نادية امرأة سيئة السمعة وقد عرفت بتعدد علاقاتها منذ أيام شبابها مع أبناء قريتها الذين شاركتهم اللعب بنار الغرام في السر خلال سنوات الطيش وقد تعلق بها أحدهم بعد أن تمكنت من إقناعه بأنها لم تسلم نفسها لأحد غيره فتزوجها وانتقلا للعيش في المدينة وهناك أنجب منها أربعة أبناء ثلاث بنات وولد وأقام إلى جانبها فترة قبل أن تجبره ظروف العيش إلى مغادرة الوطن والاتجاه صوب الغربة في السعودية للعمل في محل لغسيل الملابس بجانب اثنين من أصدقائه. ولكن لم تكد نادية تصدق أن زوجها ودعها حتى سارعت بالعودة إلى سابق عهدها مباشرة ومن اليوم التالي فتحت قلبها للعلاقات القديمة واستمرت على ذلك طوال سنوات غربة زوجها الطويلة عنها والتي كان يعود لها فيها كل أربع سنوات ليقضي إلى جانبها شهراً ونصف ثم يعاود الانتقال ثانية إلى موطن الغربة. مع ذلك كانت نادية خلال فترة تواجد (أبو أولادها) القصيرة إلى جوارها وبدلاً من أن تغمرها السعادة والفرحة بقربه على افتراض أنها تحبه وتحمل له مشاعر الاحترام والتقدير على العكس تماماً كانت بفارغ الصبر تعد الأيام بالثواني في انتظار موعد مغادرته وهي لا تدري متى ستعود بكل الشوق إلى مرابع الحب المتعدد الألوان والأشكال. وياليت الأمور توقفت عند هذا الحد من السوء فسلوك نادية شجع بناتها على تقليد حركاتها وكان تساهلها معهن في هذا الجانب بمثابة الضوء الأخضر الذي مهد أمامهن درب حرية التصرف على الآخر فتمادين في عشق التفسح والخروج فزاغت عيونهن وهفت قلوبهن نحو الشباب في الحدائق والشوارع والأسواق وباشرن بربط المواعيد للقاءات الغرام التي كانت تضطرهن للتأخر عن العودة إلى المنزل في معظم الأوقات ورغم ذلك لم يحدث يوماً أن سألت إحداهن أين كنت أو لماذا تأخرتِ فبدا وكما لو أنها أرادت أن تجعلهن نسخة طبق الأصل منها.. لذلك لم يتقدم أحد من الشباب لطلب أيديهن للزواج بسبب سمعتهن الملوثة بعد أن أضحت أخبارهن تتناقل على كل لسان. الطيش والدلال وانعدام التربية والتوجيه من جانب الأم التي ظلت ترى الخطأ وتسكت عليه كل هذه كانت عوامل وراء سقوط بناتها الثلاث (لميس، لينا، أريج) في وحل الضياع كما كان لغياب رب الأسرة وعدم اطلاعه على حقيقة ما يدور من خلفه دوره المساهم في زيادة الطين بلة وبهذا الشكل فالهفوات الصبيانية البسيطة تطورت إلى نزوات ورغبات وتحولت معها الفتيات إلى بائعات هوى بين عشية وضحاها فيما تحولت الأم إلى متفرجة ومشجعة وأوغلت في مستنقع خيانة الثقة التي منحها لها زوجها المغترب في الحفاظ على ماله وحسن تربية عياله. على نحو عجيب توالت السنوات والأم نادية وبناتها غارقات في متعة العشق الصاخب ويفعلن ما يحلو لهن دون رقيب أو حسيب حتى انقلب المزاج وتعكر صفو الأجواء بوصول الولد الأصغر عماد إلى سن الرشد فما أن بدأ يشك في تصرفات والدته وشقيقاته المريبة حتى صار يحاصرهن ويمنعهن من الخروج خارج المنزل ويلجأ إلى ضربهن بكل قسوة في حال مخالفة أوامره الصارمة التي راحت تنسج حول راحتهن سياجات الحيرة والقلق والشعور بالضيق وعدم الارتياح لدرجة أن أوقات تواجده في المنزل صارت من الإنزعاج تشكل لهن كابوساً فضيعاً يكتم على أنفاسهن. وبالنسبة لعائل الأسرة فقد كان مريضاً بالسكر وضاعفت مشاكل الغربة وهموم الأولاد من معاناته مع المرض وقد صادف أن جاءت عودته الأخيرة إلى أرض الوطن في الوقت الذي أكمل به نجله الوحيد عماد دراسة المرحلة الثانوية وتجاوز سنة العشرين فرأى أن يعرض عليه أمر الارتباط ببنت الحلال وفاتحه بخطورة حالته المرضية وأبدى له استعداده التام لعمل الواجب معه تحقيقاً لرغبته بأن يكحل عينيه برؤيته عريساً قبل أن يصيبه مكروه فيما لو قدر الله ومن أجل ذلك عرض عليه فكرة الزواج العاجل وترك له حرية اختيار الفتاة التي يريدها. من بين جملة الصبايا وقع