كاريكاتير نشر في صحيفة العرب، تفاعلا مع التمدد الحوثي في اليمن وما مثله من تطاول على الدولة. الكاريكاتير قال ما مفاده إن الحراك الحوثي هو امتداد لليد الإيرانية الطولى في المنطقة عموما، وفي اليمن على وجه التحديد. الرسم، وهو للفنان التشكيلي السوري ياسر أحمد، يبرز وجها إيرانيا يزعق في بوق عبارة عن وجه الحوثي. تداول نشطاء المواقع الاجتماعية اليمنية والخليجية والعربية هذا الرسم بكثافة، ما أزعج الحوثيين، حسب ما أوردت بعض المواقع اليمنية.
الصلة بين الرسم الساخر (كدأب فن الكاريكاتير) والحدث اليمني واضحة. إذ أبرز الرسام اليد الإيرانية في اليمن، كما في غيرها من الأقطار العربية، حيث “أنصار الله” أداة تنفيذ لل“الإرادة” الإيرانية.
الصورة اتخذت البوق دالاّ على تنظيم أنصار الله مدلولا، والعلاقة بين الدال والمدلول في الحقل اليمني (خاصة في الفترة الأخيرة) ليست اعتباطية كما رأت الدراسات الألسنية، بل هي أقرب لإجماع كل المتابعات والقراءات السياسية. كاريكاتير ياسر أحمد نشر في صحيفة "العرب" بتاريخ 8 أكتوبر 2014 هل تحتاج تحركات أنصار الله الأخيرة أدلة وقرائن لتبين الرائحة الإيرانية؟ هل أن اليمن خاصة في نسخة ما بعد الثورة (والكلام ينسحب على ما قبلها) بثورتها التي تم تزويرها (من قبل إخوان اليمن) ثم الزيغ بها نحو اتجاهات طائفية قبلية استغلت تربة يمنية مؤهلة، خلتْ يوما من العبث الإيراني؟ أليست اليمن، في المتصور الإيراني، ليست أكثر من مربع في رقعة شطرنج، وتبعا لذلك أليس تنظيم “أنصار الله” مجرد بيادق تتحرك في تلك الرقعة؟
لم الغضب الحوثي من لوحة حاكت الواقع السياسي وحولته -سخرية مرة- إلى بوق ونافخ في البوق؟ هل بوسع الحوثي (في صيغة الجمع غير المعيّن) أن ينفي صلة التنظيم والجماعة بإيران ومرشدها؟ ألا تستلهم الجماعة كلّ أدبياتها وسردياتها من المعين الإيراني الإسلامي العازف على الوتر الطائفي؟
هل كانت التحركات الحوثية الأخيرة في اليمن، تعبيرا عن مطالب وطنية واقتصادية واجتماعية، أم أنها انطلقت وعلت أصواتها من بواعث دينية ومذهبية وطائفية ومناطقية (حتى وإن ارتدت شعارات من قبيل المطالبة بإلغاء رفع أسعار المحروقات)؟
الاحتفاء اليمني بالكاريكاتير (أشرنا إلى أنه تم تداوله بكثافة لافتة في المواقع الاجتماعية اليمنية)، والحنق الحوثي من العمل الفني ذاته، كلها مؤشرات تحيل إلى أن العمل توفق في وضع الإصبع على الداء، واختصر المشهد السياسي برمته في بوق ونافخ على البوق، ولعل الانزعاج الحوثي لا يعبر إلا عن كونه ضربا من ضروب رفض الحقيقة.
الحقيقة هي أن “إيران - الثورة الإسلامية” تولج يدها، (وتعترف بذلك على لسان قادتها حيث قال مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، علي أكبر ولايتي، قال إن نفوذ بلاده يمتد من اليمن إلى لبنان، مرورا بسوريا والعراق) في أغلب أقطار المنطقة العربية الإسلامية، وتركز على كل قطر يضم حضورا شيعيا أيا كان حجمه، لتحوّل “تمثيلها” لشيعة العالم إلى صنوف من التدخل في شؤون الدول والسيادات.
ولعل تصوير المرشد الإيراني الناعق في بوق شُكّل في هيئة عنصر من تنظيم أنصار الله، هو تعبير يخص أساسا الحالة اليمنية، لكنه ينسحب أيضا على أقطار شتّى، يكفي فقط تغيير “الأداة” أو الأبواق ليصبح المشهد الفني معبرا عن المشهد السياسي.
الكاريكاتير الذي أسعد نشطاء اليمن وأغضب الحوثي، هو اختزال لموقف عربي عام مجّ الدور الإيراني الطائفي المذهبي في المنطقة، أما غضب الحوثي فهو قرينة على صدق الكاريكاتير ونجاحه في التعبير