اختتمت في مدينة العين أمس الخميس أعمال المؤتمر الدولي الذي نظمته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على مدى يومين حول الآثار في دولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة خبراء من الإمارات ومختلف دول العالم، حيث عُقدت الخميس 3 جلسات عمل قُدّمت فيها 14 ورقة عمل. وقام الخبراء وعلماء الآثار المُشاركون بزيارة لمعرض " فجر التاريخ .. الكشف عن ماضي أبوظبي القديم "، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في قلعة الجاهلي بمدينة العين تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي. ويستمر المعرض لغاية الثاني من مايو القادم، ويتيح بشكل رئيسي الفرصة للاطلاع على عدد من الأعمال الأثرية المهمة التي نفذها آثاريون دنماركيون خلال الفترة الممتدة من عام 1958 إلى 1972 في إمارة أبوظبي. وأعرب ضيوف الإمارات عن تقديرهم البالغ وإعجابهم بالماضي العريق لدولة الإمارات وتراثها الحضاري الغني، وأشادوا بالمشاريع الرائدة التي تطلقها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في إطار استراتيجية صون التراث الثقافي لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات، والتفاعل مع مختلف الثقافات والحضارات. - وفي جسلة بعنوان " أنماط الاستيطان في العصر الحديدي " تحدثت آن بنواست (المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي ) عن مجموعة من الحفريات والمسوحات التي أجريت خلال السنوات الأربع الماضية في منطقة مسافي من قبل البعثة الآثارية الفرنسية بالتعاون مع هيئة الفجيرة للسياحة والآثار. وتم التنقيب في العديد من المناطق، بما فيها ثلاثة مبانٍ عامة ذات طوابق مع قاعة تضم أعمدة وملجأ ومقطع وغطاء لفلج محتمل، بالإضافة إلى مستوطنة بشرية محصنة مقامة على تلة صخرية. يمكن استخلاص صورة أولية حول التنظيم الإقليمي في العصر الحديدي، مع الأخذ بعين الاعتبار موقع وطبيعة المباني المختلفة التي تم اكتشافها، فضلا عن بنية وتأريخ المواد الملتقطة في مختلف مستويات البناء. - أما كارمن ديل سيرو (جامعة مدريد المستقلة) فتحدثت حول البيت 4 في منطقة المدام 1- الثقيبة (الشارقة): مبنى فريد في مستوطنة بشرية من العصر الحديدي. وقد أجرى الحفريات في هذا المبنى الفريق الآثاري الإسباني في المدام، بفضل الدعم المقدم من مديرية الآثار في إمارة الشارقة. ورغم وجود مبنى بسيط للغاية، بيد أنه يظهر طابعا مختلفا عن بقية مباني قرية الثقيبة، من حيث المواد التي لم يعثر عليها في مناطق أخرى من المستوطنة مثل مواد البناء المتطورة والأعمدة والجدران الخارجية. لعله مكان خاص لمجتمع صغير. - في حين تحدث د. وليد ياسين التكريتي (مدير الآثار في إدارة البيئة التاريخية التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث) حول نتائج الحفريات التي أجراها الفريق الآثاري التابع لمجلس التعاون الخليجي في الرميلة والحالة الراهنة للموقع. وتعد مستوطنة الرميلة أول مواقع العصر الحديدي التي جرى فيها التنقيب الأثري في الإمارات العربية المتحدة ويُنظر إليها كموقع رئيسي من ذلك العصر في هذه المنطقة. فحصت كارين فريفلت هذا الموقع في أواخر ستينيات القرن الماضي وكشفت عن بقايا بيت مبني من الطوب اللبن فوق طبقة من الرمال النقية. إن تعدد الطبقات الذي كانت فرايفلت تأمل بأن تجده في هذا الموقع المرتفع نسبيا والذي بدا لها مختلفا عن الموقع السطحي في الهيلي 1 العائد إلى العصر البرونزي حيث قامت مسبقا بالتنقيب فيه، لم يلبّ طموحها. وبعد بضع سنوات فقط من حفريات فريفلت، قام فريق محلي صغير من إدارة الآثار والسياحة بقيادة د.