اختيار عماد على فتاة صغيرة وعلى قدر كبير من الجمال تدعى (تهاني) وفي غضون أسبوع تمت الخطوبة وأقام له والده المغترب عرساً معتبراً قبل أن يودعهم بعدها بأيام عائداً أدراجه كالعادة للعمل في السعودية لكن القدر شاء أن تكون زيارته هذه هي الأخيرة فتدهور وضعه الصحي لم يمهله من الوقت الكثير وتوفي عقب أربعة أشهر فقط من مغادرته لهم لتبدأ بعدها ظروف الأسرة بالانحدار نحو الأسوأ. كانت وفاة الوالد صدمة كبيرة بالنسبة لعماد الذي اعتاد على حياة الرفاهية والدلال منذ نعومة أظفاره فهو لم يجرب يوماً عناء تحمل المسئولية أو الخروج للعمل وكل عمله كان مقتصراً على الذهاب لاستلام الحوالات النقدية التي يرسلها لهم والده عبر محلات الصرافة.. لذلك حتى عندما أجبرته الظروف على الخروج للعمل في ورشة صيانة سيارات يمتلكها أحد المعارف لم يستطع الاستمرار وظل يتهرب ويختلق الأعذار لغرض التملص والعودة لمضايقة والدته وشقيقاته في المنزل. ولكون عماد لا يمتلك الخبرة للعمل في مجال بعينه كذلك ولأن ظروفه قاسية ولا تسمح له بالصبر حتى يتعلم فقد وجدت والدته وشقيقاته الفرصة سانحة لإبعاده عن مرمى رغباتهن وإقناعه بفكرة السفر إلى السعودية للعمل في محل غسيل الملابس الذي كان يعمل فيه والده وتمهيداً لذلك قمن ببيع ذهبهن ليدفعن له رسوم استخراج الفيزا التي ستمكنه من السفر. وبالفعل تم المقصود وسافر عماد وأخلى لوالدته وشقيقاته الجو الصافي الذي لطالما حلمن به ومن ليلتها عادت لهن ليال المتعة والسهر. وباستمرار حفلات السهر بدأت الخلافات تشعل فتيلها بين تهاني زوجة عماد المقيمة معهن من طرف وشقيقات زوجها الثلاث ووالدته من طرف آخر وخوفاً من أن تقوم بتسريب أخبار ما يدور لزوجها الغائب قررن ايقاعها في الفخ واصطيادها قبل أن تصطادهن وبالأخص بعد أن أصبحت تهددهن بذلك. فكرن أن يستعن بأحد الشباب طريقة تضمن لهن اصطيادها في فضيحة لا تستطيع تهاني الخلاص من شراكها. وفي اليوم المحدد خرجت نادية وبناتها من المنزل بينما بقيت تهاني في غرفتها وقبل خروجهن كن قد بادرن بدعوة الشاب ناصر للحضور إلى المنزل وفق الخطة وتركنه في إحدى الغرف دون معرفة تهاني وعندما رجعن كن حريصات على اصطحاب بعض صديقاتهن من نساء الجيران ليشاهدن بعيونهن تهاني حين تفتح لهن الباب فيخرج ناصر من مخبئه على أساس أنه كان معها ويكن بمثابة الشهود على الواقعة إذا حاولت الإنكار. هكذا تم الترتيب لفضح تهاني وفعلاً تحقق لنادية وبناتها مرادهن فقد عدّن إلى المنزل وفتحت لهن الباب ورأت نساء الجيران ذلك الشاب ناصر وهو يغادر المنزل هارباً وعلى وجهه آثار أحمر شفاه.. حاولت تهاني لحظتها أن تبرر وتوضح لهن الحقيقة لكن موقفها كان صعباً للغاية.. ومن يومها صارت العمة نادية تتسلى بتهديد زوجة أبنها تهاني بالفضيحة المعززة بالشهود حتى رضخت لها في نهاية المطاف وسارت على دربهن وانغمست في حياة المتعة العابرة. وانسجمت تهاني مع الوضع فصارت واحدة منهن حتى غرقت تماماً في هذه الحياة فتلهف لجمالها هواة السمر والسهر وصاروا يميلون لها أكثر لكونها جميلة وصغيرة في السن وفوق ذلك صارت تخرج من المنزل وتغيب لأوقات قد تصل إلى يومين متواصلين في بعض الأحيان فبلغت أخبار مشاويرها إلى مسامع أهلها وقام أحد أشقائها بمراقبة تحركاتها ليضبطها وهي تدخل إحدى الشقق وعندما طرق الباب خلفها ورفضوا أن يفتحوا له تعصب وأخذ يطلق النار من مسدسه محاولاً فتح الباب مما لفت نظر الجيران فسارعوا لإبلاغ الجهات الأمنية التي حضرت إلى المكان وداهمت الشقة واصطحبت تهاني ومن معها للتحقيق والتي بدورها كشفت عن تفاصيل رحلتها ابتداءً من سهرات العمة وبناتها وانتهاءً بحيلتهن لإيقاعها في الفخ ليتم بعد ذلك استدعاؤهن والتحقيق معهن أما تهاني فقد طلقها زوجها على الفور بمجرد أن وصل إليه الخبر..