاله لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضا تحبه فهل ستحشر معه؟ أظنهم سيحكمون بذلك. وبأن جامعتي المختلطة وكرا للدعارة رغم أنها علمتني أشرف مهنه و هي الطب. وبأني أنا الساكته عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شريكة في الاثم والعقاب. وبأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها صديقة سوء. وبأن جارتنا المسيحيه نجسه، وزميلتي الشيعيه: أكثر خبثا من اليهود. و بأن خالي المثقف علماني. لكني اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم، كان يقبلني كل ليله قبل أن أنام، ويترك لي مبلغا من المال كلما سافر من أجل عمله. أخي محمد، وطارق كانا أيضا أكبر مما تصورته عنهما محمد يرأس جمعية خيرية في إحدى جامعات استراليا، وطارق يعمل متطوعا في مركز أيتام المدينه كمدرب للكارتيه. أما أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي حرمت نفسها الزواج من أجلنا. أمي يكفي أنها تلتحف التراب وأبي راض عنها. جامعتي المختلطه كونت لي أسره سعيده بزواجي من رئيس قسم الجراحه، ومن خلالها ربيت أطفاله الثلاثه بعد فقد والدتهم. أما كيف اقضي وقت فراغي؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي، لقد تعلمنا سويا كيف نغزل الكنزات الصوفيه، وندهن العلب الفارغه لبيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجه. أختي مريم أيضا كانت تدير هذا البزار السنوي. ماذا عن جارتي المسيحية؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقه. يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني وأخوتي بعد ان أصيبت هي ببعض الحروق. زميلتي الشيعيه، هي من أسعفتني أثناء رحله لحديقة الحيوانات، يومها سقطت في بركه قذره للبط. فلحقت بي و كُسرت ذراعها في الوحل من أجلي. عمي، هو من بنى مسجدا و سماه باسم جدتي. وأنا لا أزال أسأل : لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين؟