وليد ياسين بإجراء المزيد من التحري نتج عنه اكتشاف بيت مكتمل يذكّر بتلك البيوت الموجودة في الهيلي 2. وقد تم إجراء الحفريات الأوسع نطاقا في هذا الموقع خلال أوائل ثمانينيات القرن الماضي من قبل بعثة آثارية فرنسية بقيادة ريمي بوشارلات وبيير لومبارد. وكشفت الحفريات الفرنسية عن المزيد من البيوت التي تضم طبقتي بناء، وتم وصفهما بالحقبتين الأولى والثانية. وقدّمت هذه الورقة نتائج آخر الحفريات المنفذة في الرميلة والتي أجراها فريق مجلس التعاون الخليجي في عام 2005 بقيادة معد الورقة. حيث تم فحص منطقتين خلال تلك الحفريات: تقع الأولى في الطرف الجنوبي الغربي من الموقع بينما تحتل الثانية قسما من الجزء المركزي. وكشفت المنطقة الثانية عما يبدو وكأنه طبقة بناء ثالثة ترتكز على الارض البكر. وكما تمت الإشارة آنفا، سوف تبدأ الورقة بعرض تاريخي للتحريات المنفذة في الموقع وتختتم بمناقشة الحالة الراهنة لهذه المستوطنة البشرية المهمة. - وعقدت جلسة عمل أخرى بعنوان استقصاءات جديدة في آثار دولة الإمارات (برئاسة: جيوفري كينغ/ معهد الدراسات الشرقية والأفريقية) تحدث فيهامايكل موتون (المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي/باريس) حول الحفريات الفرنسية في المليحة 2010/2011: بناء حصن من أواخر حقب ما قبل الإسلام (القرن الثاني – منتصف القرن الثالث الميلاديين). - وقدمت في الجلسة ورقة عمل أخرى من كل من حمدان راشد الراشدي، ضياء الدين الطوالبة، محمد الظاهري، على المقبالي- هيئة أبوظبي للثقافة و التراث/ إدارة البيئة التاريخية حول "المسح الأثري للمنطقة الواقعة بين الختم ومدينة زايد في المنطقة الغربية بإمارة أبوظبي 2009/2010 . ويهدف هذا المسح الأثري إلى توثيق وتسجيل الأدلة التاريخية من مواقع ومعالم أو إشارات لها دلالات بالموروث الثقافي في إمارة أبوظبي، ضمن المنطقة المُحددة للمسح للمحافظة وصون وحماية المواقع التاريخية التي تنتشر بين الكثبان الرملية في مناطق شاسعة من إمارة أبوظبي وذلك نتيجة التوسع العمراني والمشاريع التنموية الكبيرة والبنية التحتيه التي حدثت بالإمارة في السنوات الآخيرة . وتم إنجاز المرحلة الأولى من أعمال المسوحات الأثرية لأربع مناطق رئيسية وهي تعادل تقريباً نصف المساحة المحدده لإجمالي المسح وقد تم تسجيل 48 موقعاً ثقافياً. أهم نتائج المسح كانت كالتالي: . التعرف على بيئة الكثبان الرملية الداخلية ومعرفة مكونات تضاريسها وطبيعتها الجغرافية والحياه النباتيه والحيوانية فيها، للوصول إلى العوامل والأسباب التي ساعدت الإنسان في المنطقة للإستقرار في فترات تاريخية مختلفة. . وجود مواقع سطحية لفترتين تاريخيتين رئيستين : فترة العصر الحجري الحديث والفترة الإسلامية المتأخرة . . وجود مواقع عثر فيها على بقايا قشور بيض النعام وهي مواقع حديثة نسبياً لا ترقى إلى تلك المواقع بالساحل الغربي وهي بقايا احافير من قشر بيض النعام الذي يعود إلى الفتره المايوسينية. . وجود مواقع لبساتين من اشجار النخيل "غيوط" بعضها ، وربما كانت قرب المخيمات البدوية في أطراف الصحراء تمدهم ببعضهم حاجياتهم من التمور وتظلل عليهم من حرالصحراء. - وكانت ورقة عمل الباحث محمد عبدالله الحمادي حول أنماط زخرفة الفخار في الإمارات العربية المتحدة وبلاد الرافدين إبان الألف الثالث ق.