لا يجوز للناعقين من أقبية الحصبة ومن خلف متاريس الفرقة الأولى أن ينبسوا بكلمة واحدة عن الوحدة وعن دولة مدنية لا يعون منها إلا لفظها على ألسنتهم وعقولهم خاوية إلا من ثقافة كم باعوا كم كسبوا. كما لا يجوز لهم أن يتحدثوا اليوم عن ثورة هم أشد أعدائها وعليهم هم ومن ويلاتهم وللخلاص منهم اندلعت هذه الثورة. كما لا يجوز لمن نخر الجيش طيلة 45 سنة منذ 68 وافرغه من كل عناصره الوطنية فصلا وطردا وقتلا وحوله إلى ميليشيات عقيدتها الولاء للأفراد ووظيفتها تبعا للاهواء.. كما لا يجوز لتجار الحروب أن يتحدثوا عن لغة الحوار وقد اغرقوا المدن بالسلاح.. واليوم لا يجوز لمن ضرب ثورة سبتمبر في 67 وأغتال مشروع الحمدي في 77 ونصب المشانق في 78 وتلتها سلسلة طويلة من الغدر والقتل والإخفاء لمئات وآلاف من المناضلين كما لا يحق لشركاء نظام كان الغدر ديدنه.. ناصبين للوحدة كمائنهم فأوقعوا وأذاقوا اليمنيين كل الويلات ونهبوا الأرض والحقوق الخاصة والعامة.. لا يجوز لهؤلاء أن يتحدثوا عن الوحدة هؤلاء هم الانفصاليون.
سامر قليلا على اكتوبر.. وتتزامن الذكرى التاسعة والاربعين لثورة 14 أكتوبر للعام الخامس على التوالي في خضم نضالات الحراك السلمي الجنوبي, وللعام الثاني على التوالي من اندلاع ثورة 11فبراير تتقدمها تلك الموجات الشعبية الهادفة لإحداث التغيير الجذري وفي الطليعة شباب الثورة وخلفها الملايين الطامحة بالخلاص، و في ظروف انتفض فيها شعبنا اليمني عن بكرة أبيه وشارك بكل فئاته النساء والأطفال والشباب والشيوخ وفي حركة ثورية غير مسبوقة في التاريخ بطابعها السلمي ومضمونها الاجتماعي الشامل. ومسلحة بإرادة لا تلين ومتجاوزة كل المحاولات الرامية الى فرملة مشروع التغيير في مسعى تعطيله عبر التسويات التي تعيد انتاج النظام اليوم. ولان الادوات المنفذة للفعل الممارس فيما بين ثورة اكتوبر وثورة فبراير وثورة الحراك اختلفت باختلاف ظروف العصر وتلك خيارات الشعب الوحيدة ازاء المحتل الاجنبي. وفي التجربة رافقت الثورة اخطاء (بحسب منظر اليوم) لكن علينا ان لا نحاكمها بمعطيات زماننا وظروفنا المختلفة كلية عن معطيات وظروف تلك الحقبة. ونحن اليوم مدعوون لاستلهام الافاق الانسانية الرحبة والاهداف الاجتماعية العميقة التي رسمتها ورسختها ثورة اكتوبر وصنعت تحولات كبرى في جنوب الجزيرة العربية وانتصرت للقيم الاجتماعية والاخلاقية والانسانية ما يجعلنا نفخر بها ونستحضرها اليوم كليا في مشروع الحرية والعدالة والمساواة ومشروع الحداثة والمدنية الذي شكل الجنوب عمقها الاستراتيجي ومثلت تعز والوسط امتدادا له وهو ما ننشده اليوم فمنها نتزود بيقين النصر رغم تكالب قوى محلية واقليمية تظاهرت بالتأييد واضمرت حقدها التاريخي في مسعى محاولة الاحتواء وضرب كل مشاريع النهوض والتحرر لشعبنا وهو ما حصل اليوم, في اعادة ذات المنظومة الفاسدة الى واجهة الحكم.. ولان الأدوات المنفذة لفعلي ثورة 14أكتوبر و11 فبراير اختلفت، فقد اضطر شعبنا في الجنوب يومها لحمل السلاح طردا للمستعمر وتحريرا للأرض والإنسان فتلك ظروف العصر وذلك الخيار الوحيد إزاء همجية الأجنبي وفي التجربة رافقت الثورة أخطاء لكن علينا أن لا نحاكمها بمعطيات زمن وظروف مختلفة كليا. نحن مدعوون ومعنيون باستلهام الأفاق والأهداف التي رسختها ثورة أكتوبر المجيدة وصنعت تحولات كبرى في جنوب الجزيرة العربية ورسخت للقيم الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية ما يجعلنا نفخر بها ونستحضرها اليوم كليا في مشروع الحرية والعدالة والمساواة ومشروع الحداثة والمدنية، الذي شكل الجنوب عمقه الاستراتيجي وهو ما ننشده اليوم، فمنها نتزود بيقين النصر رغم تكالب قوى محلية وإقليمية تظاهرت بالتأييد وأضمرت حقدها التاريخي في مسعى محاولة الاحتواء وضرب كل مشاريع النهوض والتحرر لشعبنا وهو ما هو حاصل اليوم في اعادة ذات المنظومة الفاسدة في واجهة الحكم.
