في 11 فبراير كانت الوثبة الأولى للجماهير اليمنية في استعادة روحها الفياضة الرافضة لظلم والقهر والطغيان والديكتاتورية المقيتة حيث صدحت حناجر الشباب والجماهير مرددة الشعار الخالد الذي قهر الاستبداد "الشعب يريد إسقاط النظام " مع أول صيحة للجماهير بهذا الشعار كان عليها أن ترى أنها قد كسرت القيود وهدمت الحواجز بينها وبين الحرية واكتشاف ذاتها من جديد .فبعد أن حطمت تونس جدار الاستبداد الأولى في الوطن العربي انطلقت الأصوات والحناجر العربية بعدها تهتف بسقوط عهد الطغيان والاستبداد .كانت اليمن الحبيب من هذه البلدان التي استشعر شبابها منذ أول وهلة مسؤوليتهم وقدرهم في الخروج إلى الشوارع وساحات الحرية والتغير في 11 فبراير الذي سطر بحروف من نور على هامة الزمن وشامة في جبين التاريخ . وبحق يعد 11 فبراير يوماً فارقاً في تاريخ اليمن الحديث إذ عمل على صياغة ورسم المشهد الوطني بروح مختلفة ومتجددة نحو مستقبل خالد وآفاق جديدة تعبر باليمن إلى نحو ضفاف من الحرية والكرامة .ودفن حقبة مترعة بالآلام والماسي صنعته أيدي نظام غاشم وجاهل استبد باليمنيين أكثر من ثلاثة عقود من الزمن . ليخرج الشباب ومعه الجماهير اليمنية في هذا اليوم المجيد معلنين تدشين مرحلة جديدة من النضال السلمي ومودعين فترة زمنية مرت على اليمنيين عصيبة في تاريخ اليمن . فبراير يوم مشهود في تاريخ اليمن وحدث جلل على الطغاة والمستبدين . صنعة إيمان الشباب العميق بضرورة التغيير ونسجته أيادي الجماهير المتعطشة لقيم الحرية والعدالة والعيش الكريم في جميع ربوع الوطن . لقد ارتوت تربة هذا الوطن بدماء الشهداء الطاهرة التي كانت ثمناً لسقوط أنظمة الطغيان وإيذاناً بعد جديد . الشهداء خيرة أبناء الوطن الجديرون بالحياة هم الذين لهم الفضل علينا وعلى الوطن هم الذين رسموا بدمائهم الطرية ملامح النصر للثورة اليمنية وهم الذين خطوا بدمائهم سقوط الطغاة والاستبداد . وكون الشباب هم شرارة الانطلاقة الأولى في هذه الثورة السلمية التي استطاعت زحزحة نظام بائد ودفن معه بقايا جذور ومخالب مرتبطة برأس النظام وإلى الأبد , فإن ذلك يتطلب من النظام الحالي ومعه جميع الأحزاب السياسية المشاركة في حكم المرحلة الانتقالية أن يعوا وعياً كاملاً بأهمية الدور الوطني والثوري الذي قام به الشباب والإيمان بضرورة تمثيل المكونات الشبابية الثورية في إعادة بلورة المشهد الوطني الحالي والمساهمة في رسم مستقبل الوطن ومستقبل الأجيال . خاصة ونحن على أعتاب مرحلة الحوار الوطني الشامل الذي سيعيد رسم المشهد السياسي لليمن من خلال نتائجه ,لذالك على القوى السياسية الحالية أن يعطوا الشباب مقاعد في الحوار بما يتلاءم مع التضحيات التي قدموها في سبيل نجاح الثورة وبما بلائم طبيعة وجودهم على الأرض كقوى شبابية ثورية . إن المرحلة القادمة خطيرة ونوعية وتتطلب درجة وعى قصوى من الشباب ومن الجماهير التي يجب أن تدرك أن ثورتها لم تنته بعد ,وأن الثمن مازال مرتفعاً فالأجندات الخارجية والداخلية لم تسحب أوراقها والطبقة الموالية للنظام المخلوع مازالت باقية ولا يجب إنكارها وإن قل عددها . إنها انتفاضة شعب وثورة الجميع ريح طيبة مرت , وتسللت إلى جميع أنحاء الوطن رفعت شعار كفى في وجهة الظلم ,والاستبداد , والطغيان .