تقرير سام كيمبل، ترجمة مهدي الحسني في ال"28" من مايو 2005، في سوق شميلة المزدحم بالعاصمة اليمنية صنعاء، كان فيصل عبد العزيز العريفي، يمشي بخطوات مرتعشة، متجاوزا بعض الأكشاك والنفايات سريعة التراكم على جانبي الطريق. ناصر الفقيه، وهو ضابط شرطة في السوق، لاحظ علامات الارتباك على وجه العريفي، ثم اقترب منه. وعندما سأله ضابط الشرطة عن السبب، همس العريفي في أذنه:"لا أستطيع أن أتحدث معك في الشارع. الخلية تراقبني". وتحت ضغط التحقيقات، اعترف العريفي بأنه كان في طريفة الى مكتب الأممالمتحدة الرئيس في صنعاء، حيث تلقى أوامر بتفجير الحزام الناسف الذي كان يخفيه تحت ملابسه، ذلك الحزام الذي ربطته أمه حول جسمه، لكن ذلك الشاب المراهق اعترف أنه لم يكن مستعدا للموت، وكان يبحث عن مكان لتسليم نفسه. روى هذه القصة عبده الفقيه، شقيق ناصر، ويعمل ضابطا في وزارة الدفاع اليمنية. غير أنه، ووفقا لما قاله عبده، ثمة تحريفات مزعجة في المهمة الانتحارية للشاب. فالخلية التي زعم أنها كانت تراقبه، كانت وحدة تابعة للقاعدة تعمل في العاصمة، ضمت في عضويتها ضباطا من قوات النخبة من الحرس الجمهوري والأمن المركزي والفرقة الاولى مدرع. عندما قام الفقيه بإبلاغ السلطات عن إلقائه القبض على الانتحاري الذي كان يستهدف الاممالمتحدة، كان ردها بالإهمال، طبقا لرواية عبده، الذي كان يتابع قضية شقيقه عن كثب. ورفض ضباط في الأجهزة الأمنية أخذ البلاغ الذي تقدم به الفقيه على محمل الجد، وتجاهلوا المزاعم باختراق القاعدة لمناصب في القوات المسلحة اليمنية. بعد أشهر، بدأت الاعتداءات. بداية قامت عصابة بمهاجمة الفقيه بخنجر بعد خروجه من أحد المطاعم في صنعاء. بعد ذلك قام رجال بإطلاق النار عليه أثناء عودته من عمله إلى المنزل. وأخيرا عند عودته إلى صنعاء من قريته وهو طريق جبلية ملتوية، قامت سيارة هايلوكس كانت تطارده بدفع سيارة الفقيه(سيارة أجرة). انقلبت سيارة الفقيه وفقد عينه اليمنى، وتهشم فكه في الحادثة. وقد رفضت وزارة الداخلية اليمنية تحمل تكاليف علاج الإصابات التي تعرض لها الفقيه. ولم تنشر محكمة صنعاء نتائج التحقيقات التي أجرتها حول محاولات الاغتيال التي استهدفت حياة الفقيه، وعندما ضغطت أسرته عليهم للحصول على معلومات، كان الرد حاسما..تم قفل ملف قضيته. عبده مقتنع بتواطؤ أجهزة الامن اليمنية في محاولات التخلص من أخيه. يقول عبده، وهو ينظر بهيجان إلى كومة من وثائق شقيقه في غرفة الجلوس بأحد منازل مدينة صنعاء القديمة :" أنا أتهم القاعدة وعملاءها داخل الأجهزة الأمنية بالوقوف وراء محاولات الاغتيال". وأشار إلى تقرير المرور الخاص بحادثة أخيه، والذي يبين أن الفقيه تعرض فقط إلى جروح بسيطة، بالرغم من الإعاقات الدائمة التي يعاني منها اليوم، والتي يعتقد عبده أنها علامة تدل على أن السلطات أرادت أن تبقي الحادثة بعيدا عن الأضواء قدر الامكان، من خلال تقليص حجم الأضرار. (مجلة"فورين بوليسي") المصدر: صحيفة"الاولى" 04/09/2012