لقد حققت ثورة أكتوبر العديد من الانجازات فقد حققت الاستقلال الناجز والغير مشروط وبدون صفقات أو تسويات وأمام بريطانيا العظمى آنذاك وشكل 30 نوفمبر يوم جلاء أخر جندي بريطاني ردا على انتكاسة سبتمبر يوم 5 نوفمبر 67 بذلك الانقلاب الملكي المدعوم سعوديا وغربيا، ولم ترتهن قيادة ثورة أكتوبر للإرادة الإقليمية والغربية التي فرضت عليها أشد أنواع الحصار السياسي والاقتصادي طيلة 3 عقود من الزمن. في مسعى تقويض التجربة الوطنية الصاعدة وباءت كل محاولات التركيع بالفشل امام الصمود الرائع لقيادة ثورة اكتوبر.. مثلت ثورة أكتوبر تجربة فريدة في الوطن العربي في فرض هيبة القانون ونزاهة القضاء وتساوي الجميع حكاما ومحكومين أمام هيبة القانون وفي الحقوق والواجبات ولم تفرط طبقتها الحاكمة يوما بالأرض والإنسان وفي ظروف الصراع الفوقي لم يكن الشعب ضحية دائما وأبدا، وكانت الأولى في محو الأمية ومجانية التعليم والصحة والسكن وحق العمل وفي الأمن والأمان وعدم الخوف من المستقبل المجهول، كما هو حالنا اليوم مع ال"هؤلاء" ولم يمس أو يسطو أحدا من حكامها بمختلف مستوياتهم، وطيلة ثلاثة عقود على مقدرات البلد وثرواتها وبقيت الملكية العامة مصانة وملكا للشعب، حتى جاءت حرب صيف 94 لتضرب كل تلك المنجزات، وأضاع متفودوا الوحدة وأصحاب مشروع النهب المقدس كل تلك المنجزات والحقوق وما إلى ذلك من جمعيات ومصانع ومؤسسات في البر والبحر.
لقد احتضنت عدنوالجنوب عموما أبناء اليمن القادمين من الشمال وتبوأ أبناء تعز أعلى وأرفع درجات المسئولية وارتقى المناضل العظيم عبد الفتاح اسماعيل وهو اليتيم الذي نزل إلى عدن حافيا من قريته وغدا رئيسا للحزب والدولة وآخرون أمثال محسن الشرجبي وعبد العزيز عبد الولي و و و ....... ونجحت تجربة الثورة في اليمن الديمقراطي في تقديم نموذجا فريدا في الحكم ويكفي أن كل من تبوأوا المسئولية وبأعلى المستويات هؤلاء جميعا دخلوا وخرجوا منها بأيادي بيضاء وعاشوا طيلة عهدهم حياة و أحلام البسطاء. واليمن اليوم احوج ما تكون الى امثال قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف وسالم ربيع وصالح مصلح وعلي شائع، وفي ظل ثورتها الراهنة نحن بحاجة الى انجاز امران اثنان معا: فالبلد بحاجة لتحرير مواردها المنهوبة والمغتصبة بأيدي (الباسطين) والغاء كل الاتفاقيات والمعاهدات المجحفة بحق اليمنيين ارضا وانسانا على هدى باذيب في تحرير ميناء عدن، مثل اتفاقية الغاز واتفاقيات جرف الثورة السمكية واتفاقية الحدود مع السعودية، ورفع اليد عن الممتلكات الخاصة والعامة في الجنوب وسهول تهامة واستعادة الاموال المنهوبة ومحاكمة ناهبيها وكذا على كل الجرائم، هذا اولا..
