مناسبة دينية إسلامية مباركة تهل علينا بنفحاتها الروحانية ونسماتها الربانية يوم بعد غدٍ السبت والتي رغم ما يمر به اليمن وأمتنا العربية والإسلامية من ظروف وأوضاع أفرزتها أحداث تحدياتها وأخطارها لم تتوقف منذ عقود وهي في استمرارية من الصراعات والحروب والإرهاب، فيها نسفك دماءنا ونخرب وندمر أوطاننا ونهدم بيوتنا بأيدينا، وما نقص يكمله من لا يريد لهذه الأمة أن تأمن وتستقر وتستفيد بما أنعم عليها الله من خيرات لبناء حاضرها وانجاز استحقاقات متطلبات وتطلعات مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة..رغم هذا كله لا نملك إلاَّ أن نرحب ونحتفل ونفرح ونبتهج مع أطفالنا وأقاربنا وأحبائنا بعيد أرتبط باستكمال شعائر الركن الخامس من أركان ديننا الإسلامي الحنيف الذي حمل رسالته للعالمين محبةً ورحمة وتسامح نبينا محمد الذي قال (صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم): "إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق".. هذا هو السياق الذي يجب أن يستلهم من فريضة الحج, ومن وقوف ضيوف الرحمن يوم غدٍ الجمعة على صعيد عرفة مبتهلين مكبرين بين يدي ربهم يرجون مغفرته ورحمته في جمعٍ مهيب متساوين، لا فرق بين غنيٍ وفقير، بين كبير أو صغير، بين أسودٍ أو أبيض، لا وجود في هذا المكان أمام القوي القادر المتعال سبحانه وتعالى لشعور بالفروقات والعصبيات القبلية والطائفية والمذهبية، فالكل هنا مسلمون مسلمون أمرهم لخالقهم الواحد الأحد.. ما أحوجنا اليوم أن نستلهم من هذا المشهد العظيم ما يجمعنا ويوثق عرى تماسكنا وتلاحمنا وتضامننا وتعاضدنا.. هذه هي الغاية من هذه الفريضة الإلهية التعبدية العظيمة.. ولهذا نقول ما أحوجنا في يمن الحكمة والإيمان أن نتمثل المعاني والمضامين والمبادئ والقيم التي تجسدها مناسبة عيدٍ كهذا لنتغلب على شرور خطايا ماضينا بتجاوز كل ما يفرقنا ويشتت شملنا إلى تغليب السلام والوئام والتصالح والتسامح النابع من وعيٍ روحي وعقلي مستوعب أننا-أحفاد من حمل راية هذا الدين إلى أصقاع الأرض, لينير العالم خيراً وعدلاً وحضارة.. علماً ومعرفةً وحكمة-عاجزون في زماننا هذا عن توحيد صفوفنا لحل قضايانا ومشاكلنا على قاعدة فهم جامع أننا شركاء في هذا الوطن الذي ليس لنا وطن آخر نستظل بسمائه ونفترش أرضه.. آن الأوان لننعم بخيراته جميعاً بدون إقصاء أو تهميش لأي من أبنائه أو مكوناته لاسيما وبعد أن اتفقنا وتوافقنا في مؤتمر حوارنا الوطني على الحلول والمعالجات التي أخذت في الاعتبار مصالح الجميع في إطار المصلحة الوطنية العليا, وعززناه باتفاق السلم والشراكة، وحان وقت أن نحكم عقولنا ونستعيد وعينا بالتسريع في تنفيذه وتحويله إلى واقع تتغير فيه أوضاعنا إلى الأفضل, ومن خلاله نحول وثيقة مؤتمر الحوار من طابعها النظري إلى حيزها العملي المعبر عنه في قيام دولة اليمن المدنية الديمقراطية الحديثة.. دولة المواطنة المتساوية القوية القادرة العادلة.. لن نقول عيدًُ بأية حال عدت يا عيدُ, بل أضحى مبارك وكل عام وشعبنا وأمتنا بخير.