م (دراسة مقارنة(: تناولت هذه الورقة البحثية دراسة مقارنة لأنماط زخرفة الفخار في دولة الإمارات العربية المتحدة وبلاد الرافدين إبان الألف الثالث ق.م، وجدير بالذكر أن التنقيبات الأثرية التي جرت في دولة الإمارات خلال الخمسين عام المنصرمة قد أسفرت عن اكتشاف كم هائل ومنوع من الفخار في المواقع والمستوطنات مختلفة الأنماط والأبراج والمقابر وغيرها.ومن الناحية الزمنية فهي تغطي المرحلة الممتدة ما بين الألف الخامس وحتى الألف الأول ق.م. - وتحدث كل من جوزيف إلدرز (كنيسة إنكلترا)، إليزابيث بوبيسكو، جون بيرسيفال وبيتر هيليار (المجلس الوطني للإعلام) عن اكتشاف موقع مسيحي رهباني يعود إلى ما بين 600-750 بعد الميلاد في عام 1992 على جزيرة صير بني ياس في المنطقة الغربية لإمارة أبوظبي، وأجريت فيه حفريات جزئية بين عامي 1993 و1996 على يد فريق من "المسح الأثري لجزر أبوظبي". وبناء على تعليمات من سمو ولي عهد أبوظبي، تم تنفيذ المزيد من المسح والبحث والتنقيب لشركة التطوير والاستثمار السياحي بين عامي 2009 و2011 لتسهيل تقديم هذا الموقع لعامة الجمهور. وقد كشف ذلك عن تفاصيل إضافية حول الدير وسياقه التاريخي محليا وإقليميا وعالميا. وسوف تجري مناقشة هذه المعلومات غير المسبوقة في ظل الدلائل الجديدة ذات الصلة والمستخلصة من مواقع ومناطق أخرى. - وقدم أندرو بيترسون (جامعة ويلز)ورقة عمل حول المدابس الأثرية بدولة الإمارات تاريخها وتطورها من فترة ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي المتأخر. حيث اكتشفت المدابس في العديد من الحفريات التي جرت وكذلك في عدد من المباني التاريخية الموجودة بجميع أنحاء الإمارات تعطي هذه الدراسة فكره مثيرة عن العلاقة بين المستوطنات البشرية وبيتئتها المحلية". - واستعرض كل من ضياء الدين طوالبة وأحمد عبدالله الحاج (هيئة أبوظبي للثقافة والتراث)- بحثاً حول بيت ابن سرور الظاهري في واحة المعترض/ العين يتمتع حاليا بمزايا معمارية في التخطيط والإنشاء، وهو أحد المباني المدفونة التي كشفت عن معالمها بوضوح حفريات موسم 2005/2006. حسب الروايات المحلية، يعود تاريخ بيت ابن سرور لما بين 170 إلى 200 عام. ويُعتبر أحد مكونات البلدة القديمة في العين، كغيره من بيوت الوجهاء وشيوخ القبائل التي تمثل نظام البناء الكلاسيكي السائد في ذلك الحين. النشاطات الاقتصادية للواحة، الدور الاجتماعي للمجلس (غرفة الجلوس)، المسجد كبيت للعبادة ومركز للتعليم الديني: كانت تلك جميع العناصر التي تمثل تكامل الحياة المحيطة بهذا المبنى وفرادته وسط المجتمعات القديمة. نتيجة لذلك، حظي بيت ابن سرور بالمزيد من الاهتمام وأجريت فيه الحفريات لإبراز مكوناته التراثية من أجل اعتماد منهجية للترميم تقوم على الدراسات الاجتماعية والتاريخية الأولية قبل إجراء المسح لهذه المكونات، مثل تحليل العناصر المعمارية وتحديد المواد المناسبة للحفاظ على قيمة هذا المبنى التراثي. وتخطط هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أيضا لترميم وصيانة هذا البيت وتعتبره واحدا من نقاط الجذب المفضلة لدى السائحين وجزءا من واحة النخيل. - وكانت آخر جلسات المؤتمر حول آثار المستوطنات الإسلامية (برئاسة: ديريك كينيت/ جامعة دورام) تحدث فيها تاتسو ساساكي (جامعة كانازاوا/ اليابان) حول حفرية المنطقة الساحلية في خور فكان. فعلى الساحل الشرقي للإمارات، أجريت دراسات ميدانية وحفريات لمواقع إسلامية في عدد من مدن الموانئ في دبا، خور