والقائمة طويلة ممن تبوأوا الحكم في تجربة اكتوبر وغادرو ها بأيدي بيضاء كما دخلوها اول مرة، وهذه واحدة من انجازات ثورة اكتوبر والجبهة القومية ونحن اشد حاجة لاستلهام تلك القيم التي زانت هؤلاء الرجال وحملت الناس على حبهم وهذا ما نحتاجه ثانيا. وبنظرة سريعة من نافذة صغيرة نطل منها على روائح فاحت خلف وزراء الفساد خلال فترة وجيزة من اعتلائهم كراسي الوزارة والحكم ضمن حكومة الوفاق. فوزير الداخلية استهل عهده بمجزرة ومئات المخفيين والمعتقلين في عملية الصد التي تعرضت لها مسيرة الحياة على ابواب ومشارف صنعاء تلتها سلسلة تفجيرات مثلت غطاء دخانيا للتغطية على ترتيبات كانت تسلق على عجل، وتجري في الخفاء تلتها سلسلة اغتيالات استهدفت القيادات الجنوبية ومحاولات اغتيال جرت بهدف ضرب أي محاولة حقيقية وجادة لاجتثاث الفساد، وهذا ما تعرضا له وزيري النقل والقانونية وتوجت بمحاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان.
وفي جانب آخر سقط عدد من ضباط الامن السياسي في عمليات اغتيالات وفيما كتب (انها تستهدف دفن سلسلة من الجرائم والفضائح التي قد تكشف قيادة الامن السياسي طيلة عقود من الممارسات الاجرامية). اقل ما يمكن ان يقال عن هذا الوزير انه متواطئ وفي احسن الاحوال هو فاشل الا من نجاح! حققه في اهتبال الفرصة وتجنيد الألاف من الموالين, ونحن نتذكر انجازات اكتوبر اليوم هل يمكن ان نقارن امثال هؤلاء باي كان من حكومة الثورة بعد استقلال الجنوب ؟ التي نظفت السلاح عقب ثورة مسلحة بأيام وجيزة. اما سميع الذي عرف عنه انه كان من احرص الناس على سرعة توقيع المبادرة واخذ مكانته بدعم من (عمه حميد) في اهم وزارة باشرها بمفاسد اهمها صفقة (توليد الكهرباء بالديزل) وبالمشاركة مع شقيق وزير التخطيط الذي نال النصيب الاكبر من تلك العقود, وتمرير العقد من قبل وزير المالية على الضد من اوامر عبدربه هادي. الف ثورة لا تكفي لا خراج اليمن من دائرة الفقر والفساد كان يكفي ان نكرم الحمدي (عوضا عن التملق الكاذب ممن ربحوا بمقتله) بان نجسد قوله وفعله (التصحيح بالملوثين خطأ مرتين) أمام وزير النفط. وفي فضيحة مدوية لوزير الاوقاف في واقعة استعجال البيع لمساحة الوقف المحيطة بجامع الصالح والتي تقدر ب(5312 لبنة) واوامره القاضية بالبيع على احمد علي صالح بسعر خمسمائة الف ريال للبنة في حين رفض وزير الاوقاف السابق، وفي ظل نظام صالح البيع بعرض سعر (4 مليون للبنة) وللنصوص القانونية دورها في تمرير تلك المفاسد وهي نصوص صاغها الفاسدون كسياج لتحصينهم وتامين سبل النهب الامن لأملاك الاوقاف وغيرها. ما يستدعي التمسك بخيار الثوار بإنشاء منظومة قيمية قانونية جديدة تحفظ الحقوق العامة والخاصة، وفيما يحكى عن احداث تحول سياسي ديموقراطي (عبر محطة انتخابات) عند نهاية الحالة الانتقالية البائسة والممتدة ضمن نسيج النظام المثار عليه، واي حديث يذهب الى محطة الاغراء الفادح الخسائر هنا تبدو العملية الانتخابية على ارضية من الفساد المتمادي في ممارسته وهو في خضم ثورة وعلى ظهر مبادرة مرفوضة فكيف بالحال ان امسك بالسلطة عبر انتخابات تستكمل مشروع تطويق الثورة وهنا فداحة الاغراء الذي سيسقط الشعب وقواه الحداثية في كمينه المنصوب فقد برهنت التجارب الانتخابية التي جاءت عقب ما سمي بالربيع العربي (صحة ما نذهب اليه) حين ادت تلك الانتخابات المسلوقة على عجل وفي غفلة من الناس أو الثوار وفي ظل هكذا منظومة تحاول القفز على الثوار وتضحياتهم وفي ظل وضع معيشي بائس وبطالة متفشية (زائد) التحرك على ارضية ذات المنظومة الفاسدة التي اشرنا الى جزء منها كل ذلك يسمح باستغلال الوضع البائس، واعادة انتاج نظام متسلح (بشرعية ديموقراطية زائفة) جاءت لتحتال على ثورة الشعب. [email protected]