اعتادت جمانة على الخروج إلى الأسواق والمولات التجارية بشكل مستمر وبرفقة البعض من الصديقات وبنات الجيران واستمر الوضع على ما هو عليه طيلة ليالي شهر رمضان التي مضت.. لم تكن جمانة تدرك في بادئ الأمر ماذا تريد من خروجها المستمر سوى التنفيس وقضاء وقت الفراغ مع صديقاتها الثلاث غيداء، سوسن، عبير اللاتي كن يأتين كل ليلة إلى منزلها ليصطحبنها معهن في مشاويرهن التي أخفين خلفها أسرار الغوى الطائش... خطت جمانة خطوتها الأولى في درب اللاعودة وهي لا تدرك إلى أين تمضي بها الخطى وكانت والدتها تذهب للسهر مع نساء الجيران مطمئنة الى خروجها بصحبة صديقات الحارة من بنات الجيران ولكن الطيش وعامل السن وغياب الرقابة كل هذه العوامل كانت المفتاح لولوجها في غمار سهرات الغرام الصاخبة من باب التساهل في تقديم التنازلات حتى انتهى بها الحال خلف القضبان.. وبداية الخيط الواهي في حكاية جمانة يعود إلى خروجها لأول مرة في إحدى ليالي مطلع رمضان للتسوق في أسواق ومتاجر أمانة العاصمة بصحبة بنات الجيران حيث تعرضن في أحد الأسواق للتحرش والمعاكسة من قبل بعض الشباب المتسكعين في السوق بسبب طريقة مشيهن وملابسهن الملفتة للأنظار والتي كن يهدفن من ورائها إلى جذب اهتمام المزيد من هواة المتعة والسهر فهن وقبل ذلك سبق وأن أقمن الكثير من العلاقات الرومانسية الساخنة مع شباب وأشخاص تعرفن عليهم من خلال مشاوير الحدائق والأسواق وكان الهدف وراء هذا كله أن تنضم جمانة إلى الموكب وتقع في وحل السقوط والانحدار ولكن ما الطريقة وكيف وأين؟ هذا ما كانت تبحث وتخطط له شلة نواعم الأنس من أول ليالي شهر رمضان.. وسط الزحام صارت جمانة تتلقى مع صديقاتها عبارات التغزل بمفاتنها الرقيقة وتسكت عن المعاكسة والتحرشات التي وصلت ذروتها بسبب تصرفات صديقاتها المريبة ولا شيء غير الصمت كانت ترد به جمانة على تجاوزات المتحرشين حتى عندما صاروا يلامسون جسدها ويستمرون بملاحقتها في زحمة الأسواق فقد كانت ترى صديقاتها يتعرضن أمامها لكل أصناف التحرش واللمس بالأيدي وهن ملتزمات الصمت بل ولم تشاهد منهن أي علامات للرفض والامتعاص مما يحدث عقب ومرور الأسبوع الأول من الخروج المقصود مع رفيقات الحارة بدأت جمانة تتقبل الوضع الغريب وبدأ جسدها الظامئ للحنان لا ينفر من لمسات الأيدي ومحاولات إلصاق الأجساد في أماكن الزحام الشديد وشجعها تهور صديقاتها الزائد عن الحد المعقول على إدمان اللهو بل والتفكير بما هو أبعد من ذلك وكانت للعلك المهيجة التي حصلت عليها عن طريق صديقتها المقربة عبير كلمة الفصل في جعل جمانة توافق على مرافقة صديقاتها في مشوارهن الليلي إلى شقة أحد عشاق اللهو مع الصنف الناعم والذي سبق وأن جمعتهن به مقايل وسمرات منذ ما يزيد على ثلاث سنوات من تعرفهن عليه وقد تعرفن أيضاً عن طريقه على العشرات من زبائن المتعة الذين يستهويهم العبث بما تخفيه عبايات الموضة الفائقة الإثارة. استقلت صبايا الحارة الأربع تاكسي الغرام السريع إلى شقة اللقاء الموعود وفي أحضان ليل العاصمة الساهر طاب الأنس والسمر وعلى بساط الطيش الصبيانية نست جمانة نفسها وراحت تطلق الضحكات الرنانة، وبعد محاولات يائسة لاستجماع قواها والتحكم برغبتها استسلمت لسطوة الغول وارتمت في أحضان الغرام المجاني دون أي مقابل فقد كانت جمانة ورفيقاتها وعلى خلاف غيرهن من بائعات الهوى لا يبحثن عن الفلوس بقدر بحثهن عن المتعة العابرة وذلك لكونهن بنات مغتربين ميسورين ولا ينقصهن شيء من المطلوب سوى التمتع والسعادة بأي شكل من الأشكال.. في غضون ساعات انقضت سهرة الأنس الحافلة بالغرام والرومانسية وبين صمت الجدران مضت عقارب الساعة تتقدم نحو بلوغ موعد مغادرة جمانة وصديقاتها الشقة الملعونة فسارعت كل واحدة منهن ترتدي عبايتها على عجل وفيما بقايا المشروب ترفع غيوم اللا وعي عن أنظار الفاتنات الأربع لاستجلاء معالم درب العودة الاضطرارية إلى المنازل لتناول السحور فجأة شب خلاف أخذ في الاحتدام بين اثنين من مرتادي الشقة وهما في حالة سكر شديد فقام أحدهما بغلق باب الشقة بالمفتاح لمنع جمانة وبنات الجيران من المغادرة ورمى المفاتيح من النافذة إلى الخارج وهو ما حدا بالآخر إلى الاشتباك معه وفي لحظة عدم القدرة على السيطرة على الاعصاب، وقعت يد أحد المتنازعين على زجاجة مشروب فارغة فأمسكها بكل قوته وهشم بها راس رفيقه حتى أسقطه صريعاً والدماء تسيل بغزارة لتروي الأرضية المفروشة.. لم يع الجميع لحظتها أين تقف بهم أقدامهم.. علا الصراخ ليهز أرجاء الشقة ويبعث قلق الساكنين في العمارة والعمارات الأخرى المجاورة، واستمر نزيف الدم الحاد من رأس ديك السهرة الضحية وأمام محاولات كسر الباب من الداخل دون جدوى وجد الجميع أنفسهم في مواجهة عناصر الشرطة الذين داهموا المكان عقب إبلاغ الجيران بما تناهى إلى مسامعهم من أصوات الصراخ والعراك المنبعثة من قلب الشقة.. وفي لحظة لم ينفع فيها الندم بعد فوات الأوان وقفت جمانة معترفة أمام الضابط المحقق بسر ما جرى وصار منذ البداية وكذلك فعلت صديقاتها اللواتي لم يجدن بداً من الاعتراف بكل الوقائع والتفاصيل وعلى خلفية محاضر التحقيق الأولية تم الرفع بالقضية إلى النيابة وقد جرى التواصل مع أسر الفتيات المقبوض عليهن وكذا أهالي المتهمين الذين لم يراعوا حرمة الشهر الفضيل.