فكان، الفجيرة، كلباء وخور كلباء. وتم استخراج المكتشفات المتماثلة من هذه المواقع الأثرية التي تظهر طريقة حياة مشتركة في خليج عُمان.. وقد كشفت الحفريات في المستوى الثالث عن العديد من البيوت والكثير من حُفر النفايات. وتم اكتشاف الكثير من القطع الأثرية في هذه المواقع، لاسيما الصدف وحسك الأسماك والفخار- بما في ذلك الخزف الصيني وخزف جنوب شرق آسيا والفخار الإيراني والأواني الخزفية المحلية - ثم تحدث كلٍ من فنسنت شاربنتييه، أوليفييه برونيه، وصوفي ميري (المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي) وكريستيان فيلده (متحف رأس الخيمة الوطني)- حول العقيق الأبيض و الأحمر: عصور ما قبل التاريخ في جبل المعترض في إمارة رأس الخيمة بدولة الإمارات، وأوضحوا أن جبل المعيريض اكتشف للمرة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي على يد فريق من الجيولوجيين الألمان. ويعد هذا الجبل مصدرا نادرا للعقيق والعقيق الأبيض والعقيق الأحمر الواقع في جنوب شرق الجزيرة العربية. ولم تتم دراسة الموقع من قبل على نحو منهجي، ثم جرى تنفيذ موسمين من الدراسة منذ 2009. تم التعرف على المواد الخام بالإضافة إلى عقد ورشات عمل حول حجارة الصوان في هذا الموقع، ما يقود إلى فهم أفضل حول الشبكات المتبادلة بين تلك الموارد الحجرية، في اتجاه المستوطنات الساحلية العائدة إلى العصر الحجري الحديث. - كما تقدم كل من تيموثي باور وعمر الكعبي ( من فريق خبراء هيئة أبوظبي للثقافة و التراث ) بدراسة حول كمّيّة للخزف الإسلامي من بيت ابن عاتي الدرمكي/ واحة القطارة/ العين. وذكرت الورقة أنّ بيت ابن عاتي الدرمكي يتألف من برج من الطوب اللبن وسياج داخلي يقع فوق تلة مطلة على حدائق النخيل الممتدة من واحة القطارة. وترافقَ التقييم والرصد الأثري مع أحد مشاريع إعادة التطوير الذي تنفذه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لإنشاء مركز القطارة الاجتماعي للفنون داخل حدود هذا المبنى. ومن آثار الحقبة الإسلامية مستوطنة بشرية تعود إلى ما بين أوائل ومنتصف هذه الحقبة وتبرز فيها مرحلتان: الأولى تتكون من حُفر للأوتاد مرتبطة بهياكل بناء شبه دائمة (العريش)، والثانية تتألف من بيتين مبنيين من الطوب اللبن يعودان إلى أواخر الحقبة الإسلامية- الأكبر فيهما يضم برجا من الطوب اللبن (المربع) واثنين من مكابس التمر (المدبسة(. تم استخراج ما مجموعه حوالي 15 ألف كسرة أثرية من الحقبة الإسلامية في نطاق أعمال الحفريات. وكانت الغالبية الساحقة منها تعود إلى آثار من أواخر الحقبة الإسلامية، بما فيها الأواني المصقولة الشهيرة ذات المنشأ الخليجي بمفهومه الواسع وكميات قليلة من الخزف الصيني (البورسلان)، التي تم العثور عليها إلى جانب قطع معدنية نقدية تعود إلى العهد الصفوي. وتتيح هذه العينة ذات الحجم الكبير والمستخرجة عبر الحفريات الطبقية إجراء دراسة كمية مفصلة. واستندت منهجية هذه الدراسة على الأعمال التي قام بها ديريك كينيت في رأس الخيمة ودراسة سيث بريستمان لمجموعة مقتنيات ويليامسون. وسوف تتم مقارنة النتائج المتمخضة عن تحليل إحصائي لمجموعة قطع بيت ابن عاتي، التي تعود إلى أوائل الحقبة الإسلامية، مع هاتين الدراستين المعروفتين وبحثها عبر الرجوع إلى المصادر الأساسية ذات الصلة. ومن الممكن حينئذ الخروج بملاحظات أوسع نطاقا حول الحلقات التسويقية والشبكات التجارية السائدة آنذاك في المناطق الشرقية من شبه الجزيرة العربية وغرب المحيط الهندي.