يقول أحد المفكرين: "لدى البرازيل هوس في كرة القدم ولدى العالم هوس في كرة القدم البرازيلية". لذلك ربما يأبى نجوم اللعبة في بلاد بيليه التنازل بسهولة عن عروشهم، يعودون إلى ملاعب الطفولة باحثين عن مجدٍ جديدٍ، رغم أن مسابقاتهم المحلية ليست وازنةً كمثيلاتها في أوروبا إلا أن للعب تحت الشمس البرازيلية سحرٌ خاص وبريق جذاب. سحرٌ أعاد عدداً من النجوم في هجرة معاكسة نحو ملاعب السامبا، لكن أين هؤلاء النجوم الكبار اليوم؟، أين هم من رنين أسمائهم الذي ملأ ملاعب أوروبا وصحفها ذات يوم؟ هل وجدوا ضالتهم في البلاد التي أرسلتهم مهاجرين تدور حولهم عيون الكشّافين وخطافي المواهب. أدريانو... "إمبراطور بلا عرش" بعد عشر سنوات قضاها في إيطاليا عاد أدريانو (32 عاماً) في آذار/ مارس عام 2011 إلى بلاده للعب مع كورينثيانز، لكن اللاعب المُلقب ب"الإمبراطور" لم يرتدِ قميص فريقه الجديد حتى تشرين الأول/ أكتوبر بسبب الإصابة. وبعد مضي عام فسخ كورينثيانز تعاقده مع اللاعب العملاق بسبب قلة الالتزام، ليعود بعدها لاعب روما السابق إلى ناديه الأم فلامينغو. أحضان فلامينغو لم تكن حنونة مع ابنها العائد، فلا اللاعب كان منتظماً في تمارين ناديه ولا النادي مدَّ له يد العون، فخرج أدريانو باحثاً عن أمل جديد...ولكن دون جدوى. في شباط/ فبراير من العام الحالي قرّر هداف كوبا أميركا 2004 العودة إلى الملاعب فوقع عقداً مع أتلتيكو باراناينسي، وذلك بعد 23 شهراً من التوقف عن اللعب. لاعب روما وإنتر السابق وفي ثاني ظهور له مع فريقه الجديد في مباراته ضد فيليز سارسفيلد الأرجنتيني في كأس ليبارتدوريس افتعل المشاكل حين اختلف مع مدربه ميغيل بورتغال لأن الأخير لم يأذن له باللعب أكثر من سبع دقائق جاءت بعد أن حسم الفريق الأرجنتيني المباراة بتسجيل الهدف الثاني قبل نزول أدريانو بدقائق معدودة. البطة "عديم الفائدة" يختلف الوضع نسبياً عند الحديث عن ألكسندر باتو (24 عاماً) فالأخير لم يغادر مجد القارة الأوروبية حتى مطلع عام 2013 عندما قرر ميلان الإيطالي فضَّ التعاقد معه بعد نحو 5 سنوات ونيف قضاها ابن مدينة ساو باولو في ال"روسنيري". ولعلَّ أحد أهم أسباب رحيل باتو عن ميلان إصاباته العضلية المتكررة، التي أجبرته على الراحة في 11 مناسبة خلال السنتين الأخيرتين له في سان سيرو، ما حذا به إلى العودة لبلاده وتحديداً إلى نادي كورينثاينز ليبدأ هناك صفحة جديدة من حياته الكروية. وعلى الرغم من نجاحه الفردي بتسجيل 17 هدفاً في 57 مباراة مع كورينثاينز إلا أن صفة عديم الفائدة لازمته في الأشهر الأخيرة من عقده، ليقرر اللاعب المُلقب بال"بطة" الرحيل إلى ساوباولو معاراً لمدة عامين وسط هجوم شديد من ناديه السابق. قبل أن يظهر باتو إمكانياته التي وَعَدَ بها، هاجم مشجعو ساوباولو لاعبهم الجديد والسبب هو ذاته الذي خرج به من كورينثاينز... "عديم الفائدة"، ليوحد باتو جمهور الغريمين التقليدين في حدث نادر. الأب وابنه بعد مسيرةٍ دامت نحو عشرين عاماً تنقل فيها ريفالدو بين 14 نادياً على رقعة جغرافية شملت 4 قارات حط أسطورة نادي برشلونة رحاله في ناديه الصغير موجى ميريم لاعباً ورئيساً للنادي. ثلاث مشاركات فقط لريفالدو (41 عاماً) مع ناديه الجديد منذ نهاية عام 2013 وحتى اليوم أظهر فيهم "اللاعب العجوز" تمسكاً شديداً بالمستديرة، ولكن من بين هذه المشاركات القلائل، كانت الدقائق الأخيرة التي لعب فيها ريفالدو بجانب ابنه ريفالدينيو البالغ من العمر 18 عاماً في مباراة فريقهما مع دي بيراسيكابا في الدوري البرازيلي. ثبات فابيانو تعتبر عودة لويس فابيانو (33 عاماً) من أنجح الهجرات المعاكسة لطيور الكناري، فنجم إشبيليه السابق تخلى عن ناديه الإسباني عام 2011 في زهوة عطائه بعد 6 مواسم قضاها اللاعب في الأندلس ليعود لساوباولو الذي مثّله مطلع شبابه (2001، 2004). لم تتعرض مسيرة فابيانو للاضطراب في البرازيل فهو منذ التحاقه بفريقه السابق عام 2011 يلعب بانتظام ويسجل الأهداف بغزارة، وباستثناء الإصابة التي تعرض لها مطلع عام 2013 كانت مشاركته أساسياً في ساوباولو أمراً اعتيادياً. أحرز فابيانو بطولة كوبا سود أميركانا مع ناديه البرازيلي وكان له سجل ناصع البياض في السنوات الثلاث الماضية إذ زار الشباك 46 مرةً في 85 مباراة لعبها مع الأبيض. ساحر ..عاشق ينطبق الكلام السابق من حيث الانتظام على مسيرة لاعب كان اسمه يهز جنبات أعظم ملاعب أوروبا، رونالدينيو (33 عاماً). الساحر الذي عاد من ظلال ميلان الإيطالي عام 2010، لعب لفلامينغو عامي 2011 و2012 وكان عنصراً بارزاً في نادي الأسطورة زيكو، ولكن نوره عاد للسطوع بشكل أكبر مع أتلتيكو مينيرو إذ قاد الأخير للفوز بكأس ليبارتدوريس عام 2013 للمرة الأولى في تاريخه. وعلى الصعيد الفردي فاز رونالدينيو بجائزة الكرة الذهبية البرازيلية لأدائه في مباريات الدوري مع ناديه الجديد في عام 2012، كما نال لقب أفضل لاعب في قارة أميركا الجنوبية لعام 2013. يجمع هؤلاء اللاعبين تمسكهم الشديد بالبقاء ضمن دائرة الضوء بعد أن خَبِروا الأنوار الساطعة في مكان آخر من العالم، كما يحدوهم الأمل جميعاً ولو بنسب متفاوتة إلى إيجاد رسالة مضيئة في بريدهم موقعة من لويس فيلبي سكولاري.